خبر سياسة المقابر- هآرتس

الساعة 09:56 ص|07 يوليو 2011

سياسة المقابر- هآرتس

بقلم: الون عيدان

يثير الاهتمام أن الحيرة التي صحبت قضية نقل جثث المخربين الى السلطة الفلسطينية قد اتصلت على الخصوص بـ "تعوج" حكومة اسرائيل. أي امور تكتيكية سياسية داخلية وخارجية. أوقع وزير الدفاع رئيس الحكومة في شرك فهب مستشار الامن القومي للمساعدة، وعارض اعضاء السباعية، وسرب الوزير الفلسطيني للشؤون المدنية. ان قضية القبور التي اصابتنا لم تقلق احدا نعني تصنيف الجثث على حسب التواريخ، وتصنيف الموتى من اجل التفاوض، وتجميد المحادثات على خلفية خطأ في التشخيص التشريحي.

ينبغي ان ننظر في هذا الخطاب المعوج كما هو. فهو أنه انشغال بالموت بمفاهيم الحياة. هذه سياسة مقابر. كان عماد عوض الله مثلا "مسؤولا كبيرا في الذراع العسكرية لحماس". بعد ذلك مات ودفن في مقبرة المخربين في غور الاردن. والحديث عن مقبرة مهملة تبدو مثل ميدان رمل ضخم حوله اشجار شائكة. امتلأت هذه المقبرة حتى اكتظت، واعمال الموت تزهر في المكان. ان حقيقة ان انسانا مات ودفن وان جثته ستبلى قريبا لا تؤثر في شيء. فهو بالنسبة الينا خارج القائمة. هذه مسألة مبدأ. والمبدأ هو ان الموت استمرار للحياة بصورة اخرى. أي أن هذا الميت لا يزال حيا لهذا لا احتمال ان نعيده الى السلطة. فمن يعلم، ربما يعاود تنفيذ عمليات. ان تناول اعادة الموتى باعتبارها "تفضلا" يشهد على أننا تبنينا المصطلحات البدائية المستعملة في المنطقة المقترنة بالقسوة وتحقير الميت. عندما يطلب حزب الله تحرير مئات المخربين مقابل جثتي الداد ريغف وايهود غولدفاسر نعلم على نحو غريزي ان الانشغال السياسي بجثث البشر قد يثمر نتائج ذات قيمة قيمة. نحن نستدخل هذه الحقيقة ونستعملها بعد ذلك. ان الاستعمال الحربي يغيب التصور الانساني، ويتبخر أمر الضمير ازاء مشاعر الانتقام. ليست عندنا القدرة على الانفصال عن عادات اعدائنا المعيبة والامتناع عن المشاركة في هذه اللعبة القبيحة. واسرائيل بهذا المعنى تندمج جيدا في الشرق الاوسط.

ينبغي أن نصغي الى تساؤل وزير الداخلية ايلي يشاي لندرك مصدر الظلام الذي يلفنا. "هل يخطر بالبال تنفيذ هذا التفضل الشامل في حين لا يحظى جلعاد شليت باي تفضل؟"، يسأل يشاي، "ينبغي ان نحتفظ بكل شيء يستطيع أن يقصر مدة اسر جلعاد حتى بدقيقة واحدة". "تفضل شامل" – أي نقل جثث متعفنة بعض مئات من الامتار الى الشرق. و "كل شيء" – أي جثة لكن ماذا عن اصبع او قدم او عين او أنف؟ و "جلعاد شليت" بالطبع وهو شهادة التأمين الوطنية التي تسوغ كل سلوك غير اخلاقي.

هذا السلوك في الاساس استعارة دقيقة لما سمي ذات مرة "مسيرة السلام". ان عباءة الموت الدائمة للصراع أُلبستها هذه المرة قضية الجثث. وانتقل مصطلح "التجميد" الى صعد اخرى؛ وتحمل الاحاديث المتفاصحة الجوفاء مثل "مخربين ملطخي الايدي بالدماء" الان  على من لم يعودوا احياء؛ ويشحن حق العودة فجأة بمعنى جديد.

عندما غضب اعضاء المجلس الوزاري المصغر والسباعية في وسائل الاعلام على قرار نقل الجثث اضطر باراك الى أن يدافع عن نفسه وقال: "في المحادثات مع الفلسطينيين اثير نقل جثث موجودة في مقبرة ميدانية. اخذت هذه الجثث تختفي، وبعد قليل لن يكون هناك ما ننقله". ما كان حانوخ ليفين ليصوغ هذا الامر على نحو أفضل.