خبر أين الكوتج السياسي..هآرتس

الساعة 09:26 ص|08 يوليو 2011

بقلم: يوئيل ماركوس

بينما تحدث في منطقتنا الثورات، تسقط الانظمة الفاسدة، يكافح الناس في سبيل حرية التعبير والاختيار، بينما في سوريا لا يزال يسفك الدم – في اسرائيل، التويتر والفيس بوك اللذان حفزا الملايين للكفاح ضد الانظمة الفاسدة نجحا في أن يخفضا، حاليا بقدر قليل، سعر جبنة الكوتج. بدأ هذا شاب يدعى اسحق الروف، شماس من بني براك وأب لطفل دعا جمهور المستهلكين الى مقاطعة منتجات الكوتج الى أن يخفضوا الاسعار.

        كانت استجابة الجمهور مفاجئة لان هذا كان اعلان حرب من الرجل الصغير ضد بضع عائلات تسيطر على الاقتصاد، وتملي مذاق المنتجات واسعارها. ما لم تنجح فيه الحكومة – هل سبق أن سمعتم عن تعبير المال والسلطة؟ - يفعله الجمهور. فقد توقف عن شراء المنتجات الى أن استسلم أصحاب المال، الذين رأوا منتجاتهم تفسد على الرفوف. كيف قال الجنرال باركر، قائد القوات البريطانية في بلاد اسرائيل: اضربوا اليهود بجيوبهم. لم يتصور بان اليهودي يمكن ان يضرب اليهودي بجيبه أيضا.

        أين هو ذاك الجمهور، الذي يعرف كيف يثور عندما يتعلق الامر بجيبه وكرشه، حين يدور الحديث عن كوتج وجودنا ومستقبلنا؟ عندما تطلق لاول مرة  في العالم شكوك عن مجرد حقنا في الوجود كدولة يهودية؟ ماذا ينبغي ان يحصل أكثر كي يقول الشارع الاسرائيلي، الذي كان حتى الان مصمما في الكفاح في سبيل منتج غذائي واحد، كفى للمراوحة في المكان بلا سلام، مما يؤدي بنا الى الجمعية العمومية للامم المتحدة التي تعد لنا مفاجأة سيصعب علينا ابتلاعها؟

        فجأة بعد 62 سنة، المزيد فالمزيد من الدول في العالم تتساءل اذا كان لنا مبرر للوجود هنا كدولة يهودية. بين اولئك الذين يعملون ضدنا يوجد ايضا يهود، امريكيون شباب، مفعمون بالانتقاد على سلوكنا. ما كان جيدا في عهد اسحق شمير (حين لا نفعل شيئا ولا نبادر الى أي شيء) هو الان مراوحة فتاكة في المكان.

        وصف مراقب سياسي المزاج الاسرائيلي بانه "متلازمة المقهى"، التي ميزتنا دوما: اذا كانت هناك عمليات ارهابية في المقاهي، لا تبادر الى المفاوضات مع الارهابيين. ولكن بالمقابل اذا لم تكن هناك عمليات ارهابية، فلماذا نتحدث مع الارهابيين؟

        الحكومة لا تعطي الاحساس بان المبادرة للسلام يجب أن تكون في كل الاحوال. لا تعطي الاحساس بان قراراتها تدرس بعمق وبعقل. خذوا مثلا الحكومة التي "تقرر" من جهة أن تعيد الى السلطة الفلسطينية جثامين 84 ارهابيا، وبعد يومين تقرر الغاء البادرة الطيبة. فلماذا؟ لان بيبي قرر وباراك الغى بدعوى أن هناك جثامين لمخربي حماس، او لان هذا ليس جيدا لموقف الجمهور من موضوع جلعاد شليت. اذا كان هذا التفكير بالموتى يمكن أن يحصل، فكيف يبنى تفكيرنا في مواضيع الناس الاحياء؟

        حان الوقت لان نسأل أنفسنا بضعة اسئلة عن طريقة تفكيرنا: هل ينبغي لنا حقا ان نبقى في غور الاردن؟ فلماذا؟ فليتواجد هناك مراقب يحذر عندما يكون صاروخ نووي ايراني في الطريق الينا؟ او مثلا: هل حقا حدود 67 التي نثور جدا ضد أن تكون الاساس للتسوية، هي حقا "حدود اوشفتس" على حد تعبير أبا ايبان؟ أوليس من حدود 67 حققنا النصر العسكري الاكبر الذي كان لنا؟ هل حقا يوجد خطر ديمغرافي؟ اذا قلنا لا، فهل سيكون فظيعا جدا اذا ما استوعبنا بضعة لاجئين؟

        هل حقا مهم جدا مطلبنا بان يعترفوا بنا كدولة القومية اليهودية؟ فاليهود اصبحوا امة في القرن الـ 13 قبل الميلاد، عندما جلبهم سيدنا موسى الى بلاد كنعان. البيت الاول هدم قبل 586 من الميلاد، البيت الثاني هدم بعد 70 سنة من الميلاد. فهل سمع أحد ما في حينه عن اسم فلسطين؟ هي في قرار الامم المتحدة 1947 ذكرت على الاطلاق دولة فلسطينية؟ أي نكتة هي المطالبة بان يعترفوا بنا كيهود.

        كلما مر الوقت تبرز المسافة والاغتراب بين الجمهور الاسرائيلي وزعمائه، وزرائه ومليونيرييه. ليس لمعظم الجمهور احساس بان هناك كبيرا مسؤولا جماعيا، يقودنا الى السلام. الاصوليون والمتزمتون يقررون على الارض قواعد السياسة لدولة اسرائيل.

        أين ثورة الكوتج السياسية، التي تحطم نهائيا حلم بلاد اسرائيل الكبيرة.