خبر الود.. هل يعود مجددا بين أنقرة وتل أبيب؟

الساعة 05:16 ص|08 يوليو 2011

الود.. هل يعود مجددا بين أنقرة وتل أبيب؟

فلسطين اليوم-الأهرام المصرية- سيد عبدالمجيد-أنقرة

تصريحات هنا وهناك بدت وكأنها تنبئ بفصل بارد آخر يضاف إلي المسيرة المتردية أصلا بين أنقرة وتل أبيب فقبل اسابيع تعد علي اصابع اليد الواحدة

خرجت من اسطنبول  تأكيدات أفادت بأن جمعيات الإغاثة الاناضولية مصرة علي تيسير قافلة جديدة تدخل ضمن الاسطول الدولي للمساعدات الإنسانية والذي يحمل رقم 2 إلي الاشقاء في فلسطين المحتلة علي أن يتزامن إنطلاقها في الذكري الأولي لهجوم البحرية الإسرائيلية علي سفينة الحرية قبل ما يزيد عن إثني عشر شهرا والذي راح ضحيته تسعة من المواطنين الاتراك.

بالتوازي كان مكتب بينيامين نيتنياهو يهدد ويتوعد بإتخاذ إجراءات رادعة ضد أي إقتراب من سواحل غزة مؤكدا في الوقت ذاته رفضه تقديم أي إعتذار أو دفع تعويضات جراء ماحدث للعبارة' مرمرة الزرقاء' في شرق المتوسط نهاية مايو من العام الماضي.

لكن فجأة إختفت أنباء القافلة ومعها التصريحات النارية للقائمين عليها بيد أن الشهر الذي شهد' الهجمة الصهيونية البربرية' ضد' الناشطين الأبرياء وهم يرفعون' البيراك' التركي بلونه الأحمر وهلاله الأبيض' الذين أرادوا' مد يد العون للمحرومين المحاصرين من أبناء الشعب الفلسطيني' مر دون خبر واحد وقبل أن ينتهي' حزيران' كان واضحا أن قرارا ما إتخذ ولم يكن مصدره فقط أصحاب البواخر الإنسانية أو ممولو حمولتها وإنما إنطلق من أنقرة وتحديدا من' الباشباكللنك' مقر مجلس الوزراء حيث يتربع العدالة والتنمية دون شريك.

فزعيم الأخير بدا وكأنه حسم أمره وقرر أن ينحو منحي مختلفا تجاه إسرائيل وأنه عقد العزم علي الولوج في طريق ينتهي عاجلا أم آجلا إلي بدء صفحة جديدة بين أنقرة وتل أبيب أما عن مشهد الغضب والذي كان مسرحه مدينة دافوس السويسرية عام 2008 ضد شيمون بيريز وفيه صاح اردوغان مكررا' وان مينت' أي دقيقة واحدة قبل إنسحابة التراجيدي فلا بأس من نسيانه فتداعياته حتي وأن جعلته لبعض الوقت بطلا مغوارا لدي الناطقين بلغة الضاد وفي زمن خلا من الابطال إلا أنها تركت أثارا سياسية سلبية علي وضع تركيا في الغرب إجمالا والولايات المتحدة الإمريكية بصفة خاصة.

وكان طبيعيا أن تظل الرغبة في التصالح والمصالحة مع الدولة العبرية بعيدا عن أي تناول وهذا له أسباب من أهمها التريث حتي يمكن صياغة المبررات التي سيتم تسويقها للمواطنين الذين تم شحذهم برفض اي تنازل في حق ضحايا أسطول الحرية بالاضافة إلي الانتظار حتي يسدل الستار علي آخر إنتخابات تشريعية يشارك فيها رجب طيب اردوغان بصفتيه كنائب وكرئيس لحزب وكبادرة حسن نية وبالتزامن مع إستقبال مسئولين إسرائيليين بشكل سري كان لابد من الغاء مشروع المساعدات لغزة وهذا ما حدث بالفعل.

