خبر الدولة ضد الفيس بوك- هآرتس

الساعة 08:39 ص|06 يوليو 2011

الدولة ضد الفيس بوك- هآرتس

بقلم: الوف بن

المضمون: انتصرت الدول من جديد على الشبكات الاجتماعية والجمعيات والمثال على ذلك قدرة حكومة اليونان وتركيا واسرائيل على احباط القافلة البحرية الى غزة - المصدر).

أوقفت اليونان ابحار قافلة الاحتجاج البحرية الى غزة، ومنعت تركيا قبل ذلك سفنها من المشاركة في المظاهرة البحرية. السياق السياسي واضح وهو أن اسرائيل تقوى على خلفية الثورات في العالم العربي، وتجذب اليها حلفاء واصدقاء يتركون من اجلها الفلسطينيين والمعسكر الموالي لايران. ألف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تأليفا صحيحا بين اجراءات دبلوماسية وتهديدات باستعمال القوة وصُدت القافلة البحرية. لكن لوقف القافلة البحرية معنى أوسع يتجاوز لعب القوة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط. فقد تولت الحكومات القيادة وأوضحت أنها لا الركاب والربابين التي ستقرر هل تبحر السفن في طريقها. غضب منظمو الاحتجاج لكن ظلوا عاجزين إزاء حرس السواحل اليوناني.

قالوا لنا حتى الآن ان الحكومات قد أخذت تفقد قوتها التي تنتقل الى أيدي المدنيين المنظمين في جمعيات وشبكات اجتماعية مثل الفيس بوك وتويتر. حركات الاحتجاج والشبكات الرقمية تتجاوز الحدود ولا تخضع في ظاهر الامر للساسة وموظفي الهجرة ومراقبي الجمارك. وتستطيع فكرة تحظى بالشعبية في الفيس بوك مثل احتجاج الكوتج في اسرائيل ومظاهرات ميدان التحرير في القاهرة أن تُخضع المديرة العامة لتنوفا أو أن تسقط حسني مبارك من الحكم في مصر. هنا تبين انه في العالم الحقيقي الذي يسكنه البشر والسفن والطائرات، ما تزال الدول قوية وتستطيع التغلب على تنظيمات مدنية.

كان اسامة ابن لادن الذي انشأ القاعدة بصفة منظمة مفرقة ليست لها ارض ونجحت في أن تضرب قلب القوة العظمى الامريكية، كان أول من ترجم الشبكة الاجتماعية الى قوة عسكرية وسياسية. بشّرت احداث الحادي عشر من ايلول 2001 بالصراع بين الحكومات والنظام القديم الذي اعتمد على حدود دولية صارمة، والعالم الفوضوي المفتوح للقرن الواحد والعشرين الذي يكفي فيه حاسوب شخصي أو هاتف محمول أو اشرطة تسجيل مشوشة لاحداث ثورات. احتاجت الولايات المتحدة الى ما يقرب من عشر سنين لاعتقال ابن لادن وقتله.

تبدو الثورات في العالم العربي أنها النصر النهائي للشبكة الاجتماعية على الحكومات، مع اجهزة الامن وغرف التحقيق لديها – فقد أخرج مبادرون شباب مشاركون في تويتر الجماهير الى الميادين وأسقطوا مستبدي مصر وتونس. وهذه هي الصورة الرقمية لمقولة "يا عمال العالم اتحدوا" التي كانت ايام ماركس وربيع الشعوب الاوروبي في القرن التاسع عشر. انها الأخوة الطبقية لجيل الانترنت الذي تمرد على سلطة الآباء وغيّر العالم.

لكن كما حدث لثورات الستينيات في الغرب – التي أسقطت الرئيسين لندن جونسون وشارل ديغول ونصبت بدلا منهما زعيمين أكثر محافظة – نظمت الحكومات هذه المرة أنفسها من جديد لصد خطر ضياع سيطرتها. جرى التعبير عن هذا في الدول العربية بقمع عنيف للمظاهرات بعد الصدمة التي أحدثها خلع مبارك. وفي تركيا واليونان جرى التعبير عن هذا الاتجاه بالتخلي عن القافلة البحرية من اجل غزة المحاصرة.

يُمزق رئيس الولايات المتحدة براك اوباما كالعادة بين ميل قلبه الى المتظاهرين ومصلحته الرسمية في الحفاظ على النظام العالمي، وهذا يفسر رده على الانتفاضة في سوريا. فقد نجح بشار الاسد في أن يقنع بأنه اذا نُحي فستنقض عُرى سوريا وتتدهور الى حرب قبائل كما في افغانستان والعراق وليبيا التي انتقضت بعد اعمال الغزو الغربية. واوباما لا يريد مغامرة نازفة اخرى كهذه، ولهذا يحاول إبقاء الاسد على كرسيه مع دعوة ضعيفة الى "اصلاحات" في نظام الحكم السوري.

سعت اسرائيل التي واجهت منذ أُنشئت تنظيمات "خاصة" للفلسطينيين الذين حاولوا العودة الى اراضيهم التي كانت لهم قبل 1948 أو تنفيذ عمليات، سعت دائما الى القاء مسؤولية على دول وحكومات لتكون "عنوانا" لطلب الهدوء وجباية ثمن. وفي حالات لم تكن فيها حكومات سلمت اسرائيل مناطق ومسؤولية الى منظمات معادية (منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الله وحماس)، مؤملة أن تصبح مؤسسات فتضمن وقف اطلاق النار وسد الحدود. ولهذا من المفهوم لماذا عاود نتنياهو بعد الاخفاق في وقف القافلة البحرية السابقة حينما حارب الجيش الاسرائيلي تنظيما مدنيا وتورط، لماذا عاود النهج المعروف وهو القاء المسؤولية على الحكومات.

نجحت الحيلة حتى الآن على الأقل ومنحت النظام القديم تعزيزا آخر. انتصرت الدولة على الفيس بوك والجمعيات حتى الجولة القادمة على الأقل.