خبر غزة: رصاص الاحتلال يحول بين المصور المصاب عثمان ومولوده البكر

الساعة 11:41 ص|02 يوليو 2011

غزة: رصاص الاحتلال يحول بين المصور المصاب عثمان ومولوده البكر

فلسطين اليوم: غزة

لم تمض لحظات على وضعها مولودها الأول "كريم" حتى سارعت إلى مهاتفة زوجها المصاب المصور الصحافي محمد عثمان الذي يُعالج في إحدى المشافي الأردنية، لتسمعه صوت نجله البكر، بعد أن حال بينهما رصاص الاحتلال، ورحلة العلاج خارج الوطن.

وكان عثمان (24 عاماً) أصيب بينما كان يوثق تظاهرة جماهيرية في الذكرى الثالثة والستين للنكبة بالقرب من آخر بوابات معبر بيت حانون شمال قطاع غزة.

الزوجة الصحافية إيمان عامر التي اغرورقت عيناها بدموع الفرح تارة، والبكاء لغياب الزوج تارة أخرى، قالت: افتقدت زوجي المصاب بكل المقاييس الإنسانية، فالمرأة تحتاج زوجها في لحظة كهذه أكثر من أي وقت آخر.

وزادت في حديث لـ "الأيام": كنت أشعر بالألم مضاعفاً، الألم الأول تشعر به كل امرأة في مرحلة المخاض، والثاني ألمي لإصابة زوجي، وغيابه في رحلة علاج بعيدا عني.

وأوضحت الأم التي اعتادت أن تكتب القصص الإنسانية عن معاناة ذوي الأسرى في السجون الإسرائيلية، وأسر المصابين والشهداء في قطاع غزة أنها عايشت التجربة بنفسها هذه المرة، وذاقت بالإحساس والطعم مرارة الألم وغياب الزوج عن أسرته، معربة عن حزنها لولادة طفلها في غياب أبيه، بعيداً عن حضنه الدافئ.

ورغم تواجد الأقارب والأهل حولها، واستخدام الحاسوب والاتصالات لربط الأب عبر الكاميرا بها وابنه ومشاهدته في الساعة الأولى من حياته لم تهدأ دموع الزوجة، التي كانت تحلم أن تضغط كف زوجها لحظة

الولادة، كأنها تحتمي به في لحظات المخاض العسيرة.

في مشهد آخر، كان عثمان يتابع أولا بأول عبر الهاتف النقال أخبار زوجته، منتظراً بفارغ الصبر ولادتها سالمة، وخروج ابنه إلى الدنيا.

وأوضح عثمان أنه سمع البكاء الأول لابنه فور ولادته، ولم تمر ساعة حتى كانت صوره ومشهد الفيديو أمامه على شاشة الحاسوب الشخصي، مشيراً إلى أنه قام بطباعة صورة كبيرة لابنه كريم، ووضعها أعلى رأسه في غرفته في المشفى، ليرمقها متأملا صباح مساء.

وقال لـ"الأيام" في اتصال هاتفي: إنه كان يحلم منذ اليوم الأول لحمل زوجته بهذه اللحظة، دون أن يتوقع يوماً أن يبعده رصاص الاحتلال عن ساعة ولادة ابنه البكر، أو أن يتهشم حلمه بالوقوف إلى جانب زوجتة لحظة الولادة.

ولفت إلى أنه اعتاد توثيق معاناة الناس عبر الكاميرا، وتسجيل مشاهد من الحزن خلفها الاحتلال في وجوههم ونفوسهم، مؤكدا أن الإحساس بالوجع لا يشبه معايشته بنفسك مهما كانت شفافية الإحساس ورهافته لديك.

وحول ما وصلت إليه الحالة الطبية للمصور المصاب، أوضح عثمان الذي فقد آلتين للتصوير بعد أن تعطلتا جراء إصابته، وسقوطه أرضاً أنه أجرى ثلاث عمليات في الأردن، إضافة إلى العمليات التي أجراها في غزة، مشيراً إلى أنه لا يزال يرقد في سريره ينتظر الشفاء من العمليات الجراحية، استعداداً لمرحلة العلاج الطبيعي.

وتمنى أن يعود إلى زوجته وابنه سائرا على قدميه اللتين حرمه الاحتلال من نعمة السير عليهما حتى اللحظة، آملاً أن يقبل طفله الصغير ويحمله بين ذراعيه فور وصوله أرض الوطن.

وكان عثمان أصيب برصاصة مباشرة اخترقت يده اليسرى وأحدثت مدخلاً في الصدر وأصابت النخاع الشوكي والرئتين، ما أدى إلى تعطل الجزء السفلي من جسمه عن الحركة.

واستبشرت أسرة عثمان التي تسكن حي الشيخ رضوان بغزة خيراً بالمولود الجديد، آملةً أن يعود والده، ويلتئم شمل الأسرة الصغيرة ثانية.

وأشارت والدته أم خليل إلى أن الدعاء لا يفارق لسانها، منوهة إلى أنها تداعب حفيدها كريم، بينما تتذكر لحظات ولادة ابنها محمد ورحلة تربيته.

وقالت لـ "الأيام": إن ابني الصحافي لم يمض عام على زواجه، وأصيب خلال تأديته عمله، وابتعد عن أسرته في رحلة علاج، دون أن يعيش لحظات يتمناها كل رجل عند قدوم مولوده الأول، مستدركة بأن الله ألهمه وألهم الأسرة وألهم كل من أحب ابنها محمد الصبر، على أمل أن يعود بسلامة وعافية.

وتشخص عينا الرضيع كريم باتجاه صورة الأب الظاهرة على شاشة الحاسوب، دون إدراك لما حوله، فيما يدلل الأب ابنه من بعيد، محروما من حمله بين ذراعيه.