ويالها من سخرية فعندما أعلن كمال كيلتش دار أوغلو زعيم الشعب الجمهوري المعارض أن حزبه حال تصدره نتائج المارثون الانتخابي والذي جري في الثاني عشر من الشهر الماضي سيسعي إلي تحسين علاقات بلاده بإسرائيل هنا هاجت عليه الحكومة وراح رئيسها يزايد عليه متهما إياه ببيع دماء الشهداء إلي المحتلين الغزاة من هنا كان المأزق ولن يزول بسهولة.

غير أن الكتمان والتحوط لم يفلحا في تأجيل الإفصاح عما يدور خلف الأبواب المغلقة فالميديا الغربية بدأت تكشف النقاب عن الاتصالات السرية الجادة التي تعكس رغبة الطرفين التركي والإسرائيلي في تدشين خطوة إلي الأمام وفي حوار خاص لصحيفة حريت التركية نشر يوم الجمعة قبل الماضي اكد المتحدث بأسم الخارجية الامريكية' فكتوريا نولاند' بوجود تلك المساعي مشيرا إلي أن تطبيع العلاقات سيمكن أنقرة من جني عدد من المكاسب المهمة منها موافقة الكونجرس خلال العام الحالي علي صفقة بيع طائرات مروحية طراز' كوبرا' كما ستتخلص تركيا من ملاحقات إدعاءات الابادة الجماعية للأرمن أبان الحرب العالمية الأولي من القرن المنصرم وهو السيف المسلط علي كل ساكني هضبة الأناضول والذي يشهر في وجهها كوسيلة إبتزاز بين الحين والآخر.

وبدوره اعلن السفير الاسرائيلي لدي واشنطن' ميشيل اوران' بأن المفاوضات مع' وريثة الإمبراطورية العثمانية' هي من اجل ايجاد صيغة توافقية ترضي كلا الطرفين تمهيدا لترميم علاقات لا يمكن أن تستمر فاترة أكثر من ذلك لسبب بسيط هو أن التواصل شكل قاعدتها منذ أن اعترفت الجمهورية الكمالية بإسرائيل في 1949 وخلال العقود التالية علي هذا التاريخ نشات مصالح حيوية تجذرت بمرور الوقت وبالتالي من الصعوبة بمكان وأدها تحت اي دعاوي.

ومن ثم فما يحدث الآن من تقارب أمر منطقي زاد من ضرورة التسريع في وتيرته ما تموج به منطقة الشرق الاوسط من رياح عاتية تعيد تشكيل جغرافيا سياسية مغايرة وها هي سوريا تلفها دوامة عاتية لن ينجو منها نظام بشار الأسد ولعل تركيا ادركت حتي وأن لم تعلن ذلك صراحة أن جارتها التي تشاركها أطول حدودها في طريقها لإختيار بديل للبعث ورئيسه فلماذا تبق أذن علي علاقاتها مع نظام تتآكل شرعيته تدريجيا وهي الراغبة في القيام بدور إقليمي فعال يعيدها مجددا إلي بؤرة الإهتمام الدولي يكون سندا لطموح اردوغان حينما يصبح رئيسا لتركيا وحتي لا تصبح نشاز في محيطها الاوروبي بدأت تدير ظهرها لحكام دمشق وهو موقف نال ولا شك إستحسان الساسة في إسرائيل والمعارضة السورية في آن واحد وهنا تبدو مفارقة فربما يأتي يوم تقوم تركيا فيه بدور الوسيط المباشر بين تل أبيب ومع من يحل محل الاسد الابن.

في هذا الاتون المشتعل حط خالد مشعل كادر حماس الشهير رحاله ضيفا علي أنقرة في نفس توقيت زيارة الرئيس محمود عباس طالبا من أصدقائه الأتراك التدخل كوسيط في الخلاف الفلسطيني المحتدم بشأن تشكيل الحكومة التوافقية وقد وافقت أنقرة بكل سرور وبرغبة من البيت الابيض رحبت إسرائيل التي باتت ممتنة' للسلوك الاردوغاني المختلف.