خبر التفاف أمريكي – « إسرائيلي » .. عبدالزهرة الركابي

الساعة 10:10 م|05 يوليو 2011

تقول مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للدبلوماسية الشعبية جوديث ماكهيل، “يجب علينا أن ندخل في العمق، خرائط التأثير التي نعمل عليها يجب أن تخصص لكل بلد، أو بصراحة لكل مدينة، يجب أن نستعلم عن كل مدوّن وعن كل شخصية مؤثرة في تلك المجتمعات” .

وتستطرد بتساؤل، “وعملنا لن يتوقف هنا، إذ يجب أن ننتقل من مستوى إلى آخر، تماماً كمن يقشر بصلة، فنتعرّف مثلاً إلى الفئة التي يؤثر فيها هذا المدوّن وهل هؤلاء الناس هم الهدف الذي نريد أن نصل إليه؟” .

والحقيقة إن الإدارة الأمريكية مستنفرة في هذا الوقت إلى حد بعيد، بعدما فاجأتها أحداث “الربيع العربي” على الرغم من أن مهمة الاستنفار هذه قد أوكلتها إلى وزارة الخارجية كآلية دبلوماسية علنية في المتابعة والاطلاع واتخاذ اللازم، وإلى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كآلية سرية في التغلغل واختراق مسار الثورات نحو الوجهة التي تخدم السياسة الأمريكية، ولا يخفي مسؤولون في الخارجية الأمريكية تشبيه جهودهم الحالية التي تُسخر لدعم الشعبين التونسي والمصري على حد زعمهم، بالجهود التي بذلوها في السنوات المنصرمة، والتي أدت لفصل جنوب السودان عن بقية البلد .

وعلى هذا المنحى بدأت المصادر الأمريكية الرسمية في الكشف عن الخطط الرامية إلى احتواء الثورات العربية بمزاعم التقرب والاطلاع والمواكبة، تزامناً مع وقائع وأدلة دامغة على قيام “إسرائيل” بعملية اختراق لساحة الثورة المصرية، عندما انكشف أمر الجاسوس “الإسرائيلي” الذي ارتاد أماكن شباب الثورة وتعرف إلى عاداتهم وهواياتهم مثلما ارتاد المقاهي والمساجد والنوادي الرياضية، حتى وصل به الأمر إلى المشاركة في الأحداث الأخيرة إلى جانب المحتجين والمعتصمين، بعدما تصدر صفوفهم في التحريض والإثارة .

وبعد تصريحات واتهامات وزير العدل عبدالعزيز الجندي في مصر عن كشف محاولات قامت بها الدولة الصهيونية على صعيد إحداث الفتن والفوضى وإثارة الاحتراب الطائفي وكذلك محاولة تهريب الرئيس المصري السابق إلى خارج مصر، جاء دور نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل الذي صرح للتلفزيون المصري الرسمي، أن أمريكا و”إسرائيل” تقفان وراء التوترات الطائفية الأخيرة التي شهدتها مصر بغرض كسرها، في حين قال وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري المشير محمد حسين طنطاوي في السياق نفسه، “مصر لم ولن تسقط وستبقى عظيمة بين الأمم” .

إن الالتفاف الأمريكي “الإسرائيلي” على الثورة في مصر، هو أسلوب ابن مرحلته، خصوصاً أن واشنطن وتل أبيب فوجئتا بالثورة المصرية، بعد أن حوّل النظام المصري السابق أقوى تحدٍ عسكري على المدى الاستراتيجي للدولة الصهيونية في المنطقة، إلى أكبر حليف استراتيجي سواء لواشنطن أو لتل أبيب .

وعندما أدركت واشنطن أن النظام المصري السابق احترقت أوراقه بل ومات سريرياً، لجأت إلى أسلوب المحاباة، كونها قد فاجأتها الأحداث ولم تكن على استعداد لها، لكنها في قرارة نفسها اتخذت قرار المواجهة من خلال الالتفاف والخرق والتحايل، مستغلة حالة الفراغ أو الوضع المؤقت في مصر، والتي من الطبيعي أن يكون هنالك تباين بين القوى في العناوين والتفاصيل لمختلف القضايا في المستقبل المنظور، وعلى سبيل المثال تطالب القوى الليبرالية بمعية المستقلين بإعطاء الأولوية لوضع الدستور، بينما قوى أخرى تريد إجراء الانتخابات أولاً، وهذا التباين يشكل مساحة رخوة في هذه المرحلة، من الممكن استغلالها من قبل القوى المعادية للثورة، الخارجية والداخلية، كي تنفذ إلى الثورة  .

لذلك، فإن الثورة المصرية في هذه المرحلة التي تمثل عبوراً بين حقبة منصرمة بما حملته من عواهن وسلبيات ونكوص، إلى بداية حقبة من المأمول والمفترض أن تكون أفضل من السابقة، كما أن مرحلة العبور هذه تعتبر فرصة مناسبة لأمريكا و”إسرائيل” وحتى أوروبا، لإجهاض الثورة من خلال التشويش على نتائجها المحتملة قبل تحقيقها وحرف طريق الثورة عن مساره الوطني والقومي بمنعطفات كلما تنتهي تبدأ من جديد.