خبر غزة: عندما تحفر الأيادي الناعمة ممرات الموت

الساعة 06:22 م|06 يوليو 2011

غزة: عندما تحفر الأيادي الناعمة ممرات الموت

فلسطين اليوم- غزة (خاص)

أمر معتاد أن ترى في قطاع غزة أطفالاً يعملون في مهن مختلفة، خاصةً في فصل الصيف حيث يستثمر بعض الأطفال إجازتهم في عمل يُدر دخلاً ولو بسيطاً على عوائلهم، ولكن الأمر المقلق أن ترى أطفالاً يعملون في الأنفاق التي انتشرت خلال السنوات الماضية على الحدود مع مصر.

 

والأنفاق هي ممرات يتم حفرها حول الحدود الجنوبية مع مصر وقد انتشرت بكثافة عقب فرض الاحتلال الصهيوني حصار شديد على القطاع, حيث أصبحت ملاذاً لكثير من المواطنين لجب المستلزمات الإنسانية والحياتية خاصة بعد الحرب الصهيوني أواخر عام 2008 والتي قضت على البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني.

 

وعلى الرغم من حالات الوفاة التي تسبب بها العمل في هذه الأنفاق نتيجة الصعقات الكهربائية، وتدميرها على حافريها وانهيارها، إلا أن العمال يصرون على العمل بها لأسباب تكمن في البطالة المتزايدة في القطاع، ولجوء عدد من العاطلين عن العمل لها كمصدر رزق، فضلاً عن اعتبارها وسيلة للتبادل التجاري وعمل صفقات تجارية مع مصر.

 

عائلات بأكملها تعيش من وراء هذه الأنفاق، لكن الموت يكون سابقاً لرزقها، فيخيم الخوف على أطفالها، وهو ما شرحته أم سعيد حامد لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، التي يعمل في الأنفاق نجليها، مشيرةً إلى أن أبنائها يعملون في الأنفاق منذ عام تقريباً، ولم تعلم بذلك سوى منذ خمسة شهور.

 

وتشير، إلى أن أبنائها يعانون أمراضاً عدة نتيجة هذا العمل، ولكنهم يرفضون الكف عن هذا العمل نتيجة حاجتهم للعمل، مضيفةً أن زوجها مقعد ولا يعمل، بينما ينفق أبنائها على مصاريف البيت.

 

من ناحيته، يرى الدكتور معين رجب أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة أن العمل في الأنفاق مهنة اضطرارية نشأت في ظل ظروف الحصار، وغالبية العاملين فيها شبان وفتية عجزوا عن إيجاد فرص عمل مناسبة بسبب ظروف الحصار.

 

وأشار رجب إلى أن العاملين في هذه المهنة يتعرضون لأنواع عديدة من المخاطر قد تصل إلى حد الموت أحيانا، كما أنهم يبذلون جهدا بدنيا كبيرا مقابل دخل متفاوت وغير مستقر، وكثيرا ما يتعرضون للاستغلال.

 

ورغم تأكيده أنها مهنة غير قانونية فرضتها الظروف، إلا أنه أشار إلى ضرورة وضع معايير وضوابط تحدد ظروف وآليات العمل فيها، لتكفل حقوق العمال وتمنع الاستغلال وتحد من الاحتكار، بما يعطي العاملين فيها حقوقهم ويحميهم من عمليات النصب التي قد يتعرضون لها.

 

واقترح رجب أن تتولى جهة أو مؤسسة ما عملية تنظيم تلك المهنة على أن تتولى جهات حكومية عملية الإشراف والمتابعة، مشدداً على ضرورة تنظيم هذه المهنة من منظور مؤقت طالما أنها قائمة.

 

وكانت مؤسسات حقوقية قد حذرت من خطورة الاستغلال السيئ للأطفال في عمليات التهريب وحفر الأنفاق والذي يشكل مخالفة للقانون الفلسطيني والدولي، إضافة إلى الاستهتار الشديد من الأهل الذي يدفعون أبناءهم للعمل في مجالات خطرة جدا، رغم معرفتهم المسبقة للمخاطر المحدقة .

 

ونوهت، الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون بقطاع غزة، إلى التقاعس الواضح من الجهات الرسمية المعنية ومن منظمات حقوق الإنسان في منع عمالة الأطفال في الأشغال الخطرة وخاصة في الأنفاق التي تنتشر على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع جمهورية مصر العربية.

 

كما أكدت الجمعية الوطنية رفضها القاطع لهذه الظاهرة الخطيرة والمدمرة، ودعت للتصدي لها، مطالبةً بإخراج الأطفال من السراديب المظلمة، وإعادتهم على نور العلم من جديد وتأهيل من يعانون منهم من مشاكل سلوكية ونفسية، أو من أدمنوا على تعاطي بعض أنواع العقاقير المخدرة .

 

كما دعت منظمات حقوق الإنسان، والمؤسسات المعنية بحقوق الطفل بالعمل معها لتشكيل لوبي ضاغط، يضمن إنهاء تلك الظاهرة مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لرفع الحصار عن قطاع غزة وفتح كافة المعابر التجارية، وإدخال كافة السلع والبضائع، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إغلاق الأنفاق تلقائياَ .