خبر مسؤولية أوروبا- هآرتس

الساعة 05:48 م|27 يونيو 2011

مسؤولية أوروبا- هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

بروكسيل – التقيت في الاسبوع الماضي أكثر من 12 موظفا اوروبيا، يصاحبون من قريب اسرائيل وصراعها مع جاراتها. كان هناك من صعبوا بسؤالهم كيف يحذر وزير الدفاع الاسرائيلي من التسونامي ويحصر الجمهور الاسرائيلي عنايته في جبن الكوتج. وتساءل آخرون هل لدي علم بما يريده رئيس حكومتي. ألا يرمي كل كلام بنيامين نتنياهو على التفاوض في الحقيقة الى منح المستوطنين سنة اخرى أو سنتين للقضاء على احتمال تقسيم البلاد. ولم يقل أحد انه يؤمن بأن هذه الحكومة معنية أو قادرة على دخول مسيرة سياسية جدية. تكلم الجميع بلا استثناء عن تنبؤ صعب على صورة نبوءة غضب شمعون بيرس وهي أن الوضع الراهن يُقرب نهاية دولة اسرائيل بصفتها دولة يهودية.

        الشيطان الديمغرافي الذي تكلم عليه نتنياهو في جلسة الحكومة السابقة لا يقض مضاجع الاوروبيين. فالشرق الاوسط يهب لهم اسبابا أكثر الحاحا لبلع حبات تهدئة الأعصاب (تلك التي بقيت من علاج الصداع اليوناني). إن الشيطان الذي يقض مضاجعهم هو خطر أن يجر "الربيع العربي" الانتفاضة القادمة وراء حدود اسرائيل والمناطق المحتلة. في بروكسيل يرفضون موقف نتنياهو وهو أنه ينبغي إبقاء التفاوض في ثلاجة حتى اتضاح سماء السياسة في المنطقة أو في الأساس حتى الانتخابات التي ستجري في مصر.

        عرضت علي البارونة كاترين آشتون التي تتولى العلاقات الخارجية للاتحاد الاوروبي، تناولا مخالفا. فهي تخشى أن يصبح صراع اسرائيلي فلسطيني دام ذخرا سياسيا لاحزاب متطرفة. إن آشتون كانت تود أن تتولى برعايتها قرار رئيس الولايات المتحدة على أن يرسل الى الطرفين دعوات الى مراسم تجديد التفاوض على أساس خطبة اوباما في 19 أيار، أي حدود الرابع من حزيران مع تبادل اراض. لكن اوباما الآن يكتفي بتصريحات تلذ لآذان المتبرعين والمصوتين اليهود. وثانيا ليس لآشتون في الحقيقة مشكلة مع متبرعين ومصوتين يهود لكن عندها 27 يدا. وكل يد تجذب الى جهة خاصة بها.

        كان المؤرخ البروفيسور ايلي بار نفي الذي يسكن في بروكسيل في السنين الاخيرة، بين منشئي منظمة السلام اليهودية "Jcall"، وهي الصيغة الاوروبية من جي ستريت الامريكية. في الاسبوع الماضي شارك نحو من 400 ضيف من أنحاء القارة في أول مؤتمر للمنظمة. لكن الحديث عن سياسة الجماعة اليهودية الاوروبية إزاء اسرائيل كالحديث عن سياسة اوروبية إزاء اسرائيل. يزعم بار نفي الذي كان سفير اسرائيل في فرنسا (2000 – 2002) أن من الشروط المسبقة لسياسة اوروبية موحدة تتعلق بالازمات الدولية الاجماع لدى الدول الثلاث المتقدمة – فرنسا والمانيا وبريطانيا.

        تم هذا الشهر 31 سنة منذ آخر مرة توصل فيها الاتحاد الاوروبي (المجموعة الاوروبية آنذاك) الى اجماع يتعلق بالصراع الاسرائيلي العربي وعرض موقفا مستقلا من حله. في اعلان البندقية، الذي اتُخذ في حزيران 1980، سبقت دول المجموعة التسع الاعتراف الامريكي بمنظمة التحرير الفلسطينية بثماني سنين. ودعت اسرائيل الى انهاء احتلال تجريه منذ 1967 وقضت بأن المستوطنات عقبة أمام السلام وأنها غير قانونية بحسب القانون الدولي. وأعلنت التسع ايضا أنها لن تقبل أية مبادرة من طرف واحد لتغيير مكانة القدس.

        أكد اعلان البندقية الحق في الوجود والأمن لكل دول المنطقة ومنها اسرائيل، والعدل لجميع الشعوب وفي ضمن ذلك الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الشرعية. عرّفت حكومة بيغن الاعلان بأنه "استسلام على صورة اتفاق ميونيخ" ونددت بالاوروبيين لاعترافهم بـ م.ت.ف التي سُميت "الـ اس.اس العربية". وقف رئيس المعارضة شمعون بيرس الى جانب الحكومة بقوله إن الاعلان "ليس أكثر من قصاصة ورق لا تؤثر في الواقع". بعد مرور 13 سنة وقع بيرس على اتفاق اوسلو. وهو اليوم يحذر من أنه اذا بقيت اسرائيل تجر قدميها في الطريق الى تسوية على صورة اعلان البندقية فاننا "سنصدم الجدار".

        تتحمل اوروبا مسؤولية خاصة نحو الشعب اليهودي. فعندما تضرب الدولة اليهودية رأسها بالجدار فان فرنسا وبريطانيا والمانيا خاصة لا تنفضن أيديهن من المسؤولية بتصريحات خالية من الفعل.