خبر اليسار والكوتج- يديعوت

الساعة 05:47 م|27 يونيو 2011

اليسار والكوتج- يديعوت

ليست هذه هي الجبنة

بقلم: سيفر بلوتسكر

اليسار الاسرائيلي لم ينضم الى احتجاج الكوتج، لا على المستوى السياسي ولا الاجتماعي. علم تمرد الاجبان الطرية رفعه وقاده اناس هويتهم الايديولوجية بعيدة جدا عن اليسار؛ بين الليكود وشاس. لماذا تنكر اليسار عن احتجاج الكوتج؟ هاكم بعض الاسباب المحتملة:

اليسار الاسرائيلي يركز على النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ومسألة المستوطنات. في ذروة الاحتجاج نشرت "السلام الان" بيانا تظهر فيه صور أسطح الفيلل في احدى المستوطنات في المناطق تحت عنوان: هذه الكوتجات تكلفنا المليارات. "ليس ثمن الجبنة بل ثمن المستوطنة هو الذي يثقل على الاقتصاد وعلى الجيب"، يقولون في اليسار.

اليسار الاسرائيلي يشتبه بان احتجاج الكوتج يرمي الى صرف الانتباه العام عن العاصفة السياسية المقتربة، عن الزيارة الوقحة لنتنياهو الى البيت الابيض، عن العزلة المتعاظمة لاسرائيل في الساحة العالمية. اليسار يرى في احتجاج الكوتج هربا لا يطاق من الواقع. "بيبي سيجد السبيل الى تخفيض سعر الكوتج فيصبح بطل الشعب"، يقولون في اليسار.

اليسار الاسرائيلي يعتقد بان غلاء الكوتج لا يتعلق بفقراء اسرائيل. الفقراء، الذين نحو ثلثيهم هم اصوليون وعرب، لا يشترون كؤوس الكوتج المزينة والغالية. عندما يتمكنون من ان يسمحوا لانفسهم بمنتجات الحليب، فليس الى الكوتج ينظرون. عائلة من ثمانية نفوس في العاد تشتري عبوات من اللبنة من النوع البسيط. "تخفيض سعر الكوتج بنصف شيكل لن ينقذ أي فقير من الفقر"، يقولون في اليسار. متمردو الكوتج البارزون جاءوا من الطبقة الوسطى المريرة والمستاءة.

اليسار الاسرائيلي يعارض نية المالية فتح فرع الحليب ومنتجاته أمام الاستيراد المنافس. فرع الحليب مخطط ومرتب في القانون، والذي يسمح للمزارعين بالعيش بكرامة والعاملين في معامل الحليب للحصول على أجر عمل نزيه. معامل الحليب الكبرى تشغيل معظم عامليها باتفاقات جماعية وهي توجد في بلدات المحيط. الغاء مجلس الحليب واغراق السوق باستيراد باسعار صفر سيؤدي برأي اليسار، الى انهيار مزارع تربية المواشي الصغيرة والى اقالات في معامل الحليب. اليسار ينظر الى دمار فرع النسيج ويسأل أي منفعة ستنشأ للاقتصاد من دمار موازٍ لفرع الحليب ومشتقاته.

اليسار الاسرائيلي (وليس فقط اليسار) لا يتأثر بخطاب الشبكات الاجتماعية. ومع أن رجاله يفتحون صفحات على الفيس بوك، ولكنهم يفعلون ذلك وكأنه تملكهم الشيطان. في الدول الديمقراطية، كما يقولون، فان احتجاج الفيس بوك ليس أكثر من احتجاج لوحة المفاتيح. غير ملزم، نخبوي، يمر مع اغلاق غطاء الحاسوب النقال، عديم الوعي الطبقي. في مصر الشباب الذين خرجوا للتظاهر ضد حكم مبارك عرضوا حياتهم للخطر، في اسرائيل لا يعرفون حتى سرعة التصفح في الانترنت للخطر. أنا أنقر "لايك"، إذن أنا ثوري؟ حقا لا، يقولون في اليسار.

اليسار الاسرائيلي يشعر بعدم الارتياح للمشاركة في المقاطعة؛ المقاطعة ليست سلاحه. مقاطعة المستهلكين من شأنها ان تمس بالعاملين بقدر لا يقل عن أصحاب المصانع. في حالات عديدة يكون هذا سيفا مرتدا. تفضلوا الا تنسوا رجاءا، يقول رجال اليسار، المقاطعة للاكاديمية الاسرائيلية التي تنتشر في العالم بأسره. نحن الاكثر عرضة لها والاكثر معاناة منها.

خلاصة الامر، فان احتجاج الكوتج يعتبر في اليسار الاسرائيلي كصمام للتنفيس. فهو لا يعرض للخطر البنية الاقتصادية السوبر رأسمالية لاسرائيل بل العكس، فهو يعظم الثقة بالنفس لامراء السوق الحرة منزوعة اللجام. وهو لن يوقف الاندفاع نحو الخصخصة، بل العكس سيزيده. اذا نجح، فسيؤدي الاحتجاج الى التخفيض المؤقت لعنصر النفقات الذي يشكل 0.3 في المائة من سلة استهلاك العائلة الاسرائيلية المتوسط و صفر في المائة في سلة استهلاك العشريات الفقيرة. عدم المساواة لن يقل، الفوارق لن تتقلص وأجر أي من الاجيرين لن يرتفع – بالتأكيد ليس الاجر الحقيقي المتآكل للعاملين في أسفل سلم المداخيل.

هل نهج اليسار تجاه احتجاج الكوتج فهيم سياسيا، جماهيريا واجتماعيا أم يدل على الانغلاق، الفئوية، الجمود الفكري، انعدام الحساسية بل والتعالي؟ فليحكم كل قارىء حسب رأيه.