خبر ماذا ستفعل واشنطن؟ -هآرتس

الساعة 10:51 ص|03 يوليو 2011

ماذا ستفعل واشنطن؟ -هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: اسرائيل مشغولة الان بوقف القافلة البحرية المتجهة الى غزة في حين ينتظرها خطر أكبر هو ان الولايات المتحدة بدأت تحادث الاخوان المسلمين في مصر وقد تحادث حماس في المستقبل ايضا -  المصدر).

كيف كانت ترد اسرائيل لو أن "موظفا امريكيا رفيع المستوى" أعلن ان الولايات المتحدة مستعدة لمحادثة قيادة حماس؟ يمكن الاطمئنان. فالولايات المتحدة ما زالت – وما زالت مصطلح رئيس – لا تحادث حماس لكنها أزالت في الاسبوع الماضي الحظر على محادثة الاخوان المسلمين في مصر. لم تعد توجد حاجة الى لقاءات في زقاق مظلم. يستطيع ممثلون رسميون امريكيون لقاء كل عضو في الحركة. لم تتعجل واشنطن المتأخر. فالجيش المصري والحكومة المصرية المؤقتة مثل أكثر المرشحين للرئاسة في مصر أيضا، يرون الاخوان جزءا لا ينفصل عن المجتمع والسياسية بل ان تصريح واحد من قادة الاخوان هو عبد المنعم ابو الفتوح بانه سينافس في انتخابات الرئاسة لم يعد يرى خطوة شاذة.

"لن تكون انتخابات حرة نزيهة في مصر الا اذا وافقنا على الحديث مع كل الاشخاص الذين هم جزء من الديمقراطية"، بيّن ند ووكر الذي كان سفير الولايات المتحدة في مصر واسرائيل. وفي حين تبتسم اسرائيل من تحت شاربها إزاء الصور لواحدة من سفن القافلة البحرية قد أصابها عطل وتهدد بالحرب بضع مئات من مواطني العالم يريدون خرق "سيادتها" على غزة – قررت واشنطن خاصة فجأة ادارة سياسة واقعية.

يجب الا يفاجئنا القرار. فادارة أمريكية تجري حوارا مع طالبان في افغانستان، وأجرت حوارا سياسيا مع حركات ارهابية في العراق، وتتعاون مع حكومة لبنانية ممثلو حزب الله اعضاء فيها لا تحتاج الى ذرائع للقاء أعضاء حركة اسلامية تشارك في السياسة المصرية حتى لو كانت عقيدتها متطرفة.

يستطيع الباحثون المذعورون عن "التسونامي" أن يروا هذه الموجة الاولى. لان الاخوان المسلمين هم أيضا الحركة الأم لحماس والسؤال التالي الذي سيعرض على الامريكيين هو لماذا لا يحادثون حماس. فهي أيضا جزء لا ينفصل عن المجتمع والسياسة الفلسطينيين وفازت في الانتخابات بأكثرية كبيرة، وهي الان بعد المصالحة مع فتح ستنافس في الانتخابات القادمة للمجلس التشريعي الفلسطيني.

الذريعة الرسمية هي أن حماس لم تتحلل من الارهاب باعتباره وسيلة لاحراز اهدافها السياسية، وهي لا تعترف بدولة اسرائيل – لا باعتبارها دولة يهودية ولا باعتبارها دولة أصلا. هذا تعليل قاهر في ظاهر الامر. لكن الاخوان المسلمين ايضا لا يعترفون حقا بان اسرائيل دولة يهودية. هم لا يؤيدون الارهاب لكنهم لا يرون النضال الفلسطيني المسلح ارهابا بل حرب تحرر من الاحتلال. واذا كان الارهاب هو الكابح فكيف تستطيع واشنطن ان تفسر التعاون مع حكومة لبنان وحزب الله فيها وهو المعرف بانه منظمة ارهاب في الولايات المتحدة ايضا ليس شريكا فقط بل مالكا؟

لكن التناقضات في السياسة الامريكية غير مهمة بل المهم هو شكل رسم واشنطن للخريطة الجديدة من الاعداء والاصدقاء. وأضح من هذا أن نقول انها لا ترسم الخريطة بل ان التطورات في الدول العربية هي التي ترغمها على الفحص عن سياستها من جديد. ان ما يحدث في ميدان التحرير وفي مدن درعا وحمص وادلب في سوريا، وفي صنعاء أو البحرين ليس ثمرة سياسة أمريكية مخطط لها سلفا بل هي المواقع التي تصاغ فيها السياسة الامريكية الجديدة والتي ستضطر في القريب ايضا الى الفحص عن موقفها من الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. تُعرف واشنطن الاعداء والزملاء لا لنفسها فقط لان تعريفاتها تصبح خريطة طريق لسائر دول العالم. وهنا يكمن الان "التهديد" لاسرائيل.

لانه تبين فجأة للادارة الامريكية انه حتى محمود عباس لا يستجيب للضغوط كي لا يتجه الى الأمم المتحدة، وان المصالحة الفلسطينية الداخلية وقعت برغم المعارضة الامريكية وان حماس ستكون حجرا أساسيا في المسيرة السياسية. وماذا ستفعل واشنطن عندما تجرى الانتخابات في فلسطين؟ أتقاطع المجلس التشريعي؟ أم تقاطع الحكومة الجديدة؟ أتقاطع الرئيس الذي سينتخب اذا كان من حماس؟ انهم "جزء من الديمقراطية". أربما تحاول ان تستبق "النكبة السياسية" وتحادث حماس قبل الانتخابات كي تستطيع محادثتها بعدها أيضا؟

قد يتبين قريبا أن القافلة البحرية الى غزة نزهة سنوية قياسا للقافلة السياسية التي بدأتها الولايات المتحدة في مصر. لكن لماذا نعطل الان مهرجان القافلة البحرية؟