خبر احباط القافلة البحرية سياسة حكيمة -اسرائيل اليوم

الساعة 08:37 ص|06 يوليو 2011

احباط القافلة البحرية سياسة حكيمة -اسرائيل اليوم

بقلم: اوري هايتنر

المضمون: مقاربة اسرائيل لليونان بعد الخلاف مع تركيا خطوة حكيمة أفضت الى اعادة تركيا النظر في علاقتها مع اسرائيل مرة اخرى - المصدر).

        إن القافلة البحرية التركية التي خرجت الى غزة في ايار 2010 لم تبلغ غايتها، فلم تخرق الحصار البحري وفشلت في ظاهر الامر.كذلك من شبه المحقق ان القافلة الى غزة في حزيران 2011 لن تبلغ غايتها، ومن المحقق أنها لن تخرق الحصار، فالنتيجة متشابهة في ظاهر الامر. لكن أي فرق. فالنجاح في احباط القافلة البحرية الحالية ليس شيئا ضئيل الشأن. الحديث عن انجاز دبلوماسي من الطراز الاول.

        انتصرنا في الماضي أكثر من مرة في المعركة العسكرية لكننا هُزمنا في المعركة الشاملة لأننا فشلنا في المعركة السياسية. وعلى العموم يجب علينا أن نرى استعمال قوة الجيش الاسرائيلي الخيار الأخير بعد ان تستنفد جميع الاجراءات السياسية (وهذا ما كان في حرب الايام الستة كبرى انتصاراتنا). فكيف بالمعركة التي نحن موجودون فيها اليوم وهي معركة سلب اسرائيل شرعيتها. برغم أن الهدف قد أُحرز، كانت قافلة 2010 نجاحا للعدو وفشلا لاسرائيل. فقد جرنا العدو الى كمين في ميدان المعركة كان التفوق كله فيه له. كان ذلك لقاءا عنيفا مغطى اعلاميا بين جيش مسلح ومدنيين من نشطاء "السلام" و"حقوق الانسان". إن القتلى التسعة أكبر انتصار للعدو الذي كان هدفه كله أن يضعضع صورة اسرائيل وأن يعزلها وأن يسلبها شرعيتها. لم ينجح العدو في قافلة 2011 في جرنا الى هذا اللقاء. فقد أوقفت اسرائيل القافلة الاخيرة بوسائل دبلوماسية. ان الاستراتيجية الجديدة التي يستعملها العدو بنجاح لا يستهان به حتى الآن، هي استراتيجية سلب اسرائيل شرعيتها. إن هدف المعركة هو ضعضعة شرعية اسرائيل بعرض وجودها على أنه ظلم يجب ان يُزال بواسطة سلب دولة الشعب اليهودي حقها في الوجود وبعرض اسرائيل على أنها دولة فصل عنصري ودولة استعمارية مع سلبها حقها في الدفاع عن نفسها ونشر الأكاذيب عن "جرائم حرب"، و"حصار قاسٍ"، و"ازمة انسانية" ودعاوى اخرى لم تكن ولن توجد. يرمي هذا الاجراء الى عزل اسرائيل واقصائها ولفظها من عائلة الشعوب وجعلها برصاء واضعافها وخفض الروح المعنوية فيها وإحداث اليأس. إن فرية غولدستون والقوافل البحرية وسائل رائدة في هذه المعركة.

        أدارت اسرائيل في هذا الشأن سياسة ذكية تحصد نجاحات. وأكبر نجاح هو الحلف الاستراتيجي مع اليونان الذي أفضى الى ايقاف القافلة البحرية.

        إن التوجه الى اليونان رد ذكي من رئيس الحكومة على الازمة في العلاقة مع تركيا وهي ازمة بلغت ذروتها في القافلة البحرية التركية التي أيدها اردوغان. غير أن اسرائيل بدل أن تزحف نحو أنقرة وتعتذر لها عن القافلة البحرية العدوانية التي بادرت اليها لمجابهتنا وبدل أن تعرض عليها جائزة مقام الوسيطة بينها وبين سوريا والفلسطينيين، اتجهت الى عدوها الكبيرة اليونان. نمّت اسرائيل في مثابرة وتصميم حلفا مع اليونان. وقد برهن هذا الحلف على نفسه بصده القافلة البحرية. إن حقيقة أن الحلف مع حكومة اشتراكية برئاسة يورغوس بابندريو انجاز كبير وبخاصة ازاء ابتعاد اليسار الاوروبي عن اسرائيل في السنين الاخيرة. والى ذلك، فان توثيق الحلف مع اليونان جعل تركيا تفحص عن نهجها المعادي لاسرائيل وأفضى الى تغيير سياستها المعادية لاسرائيل؛ فمن الحقائق أن تركيا صرفت عنايتها عن القافلة البحرية هذه المرة.

        لا شك في أن الوضع في الدول العربية عامل مركزي في هذا التغيير. فقد أصبح حليفا اردوغان الاسد والقذافي مُقصيين لا في العالم وحده بل في نظر شعبيهما. أدركت تركيا انها خسرت الغرب وتوشك ان تخسر البديل الذي اختارته، أي محور الشر. وقد أفضى الوضع الجديد باردوغان الى أن يفحص عن علاقته مع اسرائيل من جديد. لكن الحلف مع اليونان عزز مكانة اسرائيل وجعلها عاملا يجب على تركيا ان تجتهد لتدفع ثمنا لتقترب منه من جديد.

        أفضت هذه العوامل الى تحول في علاقة تركيا مع اسرائيل. يحدث التغير برغم ان اسرائيل خطت لاول مرة، متأخرة عشرات السنين، الخطوة المطلوبة التي أحجمت عنها طوال السنين لخوفها من تركيا وهي نقاش مذبحة الأرمن في الكنيست. ينبغي أن نأمل أن تشجع ثمرات الحكمة السياسية التي أظهرتها اسرائيل في هذا الشأن، أن تشجع الحكومة على مداومة هذا النهج وقيادة اسرائيل الى انجازات سياسية اخرى.