خبر من بحر غزة.. هآرتس

الساعة 12:09 م|05 يوليو 2011

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: هل سيدعو متمردو الكوتج الجمهور لاستخدام الشموع حين يرفع سعر الكهرباء؟ أم يحاسبون السياسيين الذين افشلوا مبادرة تطوير حقل الغاز في شاطىء غزة؟ على المستوطنين بدلا من التظاهر امام محكمة العدل العليا ان يرسلوا اليهم باقات الزهور على قرارهم تمديد اغلاق شارع الشهداء في الخليل -  المصدر).

يمكن الافتراض بأن رفع سعر الكهرباء بـ 20 في المائة لن يوقظ متمردي الكوتج ليدعون الجمهور للانتقال الى استخدام الشموع والتصبب عرقا في الصيف تحت أجهزة تكييف معطلة. ما العمل، كما يدّعون في شركة الكهرباء، هل نحن مذنبون في أن الارهابيين يُخربون كل الوقت أنابيب الغاز من مصر ويُجبروننا على أن نضطر للتوجه الى مصادر للطاقة أكثر غلاءً؟.

صحيح، شركة الكهرباء ليست مذنبة في جعل كل اقتصاد الدولة متعلقا برأفة جارة واحدة – دولة ليست رمزا للاستقرار ولا قدوة للادارة السليمة. في مصر بدأوا منذ الان يحققون في الشبهات في أن مسؤولين كبار في حكم حسني مبارك ممن كانوا ضالعين في صفقة الغاز مع اسرائيل، حرصوا في ذات المناسبة على مصالحهم الخاصة.

في اسرائيل لا يطلب احد الحساب من السياسيين الذين أفشلوا في منتصف العقد السابق مبادرة تطوير حقل الغاز الكبير أمام شواطىء غزة وتنازلوا عن مصدر طاقة وفير آخر. لولا ذلك لكان الحقل بدأ يضخ هذه السنة الغاز نحو محطات توليد الطاقة التابعة لشركة الكهرباء، ولكان تقلص التعلق بالغاز المصري وتعرفة الكهرباء والمنتجات المتعلقة به ما كانت لتثقل على جيب المستهلك الاسرائيلي.

لو كان بوسع ارئيل شارون أن يروي ما الذي دفعه كرئيس وزراء اسرائيل التخلي عن الصفقة مع السلطة الفلسطينية، لكان لا بد سيشرح بانه تخوف من أن تستخدم المداخيل لتمويل الارهاب ضد اسرائيل. شارون لم يكن وحيدا. الفريق (احتياط) موشيه يعلون كتب في حزيران 2006 بانه مع أن اسرائيل بحاجة الى مصادر غاز طبيعي اضافية والشعب الفلسطيني جائع لمصادر الدخل فانه عندما يكون "قطاع غزة تحت سيطرة اسلامية متطرفة، والضفة الغربية مهددة بان تكون التالية في الدور – فان توجيه مليار دولار من اسرائيل الى حسابات بنكية محلية او اجنبية للسلطة الفلسطينية سيكون مثابة تمويل للارهاب ضد نفسها".

في مقال نشر في موقع الانترنت للمركز المقدسي للشؤون العامة والسياسية تسلى من عين لاحقا نائبا لرئيس الوزراء بالتخمين في أن صفقة الغاز على شواطىء غزة أثرت على قرار حكومة ايهود اولمرت الامتناع عن حملة برية كبيرة في غزة. ليس أقل (المقال كتب قبل "رصاص مصبوب"). وها هو، قبل نصف سنة بنيامين نتنياهو نفسه رئيس الوزراء اقترح استئناف المباحثات مع القيادة الفلسطينية على تطوير حقل الغاز في بحر غزة.

