خبر ذرائع في الكرياه -هآرتس

الساعة 08:07 ص|29 يونيو 2011

ذرائع في الكرياه -هآرتس

بقلم: الوف بن

(المضمون: يتغنى القادة العسكريون وقادة الاجهزة الامنية في اسرائيل في أنهم أحبطوا عمل نتنياهو وباراك اللذين خططا لهجوم على ايران في حين يُزعم عليهم أنهم فشلوا في التدبير فأخذوا يتبجحون بأنهم صدوا القيادة السياسية عن المغامرة - المصدر).

        هل توشك اسرائيل أن تخرج لحرب مدمرة على ايران، وأُنقذت من الخراب بفضل قوة وجرأة مسؤولين كبار في الجيش الاسرائيلي والجماعة الاستخبارية، صدوا مغامرة رئيس الحكومة ووزير الدفاع عديمة المسؤولية والكوابح؟.

        هذه هي الرواية التي يصورها الكلام الذي يروج له رئيس الموساد السابق مئير دغان (علنا) ورئيس الاركان السابق غابي اشكنازي (في أحاديث مغلقة وبتوجيهات لمقربين). يزعمان أنهما تعاونا مع رئيس "الشباك" السابق يوفال ديسكن ورئيس "أمان" السابق عاموس يادلن ورئيس الدولة شمعون بيرس لتثبيط عزم بنيامين نتنياهو واهود باراك على ارسال سلاح الجو لقصف المنشآت الذرية في ايران. كان هذا الهجوم سيفضي الى حرب اقليمية مع آلاف الصواريخ على تل ابيب وشلل اقتصادي وازمة في العلاقات مع الولايات المتحدة.

        بحسب هذه الرواية، يستحق اشكنازي وشركاؤه جائزة اسرائيل إن لم نقل جائزة نوبل للسلام. لكن توجد رواية اخرى ايضا لا تقل اقناعا وهي أن جهاز الامن فشل ولم ينجح في أن يلبي توجيهات المستوى السياسي وهو يعرض فشله الآن على أنه "إظهار مسؤولية وطنية".

        عندما تولى نتنياهو عمله في ربيع 2009 جعل في مقدمة أولوياته إفشال البرنامج الذري الايراني. واجه سلفاه اريئيل شارون واهود اولمرت التهديد الايراني بالتأليف بين الدبلوماسية واعمال سرية. لم يستعدا استعدادا كافيا لعملية عسكرية برغم أن ايران في مدتهما كانت تملك وسائل أقل للمس باسرائيل وتولى العمل في البيت الابيض الرئيس الصديق جورج بوش الذي كان قد يؤيد هجوما اسرائيليا.

        ولما كانت الجهود السياسية والأعطال التقنية والعقوبات الدولية لم توقف الايرانيين فقد قرر نتنياهو أن يعززها بعرض خيار عسكري. وكما بيّن أكثر من مرة علنا، فان الخيار العسكري الصادق وحده يستطيع أن يعزز العقوبات واجراءات "ليّنة" اخرى. ومن اجل الامتناع عن استعمال القوة يجب أن يقتنع العدو بأن "جميع الخيارات على الطاولة".

        سعى نتنياهو وبراك الذي شاركه في توجهه الى ثلاثة أهداف، فقد أملا أن يشجع التقوي الاسرائيلي الولايات المتحدة على أن تعمل على ايران وكان هذا وما يزال البديل الذي يفضلانه. أرادا تعزيز التفاهمات الاستراتيجية مع واشنطن، وأن يضمنا أن يحافظ الرئيس براك اوباما على الردع الاسرائيلي وقد أُحرزت هذه الغاية. وأرادا الاستعداد لعملية اسرائيلية مستقلة اذا خيبت الجماعة الدولية الآمال وواجهت اسرائيل وحدها معضلة "قنبلة أو قصف". حظيت هذه السياسة بتأييد المجلس الوزاري المصغر وعُززت بميزانيات وبتوجيهات تخطيط لكنها لم تترجم قط الى عمل.

        لم يتحمس اشكنازي ودغان ورفاقهما. فقد ضايقتهم سطحية نتنياهو وحديثه عن "المحرقة الثانية"، وموقف باراك المتعدد المعاني. وقد خشوا بيقين حربا فاشلة تُلقى في نهايتها المسؤولية على الضباط لا على الساسة. لهذا خرجوا في عملية تثبيط ليست موجهة على ايران بل على المسؤولين عنهم. فقد حذروا من أن بناء القدرة لمواجهة ايران سيضر بمهام اخرى ليست أقل حيوية واستلوا الدعوى الغالبة وهي أن الهجوم على ايران سيفضي الى حرب اقليمية سيصعب على الجيش الاسرائيلي حسمها. يجب على من يريد قصف ايران أن يستعد قبل كل شيء لليوم التالي. امتنع نتنياهو وباراك عن نقاش كهذا فقد أرادا خيارا فقط لا حربا.

        يرى المستوى السياسي أن اشكنازي فشل في مهمته. فقد طُلب اليه أن يُعد خيارا عسكريا فأعد بدلا منه ذرائع. اذا لم يكن قادرا على الانتصار في "حرب اليوم التالي"، فان اسرائيل مقيدة بالخيار العسكري وسياسة نتنياهو أُحبطت. هنا "المؤامرة الثانية في الكرياه"، التي ما يزال مُدبروها يفخرون بها ويتحدثون كيف جندوا بيرس لتدبير حاكوه على نتنياهو وباراك. وهنا خلفية صراعات القوة التي جرت في القيادة الامنية لـ "قضية غالنت" وإبعاد اشكنازي ودغان وديسكن للتقاعد. تجلس اسرائيل الآن لا تفعل شيئا وتنطوي امريكا المهزومة عن المنطقة ويُتعجل في ايران تخصيب اليورانيوم وينمو الاقتصاد برغم العقوبات.