خبر المصالحة الفلسطينية والانزعاج الصهيوني .. أسامة عبد الرحمن

الساعة 01:24 م|07 يوليو 2011

منذ أن أعلن عن موعد توقيع المصالحة الفلسطينية، أبدى الكيان الصهيوني انزعاجه، وخيّر رئيس الوزراء الصهيوني رئيس السلطة الفلسطينية، بين السلام مع الكيان الصهيوني أو مع حماس، وهذا الموقف الصهيوني مثير للسخرية، إذ إن الحكومة الصهيونية لم تكن أبداً منحازة للسلام، بل منحازة تماماً للعدوان على الشعب الفلسطيني، والحق الفلسطيني، ولقد أحرجت الولايات المتحدة وهي الحليف الاستراتيجي للكيان الصهيوني، وأجهزت على خطته المرتكزة على تجميد الاستيطان لفترة مؤقتة، والإصرار على التوسع في بناء المستعمرات الصهيونية بوتيرة متصاعدة ومحاولة فرض شروط تعجيزية من قبيل الاعتراف بيهودية الدولة .

ولعل الولايات المتحدة بادرت بإبداء تحفظها مشترطة أن تلتزم حماس بمبادئ الرباعية، بمعنى أن تنبذ العنف، وتقبل الاتفاقيات المبرمة، وتعترف بالكيان الصهيوني، مجددة تصنيفها لحركة حماس بالإرهابية . وقد أكد أوباما في خطابه الأخير، أنه من غير الممكن التفاوض مع طرف فلسطيني يضم حماس، وهو بهذا يحاول ضرب المصالحة الفلسطينية في الصميم .

وواضح أن الموقف الصهيوني، وكذلك الموقف الأمريكي، ليس فيهما جديد، ولكنه يضع المصالحة الفلسطينية أمام تحديات كبيرة، وهي تحديات معروفة، وتبقى السلطة الفلسطينية محور الاختبار الحقيقي . فهي التي تتكثف الضغوط عليها من قبل الكيان الصهيوني أو من قبل الولايات المتحدة .

ربما قال قائل، ولماذا لا تقبل حماس بشروط الرباعية، طالما قبلت بالعملية السياسية؟ ولكن هذا السؤال قد يرد عليه بسؤال أهم، وهو لماذا لا يعترف الكيان الصهيوني بالدولة الفلسطينية؟ وكيف يطلب من حركة تحت الاحتلال، أن تعترف بأهلية الاحتلال، ووجوده، وأن تتخلى عن أي وسيلة مشروعة لمقاومة الاحتلال .

ولعل الخطأ الذي وقعت فيه القيادة الفلسطينية في اتفاقياتها المهترئة مع الكيان الصهيوني أنها اعترفت به، مقابل لا شيء، سوى تشكيل سلطة تتولى أموراً إدارية وأمنية، على جزء محدود من الأرض الفلسطينية يظل خاضعاً للاحتلال واختراقاته .

إن المصالحة الفلسطينية تستدعي ترتيباً مؤسسياً راسخاً وبرنامجاً وطنياً واضحاً والتزاماً حقيقياً بهما، وهي أكبر بكثير من محفل أو احتفال يتم فيه التوقيع وتبادل الابتسامات والتقاط الصور في مظهر إعلامي ولغة إعلامية . هذا الإطار المؤسسي والترتيب المؤسسي محوره الديمقراطية الحقيقية داخل البيت الفلسطيني بمعنى الارتكاز على إرادة الشعب الفلسطيني وصوته وتمثيله على أسس حقيقية واعتماد الرأي الجماعي والقرار الجماعي، الذي يحفظ الحق الفلسطيني، ويحفظ الكرامة الفلسطينية، ويعبر تعبيراً صادقاً عن الإرادة الفلسطينية، وفي هذا الوضع ستكون المصالحة الفلسطينية قادرة على الصمود أمام كل التحديات وسيكون الموقف الفلسطيني قوياً، والصوت الفلسطيني قوياً، وبالطبع ستكون الإرادة الفلسطينية قوية ويكون الحق الفلسطيني قوياً . ربما يكون الاتفاق على البدء بتشكيل حكومة فلسطينية من كفاءات غير منتمية لفتح أو حماس هو لتفادي الموقف الأمريكي والغربي بعدم التعامل مع أي حكومة تمثل فيها حماس من دون التزامها بشروط الرباعية وأهمها الالتزام بالاتفاقات السابقة، ونبذ العنف والاعتراف بالكيان الصهيوني، وكذلك رفع الحرج عن الحكومة في تعاملها مع المجتمع الدولي، ونأياً عن الاقتسام الفصائلي للمناصب الحكومية من دون إطار مؤسسي راسخ .