خبر « شكرا ووداعا ».. غلاف العدد الأخير لصحيفة بريطانية بعد 168 عاما من الصدور

الساعة 12:01 ص|11 يوليو 2011

"شكرا ووداعا".. غلاف العدد الأخير لصحيفة بريطانية بعد 168 عاما من الصدور

فلسطين اليوم: لندن

صدر العديد الأخير من الصحيفة البريطانية «نيوز أوف ذا وورلد» أمس قبل إغلاقها على خلفية فضيحة القرصنة التي تعرضت لها هواتف عدد كبير من الأشخاص. وتضمنت الصفحة الأولى للصحيفة عبارة: «شكرا ووداعا» لتحية قرائها للمرة الأخيرة. وجاء في العدد الأخير للصحيفة الذي تضمن عددا من الموضوعات التي ساهمت في شهرة الصحيفة: «بعد 168 عاما، أخيرا نقول وداعا حزينا ولكن فخورا للغاية لقرائنا المخلصين». واعترفت الصحيفة في تقرير في هذا العدد بأن هناك أخطاء ارتكبت. وقالت الصحيفة: «ببساطة لقد ضللنا طريقنا.. لقد تعرضت هواتف أشخاص للقرصنة، والصحيفة تأسف لذلك آسفا شديدا». وفي الوقت نفسه، أضافت الصحيفة: «نأمل بعد اعترافنا بهذا الخطأ الجسيم أن يحكم التاريخ علينا في نهاية الأمر على أساس كل سنوات الصحيفة». ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن يصل روبرت مردوخ، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «نيوز كوربوريشن» الذي قرر إغلاق الصحيفة، إلى لندن لمواجهة الغضب الذي أثاره تحقيق كشف كيف خضع 4000 شخص بصورة غير قانونية لأعمال القرصنة على الهواتف من جانب محققين وصحافيين بالصحيفة. كما طالت هذه الفضيحة صورة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي استعان بخدمات رئيس تحرير الصحيفة السابق إندى كولسون وهو أحد المتورطين في الفضيحة.

وصدر أمس العدد الأخير من صحيفة «نيوز أوف ذا وولد»، التي تعد واحدة من أشهر الصحف الشعبية في بريطانيا، بعد 168 عاما من صدورها، وذلك إثر فضيحة تنصت طالت كبار محرريها ومسؤوليها. وقال رئيس تحرير الصحيفة، وهو يقود فريق العمل خارج البناية مساء السبت: «هذا ليس ما كنا نريد، ولا نستحق أن نكون في وضع كهذا». وكانت الشركة المالكة للصحيفة، التي يملكها إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، قد قررت إغلاق الصحيفة عقب فضيحة التجسس التي طالت عددا من كبار محرريها ومسؤوليها الحاليين والسابقين، التي ظهرت إلى السطح خلال الأسبوع الماضي. وفي الكلمة المختصرة التي ألقاها رئيس التحرير قال: «آخر ما نقوله لقرائنا، البالغ عددهم 7.5 مليون قارئ، هو: شكرا لكم من كل طاقم التحرير لعدد يوم الأحد، والأخير». وجرى طبع خمسة ملايين نسخة منه، على أن يتم التبرع بريع بيعها لأربع جمعيات خيرية».

وكانت الصحيفة الواسعة الانتشار قد اتهمت بالتنصت على ضحايا جرائم، وشخصيات شهيرة، وسياسيين، وتقول الشرطة إنها تعرفت على نحو أربعة آلاف حالة تنصت اتهمت فيها الصحيفة. وتواجه صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» الاتهام باختراق، ليس فقط الهواتف الجوالة لسياسيين وبعض المشاهير، ولكن أيضا الهواتف الجوالة لضحايا جرائم بشعة بالإضافة لهواتف أسر الجنود البريطانيين الذين قتلوا في العراق وأفغانستان. وقد تخلت الشركات الإعلانية على نطاق واسع عن الصحيفة في أعقاب الفضيحة التي أحاطت بها. ومن بين الأمور الأخرى، فإن محققي الصحيفة متهمون أيضا بالقرصنة على هاتف ميلى دولير المراهقة التي اختطفت وقتلت عام 2002 بعدما اختفت. ويزعم أن المحققين بالصحيفة مسحوا رسائل من البريد الصوتي لهاتف الفتاة مما أعطى لوالديها «أملا زائفا» بأنها ما زالت على قيد الحياة. يذكر أن مردوخ، وهو أسترالي المولد، يمتلك في بريطانيا أيضا صحف «صن» و«تايمز» و«صنداي تايمز»، غير أن خطته الراهنة للاستحواذ بشكل كامل على شبكة «بي سكاي بي» الإخبارية الفضائية البريطانية تتعرض لتدقيق مكثف في ضوء الفضيحة.

