خبر أي دولتين؟ محمد عبيد

الساعة 10:16 م|28 يونيو 2011

ما زالت الإدارة الأمريكية تتشدق بالحديث بشكل شبه يومي عن حل للقضية الفلسطينية يقوم على أساس الدولتين، مع أن الظروف والمعطيات على الأرض لا تشير إلى إمكانية وضع قطار التسوية على سكة الحل على المدى المنظور .

تلتقي شخصيات هذه الإدارة على اختلافها على تأكيد حل القضية الفلسطينية حسب “الرؤية الأوبامية” التي أخذت أطواراً حتى أخذت شكلها الحالي المنحاز كل الانحياز للكيان، وربما تتحول أكثر انحيازاً أمام “تعنت الفلسطينيين”، الذين يرفضون تسوية بشروط “إسرائيل” لا تلبي أياً من مطالبهم، ولا تلتقي مع أي حد أدنى .

واشنطن تسعى لفرملة أي جهد فلسطيني، و”إسرائيل” تقودها في محاولات ضرب المصالحة الفلسطينية في مقتل، بحجج وأعذار كثيرة وواهية، ترتكز على مطالب لا يحق لاثنتيهما الضغط على الفلسطينيين لتلبيتها، وخصوصاً ما يتعلق بالشأن الداخلي الفلسطيني من مصالحة وبحث عن حكومة وحدة انتقالية تسيّر القضايا الحيوية لحين إجراء انتخابات عامة جديدة .

الإدارة الأمريكية تبحث عما يلبي مصلحة ربيبتها بمفاوضات من دون سقف أو شروط، وتضغط على الفلسطينيين، وتحاول استمالة هذا الطرف أو ذاك بحديثها عن دعم الثورات العربية، واحترام الدور الريادي لهذه القوة أو تلك، خصوصاً مصر، التي أنجحت أخيراً مصالحة الفلسطينيين، وكأنها تحمل بين يديها ميزاناً على إحدى كفتيه وعود كثيرة بالمساعدة، وتمويل مشبوه لمنظمات تدعي أنها تابعة للمجتمع المدني، ومحاولات لإيجاد موطئ قدم في مصر تمارس من خلاله الضغط، وعلى الكفة الأخرى تضع التسوية بشروط الكيان ومن دون أدنى التفات لحقوق الفلسطينيين المقرة دولياً وغير القابلة للتفاوض أو المساومة، متغاضية عما آلت إليه أمور المنطقة العربية، والحراك السياسي المتصاعد فيها الذي لا يخدم في معظمه أياً من مصالحها .

على الولايات المتحدة وسفيرتها في القاهرة مارغريت سكوبي أن تعتقدا ما شاءتا، لكن عليهما في المقابل أن تتوقعا رداً غير سار من الفلسطينيين، أو المصريين على حد سواء، فهي بادرت بالتلويح والتهديد، ومحاولة ابتزاز الفلسطينيين والضغط عليهم، من خلال “فيتو” مفروغ منه على أي مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يعترف بدولة للفلسطينيين على حدود عام ،1967 وهي الآن تتحدث عن العودة إلى المفاوضات وكأنها أمر مفروغ منه، أو أن طريقه معبدة وسالكة .

يأتي ذلك بالتزامن مع هجمة صهيونية مكثفة على كل مقدس إسلامي، ومحرم في الشرائع، سماوية كانت أم وضعية، فمقبرة مأمن الله في القدس المحتلة، لم تعد آمنة وأمينة على رفات الراقدين في أرضها، و”إسرائيل” تجرّف قبورهم كما لو كانت تحفر أرضاً فلسطينية لتقيم عليها إحدى بؤرها الاستعمارية الآخذة بالتمدد على حساب حقوق الفلسطينيين، وليحل ما تدعي أنه “متحف التسامح” الذي لا نجد له من اسمه نصيباً، بل على العكس تماماً نراه انتهاكاً لحرمة الموتى، وضرباً لكل ما هو مقدس أو محرم بعرض الحائط .

 “إسرائيل” لا تحتاج لذرائع لتبرير ما تقوم به، فحسبها وكيلتها الأولى وغير الحصرية في العالم، الولايات المتحدة، التي تجترح المعجزات في بناء التبريرات والحجج، وتقلب الحقائق بتصريحات كثيرة، ليس أغربها حديث سكوبي عن العودة للتفاوض كأمر وشيك الحدوث .

لقد اكتفينا من سلعة الكلام الأمريكية، التي تسوقها إدارة واشنطن كل لحظة، معتبرة أن على أعيننا غشاوة وفي آذاننا وقراً، وهي تعلم كل العلم أن اسطوانتها المشروخة لم تعد تقنع أحداً .