في ختام لقاء عقد مع مبعوث الرباعية طوني بلير، علم أن نتنياهو قال ان "هذا جيد للنمو، جيد للاستقرار، جيد للسلام". ولا كلمة عن الارهاب، ولا تلميح عن تمويل حماس. ولن يكون للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مع انصراف سيده مبارك، أي مشكلة للتنافس مع الغاز المصري. في اسرائيل مثلما في اسرائيل المواطنون سيدفعون ثمنا باهظا على ما يمكنهم ان يحصلوا عليه بثمن زهيد. وهم سيبعثون بنقرة لايك على الفيس بوك لمقاطعة تافهة للجبنة التي غلت بقروش وسيدفعون علاوة بمئات والاف الشواكل بسبب الصعود الشاهق لتعرفة الكهرباء.

محكمة عدل عليا؟

بدلا من الهجوم على قصر المحكمة العليا كان ينبغي لمؤيدي الحاخام دوف ليئور من الحي اليهودي في الخليل أن يبعثوا ببطاقات الزهور لقضاة محكمة العدل العليا. ففي الشهر الماضي منحت هيئة قضائية برئاسة الرئيسة دوريت بينش مهلة اضافية للمس المتواصل منذ عقد من الزمان لحرية الحركة والرفاه لاكثر من 8 الاف فلسطيني يسكنون في شارع الشهداء. حسب معطيات جمعية حقوق المواطن، فان 659 عائلة فلسطينية لم تصمد أمام المعاناة وهجرة المنطقة، و 1.829 محل تجاري اغلق.

مثلما هو الحال  دوما، فان تبريرات القضاة تعتمد على تقرير الجيش الاسرائيلي عن عدد محاولات القيام بعمليات ضد المستوطنين. هذه المرة ايضا لم يتأثروا بالفتوى الامنية للجمعية، والتي اشارت بوضوح الى أنه توجد بدائل امنية لاغلاق الشوارع. عندما أمرت محكمة العدل العليا قبل بضع سنوات بفتح شارع الشهداء امام حركة المشاة الفلسطينيين الافراد، عارض المستوطنون، ذعر الجيش وعاد وأغلق الشارع، خلافا للتعهدات امام محكمة العدل العليا. وقضى قرار المحكمة بان هذه المرة الالتماس "استنفد نفسه".

المحامية ليمور يهودا، التي تمثل الجمعية، تتساءل، كيف يمكن تشريع وضع لا يكون فيه من حق المرضى السير في الشارع المؤدي الى مدخل بيتهم فقط بسبب انتمائهم القومي. يهودا تجد صعوبة في أن تفهم كيف يستوي قرار المحكمة مع قرار بينش بالنسبة لطريق 443، والذي قضت فيه بانه "رغم التفهم للحاجة الامنية، فان استخدام الوسائل الامنية كهذه، والتي تخلق فصلا مطلقا بين الفئات السكانية المختلفة في استخدام الطرق وتمنع مجموعة كاملة من السكان استخدام الطريق، يبعث احساسا بانعدام المساواة بل وتداعيات لدوافع مرفوضة... وعليه، فان على القائد العسكري ان يفعل كل ما في وسعه كي يقلص أوضاعا من هذا القبيل، ويمنع المس الشديد والاحساس بالتمييز الذي يرافقه".

الحجة الامنية تلعب هنا دور النجم في موقف الدولة من الالتماسات التي رفعها سكان القرية الفلسطينية الجانية، بمساعدة جمعية "بمكوم" ومنظمة "يوجد قانون"، ضد بناء في البؤر الاستيطانية في تلمون. في ايلول 2010 أصدر القضاة أمرا احترازيا أمر الدولة بان تعلل في غضون ستين يوما لماذا لا تلغى الخطة، التي تقطع السكان عن اراضيهم. في مداولات ستجرى غدا في محكمة العدل العليا سيقرر القضاة اذا كانوا سيمنحون جائزة اخرى للمجرمين، ام يبررون لقب "محكمة العدل العليا" الخاصة بهم. التنديدات هي التي سيتلقاها القضاة منهم في كل الاحوال.