خبر العدالة الدولية وأسطول الحرية .. بركات شلاتوة

الساعة 10:45 ص|01 يوليو 2011

بما أن رد فعل الأمم المتحدة ودول العالم على المجزرة التي ارتكبتها “إسرائيل” بحق أسطول الحرية العام الماضي، كان باهتاً ولم توجه اتهامات لها بارتكاب جرائم حرب، فمن الطبيعي أن تبدأ بالتحضير لمجزرة جديدة بحق “أسطول الحرية 2” الذي سيبحر باتجاه قطاع غزة المحاصر منذ 5 سنوات، وقد هيأت بحريتها للتصدي للأسطول ومنعه من إيصال مساعدات إنسانية لمليون وسبعمائة ألف إنسان .

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رأى في محاولة الأسطول كسر حصار غزة “تصعيداً خطراً”، ووجه رسائل إلى الدول ال22 التي يشارك 350 من أحرارها في الأسطول يطالبها بمنعهم من المشاركة وعدم السماح بانطلاق أي سفينة من موانئ هذه الدول . هذا الموقف يظهر مدى انحياز الأمم المتحدة وأمينها العام ل”إسرائيل”، فهو من خلال رسائله وتصريحاته يتقمص ومنظمته دور الاحتلال ويتبنيان وجه نظره ويحاولان إقناع دول العالم بها . وبما أن السفير “الإسرائيلي” في واشنطن يرى أن حصار غزة “مسألة حياة أو موت”، لأنه بنظره لا يتعارض مع القانون الدولي، فإن موقف الأمين العام للأمم المتحدة يتماهى مع هذا الموقف تماماً، فقد برر المجزرة “الإسرائيلية” بحق الأسطول الأول حين اعتبر حصار غزة متفقاً مع القانون الدولي، وأن “الإجراءات” بحق الأسطول كانت “قانونية” . أي قانون دولي هذا الذي يشرع محاصرة مليون وسبعمائة ألف إنسان لأكثر من 5 سنوات متواصلة، ويتركهم يموتون موتاً بطيئاً بحرمانهم من الغذاء والدواء والعلاج، ومن أبسط مقومات الحياة؟ .

واشنطن بدورها تحاول باستماتة منع كسر حصار غزة، وفي هذا السياق حذرت رعاياها من المشاركة في الأساطيل، وهددت خارجيتها بعدم مساعدة أي مشارك يقع في أي مشكلة . أما وطن الثورة الفرنسية التي نادت بالحرية والعدالة، فتعتبر أن الأسطول فكرة سيئة . أين الحرية والعدالة من هذه المواقف؟ .

ويبدو أن الموقف التركي يسير في الاتجاه ذاته، ما يضع علامات استفهام كبيرة على دور أنقرة، ليس بالنسبة إلى حصار غزة فقط، بل في المنطقة ككل، وتراجع المنظمة التركية “أي اتش اتش” عن المشاركة في الأسطول، بعد أن قادت الأسطول الأول، يظهر أن ضغوطاً مورست عليها كي تتراجع، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي كان شوكة في حلق “إسرائيل” بدفاعه الدائم عن غزة، بدّل موقفه بعد تقارير أشارت إلى صفقة مع “إسرائيل” لتخفيف حدة الانتقادات لأنقرة في تقرير الأمم المتحدة حول مجزرة الأسطول الأول، والتخلي عن المطالبة باعتذار الكيان، مقابل إعادة سفيرها إلى “تل أبيب” وإعادة الدفء للعلاقات بين الجانبين اللذين ينخرطان في مفاوضات سرية .

محاولة “إسرائيل” إلصاق تهمة “الإرهاب” ببعض المشاركين، بزعم أنهم هددوا بقتل الجنود “الإسرائيليين”، والادعاء أن هناك أسلحة ومواد كيماوية خطرة على متن السفن، يوحي بأنها تجهز لعدوان دموي على الأسطول مثلما ضرجت الأسطول الأول بدماء الشهداء الأتراك ال9 . وأصابعها بدأت تعبث مبكراً بتخريب إحدى السفن الراسية في ميناء يوناني، في مسعى لثني المشاركين عن التوجه لغزة .

رغم المواقف المخزية لبعض الدول، إلا أن وجود عدد من رعاياها على متن الأسطول واستعدادهم لمواجهة الأسوأ، يدل على نبل هؤلاء وعدم تلوثهم بالسياسة المنحازة لبلدانهم، وأن تضحيتهم في سبيل الأهداف النبيلة للإنسانية من خلال تصميمهم على كسر الحصار يؤكد أنه ما زال في العالم الكثير من الأحرار.