خبر مال، نفط ودم.. معاريف

الساعة 12:08 م|05 يوليو 2011

بقلم: متان دروري

(المضمون: ليس للولايات المتحدة واوروبا اليوم تأثير على السودان، وهما لا يمكنهما أن توقفا الفظائع، ولكن الصين، التي تشتري معظم النفط السوداني، التي تزود البشير بالسلاح وتحميه في المحافل الدولية، يمكنها بل ويمكنها جدا - المصدر).

في السبت القريب القادم يفترض بالسودانيين ان يحتفلوا بانقسام الدول وباقامة جمهورية جنوب السودان. ولكن الى جانب نزاعات الحدود العنيفة التي تلقي بظلالها على الفرحة منذ زمن بعيد، اندلعت قبل بضعة اسابيع ما بدا كبداية لحملة تطهير عرقي في اقليم كوردوفان الجنوبي، الذي يفترض أن يتقاسم الحدود مع الجمهورية الجديدة. معظم سكان الاقليم ينتمون الى القبائل المتماثلة مع الشمال، ولكن يوجد أيضا نوبيين سود يؤيدون تقليديا الجنوب وتعتبرهم الحكومة في الخرطوم طابور خامس.

في بداية حزيران اقتحم رجال الجيش السوداني عاصمة الاقليم، كدوغلي، وحسب الشهادات بدأوا يتنقلون بين المنازل بحثا عن الرجال النوبيين. الاسقف الانجليكاني للمدينة نشر نداءا يائسا للنجدة وادعى بان هذه محاولة منظمة من قوات الشمال العربي لابادة الثقافة المحلية، مثلما فعلوا في قطاع دارفور المجاور. عامل بريطاني في مجال المساعدات روى في الاسبوع الماضي لـ "التايمز" اللندنية بان قوات سودانية ذبحت رجالات نوبيين اشتبه بهم بتأييد الجنوب. كما وردت تقارير عن هروب جماعي لعشرات الاف السكان، عن استخدام قذائف الفوسفور وعن شاحنات محملة بالرجال يؤخذون الى مناطق غير مأهولة ومطارح فارغة.

لا يوجد سبيل للتأكد من هذه الصور الفظيعة وذلك لان الحكومة تمنع الاجانب من الدخول الى المنطقة. في الخرطوم يصرون على أن المعركة تجري ضد متمردين وان الاحاديث عن تطهير عرقي تستهدف ممارسة الضغط الدولي على القيادة السودانية، التي على أي حال مطلوبة الى المحكمة الدولية في لاهاي. وفي تزامن عجيب، الاسبوع الماضي خرج الرئيس عمر البشير في زيارة رسمية الى الصين. الرجل، الذي يعد مطلوبا للمحكمة في لاهاي منذ أكثر من سنتين، استقبل باحترام الملوك في بيجين، وحظي بتعهد بان تحافظ الصين على علاقاتها الودية مع السودان، "رغم وضعه في الساحة الدولية ورغم مشاكله الداخلية". وبالمقابل، تعهد الرئيس السوداني برفع وتيرة انتاج النفط كما وقع على مشاريع مشتركة في مجال التحجير والزراعة.

الشرعية التي منحها الصينيون للبشير أثارت الغضب في الغرب وفي منظمات حقوق الانسان، ولكن بيجين صدت هذه الانتقادات كالمعتاد. وخلافا للاوروبيين والامريكيين القادرين على تجميد مشاريع بسبب عدم نظاميتها، فان للصينيين لا يوجد أي زعم بمكافحة الفساد، نشر الديمقراطية او الحفاظ على حقوق الانسان. فهم يوجدون في افريقيا كي يعقدوا الصفقات التجارية وحكام كثيرون في افريقيا يفضلون عقد الصفقات بالذات بفضل هذه السياسة المتمثلة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وهكذا، ترمم الصين كل افريقيا، تشق شبكات هائلة من الطرق، تبني المدن، المصانع، وتحظى بالمقابل بالنفط، الفحم، والمناجم القيمة التي تغذي اقتصادها. الشيوعيون اصبحوا أكثر رأسمالية من الرأسماليين.

محقون الصينيون في أن الانتقاد الغربي مصاب بالازدواجية، في ضوء حقيقة أن حجم الاستثمارات الامريكية والاوروبية في القارة السوداء لا يزال أكبر، ولكن الشهية الشديدة للذهب الاسود وللمقدرات الاخرى لا يمكنها أن تبرر التجاهل الحاد بهذا القدر لجرائم الحرب القاسية وقتل الشعب. ليس للولايات المتحدة واوروبا اليوم تأثير على السودان، وهما لا يمكنهما أن توقفا الفظائع، ولكن الصين، التي تشتري معظم النفط السوداني، التي تزود البشير بالسلاح وتحميه في المحافل الدولية، يمكنها بل ويمكنها جدا.