خبر الأسرى الصامدون..علي الخليلي

الساعة 10:43 ص|01 يوليو 2011

من الصعب معرفة العدد الحقيقي للأسرى الفلسطينيين في سجون “إسرائيل” . فمن جهة ما يسمى إدارة السجون في “إسرائيل”، يصل هذا العدد الآن، إلى نحو ستة آلاف . أما من جهة وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية في رام الله، فإنه يتجاوز الثمانية آلاف، وقد يقفز إلى عشرة آلاف . والسبب الأساس لهذا الفرق الكبير بين معطيات الجهتين، يعود إلى ما اصطلح على تسميته بسياسة “الباب الدوار” التي تتبعها “إسرائيل” نفسها في الحملات اليومية لاعتقال العشرات من المواطنين الفلسطينين . ففي الوقت الذي يجري فيه إطلاق سراح بعض من أتموا فترات حكمهم، تتواصل عمليات اعتقال العشرات، أو المئات أحيانا، من دون أدنى توقف.

ولعل عدم المتابعة المستمرة من قبل السلطة الوطنية لأعداد الأسرى، تحت وطأة هذه الذريعة أو ذاك السبب، هو المظهر المباشر والأول، لما يرى فيه الأسرى أنفسهم، وذووهم وأهاليهم على حد سواء، تقصيراً فادحاً من جانب هذه السلطة تجاه الحركة الأسيرة التي تجاوز عمرها 44 عاما، منذ احتلال “إسرائيل” للضفة الغربية وقطاع غزة في العام ،1967 إلى حينه .

بطبيعة الحال، تضاف إلى هذا المظهر المؤلم، سلسلة طويلة من المظاهر الأخرى الأشد ألماً، ليس فقط بما يتعلق منها بالسلطة الوطنية، وإنما أيضاً، وربما بما يفوقه ألماً، ما يرتبط بالرأي العام الفلسطيني، والرأي العام العربي والعالمي .

يكاد يغيب الرأي العام الفلسطيني عن قضية الأسرى، في هذه الأيام على وجه الخصوص، غياباً موحشاً . فعلى الرغم من المعارك العديدة التي يخوضها الأسرى في مواجهة أدوات وبرامج القمع “الإسرائيلية” لهم، إلا أن التفاعل الشعبي مع أجواء هذه المعارك خارج قضبان السجون وعتمة الزنازين، لا يتجاوز في الغالب، مبادرات أهالي وذوي هؤلاء الأسرى أنفسهم، في بعض تجمعاتهم واحتجاجاتهم .

ومع أن وزارة الأسرى والمحررين تقوم ما بين حين وآخر، ببعض الأنشطة التي تحرص من خلالها على إبقاء قضية الأسرى حية في الوجدان الوطني، إلا أن كل هذه الأنشطة تظل أيضاً، محصورة داخل أطر إعلامية متواضعة، لا تؤثر جدياً في تحريك هذا الوجدان، أو توجيهه نحو أي برنامج يجعل من هذه القضية جزءاً مركزياً في نسيج مكوناته .

ومن البديهي أن ينعكس واقع هذا الغياب المحلي الفلسطيني، على شكل غياب أوسع وأكثر وضوحاً، للرأيين العربي والعالمي . فكيف يمكن للرأي العام العربي، وهو المتفجر أصلاً، بقضايا ومسائل حراكه الشعبي المتصاعد، على امتداد أقطاره، في هذه الأيام، أن ينشغل بما يكاد لا ينشغل به الشعب الفلسطيني نفسه؟ وكيف للرأي العام العالمي، ضمن هذا الخفوت الفلسطيني والعربي، أن تشكل له مثل هذه القضية، نقطة ضغط عليه؟

بالمقابل، نجد أن أسيراً “إسرائيلياً” واحداً اسمه جلعاد شاليت لدى حركة حماس في قطاع غزة، يتصدر منذ أسره قبل خمس سنوات، كل نشرات الأخبار، باسمه وصورته، وحتى بمناسبات أعياد ميلاده! ليس ثمة من لا يعرف هذا الاسم وأحواله، في حين تغيب آلاف الأسماء للأسرى الفلسطينين والعرب بأحوالهم ومآسيهم في سجون “إسرائيل”، كأنها غير موجودة في أي ذاكرة، إلا في إطار ضيق ومحدود .

الآن، تعمل “إسرائيل” على تشديد أدوات قمعها للأسرى الفلسطينيين، بطرائق وبرامج إجرامية غير مسبوقة، ضمن ما تجد فيه رداً تلتف من خلاله على الرأي العام “الإسرائيلي” الغاضب نفسه، إزاء فشلها الذريع في تعاملها مع مسألة هذا الجندي الأسير .

ومن المتوقع أن تبدأ الحركة الأسيرة معركة جديدة في مواجهة هذا القمع المتشدد . فهل ستصل هذه المعركة إلى الشارع الفلسطيني، قبل أن نتحدث عن وصولها عربياً وعالمياً؟