وفي صفحة التعليقات، نشرت صحيفة الأوبزرفر مقالا للكاتب هنري بورتر يشير فيها إلى أن أيام إمبراطورية قطب الإعلام الأسترالي روبرت مردوخ في بريطانيا قد ولت. ويقول الكاتب في مستهل المقال «تحيا الديمقراطية». واعتبر أن إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، وهى جزء من إمبراطورية مردوخ بعد 168عاما من الصدور، نهاية لنفوذ سياسي يقول إن مردوخ تمتع به في بريطانيا طيلة العقود الثلاثة الأخيرة. وقد أغلقت الصحيفة بسبب فضيحة تنصت صحافييها على الهواتف الخاصة بالكثير من الشخصيات العامة والسياسيين في بريطانيا.

واعتبر أن إغلاق الصحيفة يعني أن الأمة البريطانية شعرت بالقرف من سلوك صحافييها، ووضعت خطا فاصلا يقول به البريطانيون إنهم ليسوا من النوع الذي يدعم أمثال هؤلاء الناس المسؤولين وهذا السلوك عن طريق شراء منتجهم، وهي صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، أو الإعلان فيها أو التسامح مع ممارساتها. ويعتقد الخبراء أن ما يحدث مع إمبراطورية مردوخ له مسحة من ثورة الربيع العربي. وهناك شعور، بأن المجتمع البريطاني شعر بالتحرر في نهاية هذا الأسبوع، الذي شهد إغلاق الصحيفة، كما أن نظام بريطانيا السياسي أصبح أكثر حرية؛ بل وأنظف قليلا. ويتوقع أن «تكون العلاقة بين وسائل الإعلام والسياسيين والناس قد تغيرت للأبد». وعنونت الصحيفة الصفحة الأولى لعددها الأخير رقم 8674 «بحزن.. لكن بفخر كبير» وودعت ما يقارب 7.5 مليون قارئ قائلة: «شكرا لكم.. وداعا». وتضمن العدد الأخير من الصحيفة نسخة مصورة لأول افتتاحية لها مؤرخة بالأول من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1843. كما تضمن العدد الأخير وفي الصفحة الثالثة مقالة تعتذر من خلالها الصحيفة عن ما بدر منها خلال الأعوام الأخيرة وعن تصرفات الآخرين الذي عملوا باسمها التي لا تتناسب مع المعايير العالية التي تتمسك بها الصحيفة. وقالت: «لقد انحرفنا عن الطريق، واخترقنا الهواتف، والصحيفة تعتذر عن هذا التصرف كله». وأشارت الصحيفة إلى أن جميع الأرباح التي ستأتي من بيع العدد الأخير التاريخي ستصرف على الأعمال الخيرية. وقد طبع 5 ملايين نسخة من العدد الأخير، مقابل 3 ملايين للأعداد التقليدية، وهو يتضمن 68 صفحة تذكارية، وملاحق تذكر بأكثر الأحداث شهرة تم نشرها على صفحات الصحيفة سابقا، كوفاة الأميرة ديانا وغيرها، وحياة الأميرة مارغريت من مولدها 1930 حتى وفاتها 10 فبراير (شباط) 2002، وعدد آخر متميز عن الملكة الأم التي توفيت 31 مارس (آذار) 2002، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الحياة الخاصة لعشرات من الساسة والمشاهير.

وألقي القبض يوم 8 يوليو (تموز) على إندي كولسون رئيس تحرير الصحيفة السابق، المستشار السابق لدى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وعدد آخر من العاملين في الصحيفة، وفي حال إثبات أنهم متورطون بالتنصت فسيحكم عليهم بالسجن لمدة 7 سنوات.

من جهته، قال روبرت مردوخ أول من أمس إن قرار إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد» كان قرارا جماعيا. وتحدث مردوخ بإيجاز لدى دخوله اليوم الأخير لمؤتمر «ألين آند كو» الإعلامي السنوي في صن فالي بولاية إيداهو رغم أن الفضيحة المتنامية للتنصت على هواتف تهدد عمليات شركته الإعلامية «نيوز كورب» في بريطانيا. وقال وهو يترجل بصحبة زوجته ويندي وابنه لاخلان إنه ليس لديه أي تعليق آخر على الموقف. وكان أصغر أبناء مردوخ الذي يشغل منصب نائب المدير التنفيذي لـ«نيوز كورب» قال قبل أيام إن الشركة ستغلق الصحيفة الشعبية «نيوز أوف ذا وورلد» التي تقع في قلب فضيحة التنصت. واختتم المؤتمر أعماله في وقت سابق السبت بعد حديث مارك زوكربيرغ رئيس مجلس إدارة موقع «فيس بوك» وبيل غيتس مؤسس شركة «مايكروسوفت» مما أتاح الفرصة لمردوخ للتوجه لبريطانيا ليصل إليها أمس آخر يوم لصدور الصحيفة إذا ما رغب في ذلك.

وكانت «نيوز أوف ذا وورلد» التي اشتراها مردوخ في عام 1969 أول عملية استحواذ على صحيفة في بريطانيا. وواصل مردوخ بناء إمبراطورية عالمية من خلال الاستحواذ على صحف أخرى مثل «لندن تايمز» و«وول ستريت جورنال».