خبر يوجد قانون ويُحتاج الى عقل ايضا- يديعوت

الساعة 08:01 ص|29 يونيو 2011

يوجد قانون ويُحتاج الى عقل ايضا- يديعوت

بقلم: اسرائيل بولمان

        قبل نحو من ثلاثين سنة قضيت عدة ايام في كريات أربع. كنا من طلاب الثانوية، خريجي معهد ديني ثانوي، وانتقلنا من معهد ديني تحضيري للجيش الى آخر كي نفحص أين تميل قلوبنا قُبيل الخدمة العسكرية في السنين التالية. لم نُغمر في أي واحد منها بالدفء والحب كما في معهد نير للحاخام دوف ليئور.

        جاء سبت. نزلنا لصلاة الفجر مع سكان المعهد الديني الى مغارة الماكفيلا (الحرم الابراهيمي) الى المكان الذي قُسّم آنذاك بحبال بين المنطقة المسلمة المغطاة بالبسط والمنطقة اليهودية. آنذاك بعد انتهاء الصلاة، اجتاز الشباب دفعة واحدة المنطقة المحصورة وبدأوا رقصا عاصفا يدل على السيادة ويثير الغبار على البسط العربية.

        وقفت مشدوها. كانت تلك ضربة برق. واشارة حمراء في مفترق طرق حرج. لم أعد منذ ذلك الحين قط الى كريات أربع.

        جاء هذا كله ليقول إن مبلغ التنفير الذي تثيره الافعال والاقوال المكتوبة والشفهية التي تأتي من المعهد الديني نفسه، ليس فيه ما يسوغ حماقات مثل اعتقال الحاخام دوف ليئور أمس.

        الحاخام ليئور مشتط قديم في مجال العلاقة الشرعية بالأغيار عامة والعرب خاصة. إن الكلام الصعب على الآذان الذي تم اقتباسه من فمه على مر السنين في هذا المجال مثال صغير فقط على الكلام الذي يُسمع في دروس مغلقة. لكن ليئور – الذي يعلم قليلون بأنه يُعد في المهاجرين سرا من "اكسودوس" وأن اثنين من إخوته يسكنان كيبوتس رشافيم التابع لـ "هشومير هتسعير" – هو من كبار الشخصيات الدورية في الصهيونية المتدينة. ليس شابا فهو في السابعة والسبعين، وهو عبقري في التوراة والشرع يتمتع بالاجلال في دوائر واسعة جدا في الصهيونية المتدينة عامة وبتقدير في القسم الحريدي القومي منها.

        إن سلطة القانون في اسرائيل تُصرف في السنين الاخيرة، ولا سيما منذ تم اخلاء غوش قطيف، علاقات مركبة بالصهيونية المتدينة. إن الجرح الذي فُتح هناك بعيد عن أن يُشفى. وهو يُفتح من جديد مع كل قرار على اخلاء كوخ ناءٍ في تل بعيد، ومع كل تصريح بائس من ضابط رفيع المستوى أو مدعٍ عام متوسط أو صحفي ضئيل الشأن. إن تنمية مشاعر الشعور بالمرارة والغربة والاغتراب هي نصيب كثيرين جدا من هذا الجمهور. فهم يشعرون بأنهم مطاردون – ويكتبون في ذلك في صحفهم ويتحدثون عنه في محاضراتهم بل ينشدونه في أناشيدهم.

        قد يكون الذي اتخذ قرار اعتقال ليئور بالطريقة التي اعتُقل فيها، رجل قانون لكنه عديم المسؤولية. إن عشرات الآلاف من المشاة يقطعون كل يوم الشوارع بالضوء الاحمر ومع ذلك كله لا ينتظرهم رجال الشرطة السرية مع قيود قرب كل اشارة ضوئية. لانه ربما يوجد قانون لكن يُحتاج الى العقل ايضا. إن عملا فظا كهذا وهو اعتقال في شارع مدينة يمس بكرامة مفكر شيخ تُجله الجماهير، لا يمكن ألا يبث رسالة تحرشية واستعلائية. مثل الرقص على بسط المصلين العرب في مغارة الماكفيلا بالضبط.

        في الايام التي تلت مقتل رابين مشى "الشباك" والشرطة على البيض في كل ما يتعلق بالتحقيق مع رجال الدين واعتقالهم. فثم في حادثة صادمة وطنية أفضت الى قتل زعيم في اسرائيل واستدعت تحقيق الحقيقة حتى نهايتها، خشي متخذو القرارات الطوفان الذي ستجره هذه الاعتقالات. أما "الموافقة" القصيرة من ليئور في مقدمة كُتيب "نظرية الملك" التأليبي – وهو عمل مريب حظي بالشهرة بسبب الضجة الاعلامية – جعلتهم يفعلون ذلك.

        إن دولة اسرائيل مورطة حتى عنقها في تهديدات من الداخل والخارج، وما زالت تستصعب بعد 63 سنة تثبيت تراث حكم ودستور. اذا لم يفهم مُصدرو الأوامر ومُسقطوا التوجيهات أن العدل كالرشوة قد يعمي العيون احيانا فستكون الايام الشديدة المتوقعة لنا على أثر اعتقال ليئور مقدمة لما يأتي فقط.