خبر تباكي اليمين- هآرتس

الساعة 08:29 ص|04 يوليو 2011

 

تباكي اليمين- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

المضمون: يُكثر اليمين المتطرف الندب والشكوى وكأنه مضطهد مقموع في حين ان اليمين في اسرائيل هو الحاكم منذ سنين كثيرة وجميع مقاليد الامور في يديه - المصدر).

لو أن غريبا جاء الى اسرائيل هذه الايام وسمع النقاشات السياسية (الضحلة) التي تجري فيها لخلص الى استنتاج ان اليسار يسيطر على الدولة منذ سنين سيطرة لا حدود لها. فجميع اجهزة السلطة في يده وهو يصرفها على حسب تصوره. فجهاز القضاء يساري والجيش يساري والشرطة يسارية والنيابة العامة يسارية وجهاز التربية يساري ووسائل الاعلام يسارية بقدر مخيف. اليمين يطارَد مطاردة شديدة ويُعتقل ناسه وتُداس حقوقهم؛ ومشروع الاستيطان يئن تحت ثقل سلطة اليسار مظلوما مضطهدا، والمواطنون العرب يتمتعون بحقوق زائدة ورجال الدين اليهود يطاردون بشدة. إن الغريب لو سمع اصوات الأنين لخلص الى استنتاج أن اليمين راغم الأنف هنا.

كانت هذه طريقة اليمين دائما، طريقة الجبار السليب. فهو لم يعترف قط بأنه تولى السلطة قبل 34 سنة ولم يتركها منذ ذلك الحين تقريبا، وهو لم يعترف قط بأن الدولة تسير سريعا منذ سنين في طريقه، ولا يعترف ايضا بأنه تحكم اسرائيل اليوم الحكومة الأشد يمينية وقومية في تاريخها بين الحكومات اليمينية والقومية في العالم، وبأن الكنيست لا تكف عن سن قوانين معارضة لليسار. هذا هو نهج الجبار السليب أن يندب ويُحل وأن يشكو ويحظى بغنيمة اخرى. أثبت هذا التلاعب التهكمي نفسه، فان غير قليل من انجازات اليمين جاءه بفضل الشكوى والابتزاز والندب وادعاء انه ضحية. وهذه الامور تبلغ الآن ذرى جديدة لا تتصور. من يستمع في المدة الاخيرة الى متحدثي اليمين يحسب ان الحديث في الحقيقة عن دولة تمييز عنصري: تمييز عنصري يقع على اليمين المظلوم.

خذوا مثلا مشروع الاستيطان: يبدو انه لا توجد مجموعة اخرى في المجتمع الاسرائيلي تشكو مرارة مصيرها بلا انقطاع بهذه الدرجة. فالآخرون يشربون شرابهم ويأكلون طعامهم طوال الوقت. يجمدون البناء ويهدمون البيوت ويضيقون خطواتهم ويطاردون قادتهم ويصادرون منتوجاتهم. أما الواقع بطبيعة الامر فمعاكس تماما: فلا توجد مجموعة اخرى تخوف مثلهم جميع اجهزة الحكم وتبتز وتنقب. مشروعها ينمو مثل فطر وقد بذلت مليارات الشواقل فيه بلا انقطاع ولا يكاد القانون يمس به، والحكومة والجيش يخشيانه ومثلهما الشرطة والنيابة العامة والمحاكم ايضا. إن مستوطنين عنيفين يتجولون أحرارا، والقتلة يُسرحون من سجونهم بطرفة عين تقريبا، وسالبو الاراضي ومحرقو الحقول لا يُحقق معهم.

لكن هذه المجموعة لا يكفيها هذا أبدا فتقول هلم  نُقِم العالم ولا نقعده لاعتقال حاخام لساعة، كعادة الجبار السليب. وهذا الامر يثبت نفسه ففي المرة القادمة ستفكر الشرطة مرتين قبل ان تتجرأ. وهم يعرضون المحاكم التي تعامل المستوطنين والفلسطينيين على غير السواء، يعرضونها بأنها تطاردهم. أما المحكمة العليا التي لم تتكلم قط على قانونية المشروع الاستيطاني والتي رفضت ورفضت مدة سنين عشرات الاستئنافات  المتعلقة بحقوق الانسان في المناطق وتطبيق القانون فيها والتي تستسلم على التوالي لجهاز الامن فانهم يتجرأون بوقاحتهم على عرضها بأنها يسارية. حتى ان شاي نتسان والعميد نتسان الون يساريان.

يحب اليمين ان يصف الاعلام الاسرائيلي ايضا بهذه الالوان المقيتة. فوسائل الاعلام التي تعالج موضوعات ما وكأنها رسمية ولن نقول حكومية وبصورة دعائية ومنحازة، وتردد على نحو آلي أعمى مواقف جهاز الامن في كل شأن تقريبا تُعرض، ويا للسخرية، بأنها "مافيا يسارية". وتحظى محطة راديو عسكرية يُدار فيها برنامج نقاشات بين "اليسار" واليمين، بين متحدثي اليمين واليمين المتطرف، تحظى بالتصنيف الدامغ. وهذا بطبيعة الامر يثبت نفسه، فالاعلام يعتذر ويدافع عن نفسه ويتحول الى اليمين أكثر فأكثر.

هلم نذكر اذا امورا منسية لليمين: أنتم في الحكم، وأنتم منذ سنين كثيرة في الحكم. ويبدو أنكم ستكونون سنين كثيرة اخرى في الحكم. أنتم تسنون قوانين يمين وتديرون سياسة يمين  ولا أحد يقف في وجوهكم ولهذا يكفيكم ندباً كندب الجبار السليب لانكم لا تحتاجون اليه.