خبر السعودية تستعرض العضلات- معاريف

الساعة 05:45 م|27 يونيو 2011

السعودية تستعرض العضلات- معاريف

بقلم: متان دروري

باستثناء حراكات قليلة هنا وهناك، فعلى مدى سبعة عقود حرصت الاسرة المالكة السعودية على أن تزود الامريكيين بالنفط زهيد الثمن، وتطور معهم الحلف الذي منحها الحماية من اعدائها. في الاشهر الاخيرة، في ضوء السياسة المترددة والمتشوشة للامريكيين في الشرق الاوسط تعاظم احساس الامن لدى الاسرة المالكة – وبدأت تفحص الحدود وتعيد تعريف طبيعة الحلف.

السعودية كانت ولا تزال المعارضة الاكبر للاصلاحات في العالم العربي، ولم تترد في أن تصطدم بالامريكيين في هذا الموضوع: ليس عندما بعثت قبل ثلاثة اشهر بقوات لقمع الاحتجاج في البحرين، ولا عندما عملت على رشوة الزعماء العرب كي يردوا الضغوط الامريكية لاجراء اصلاحات.

        الامريكيون كما يمكن الافتراض أعربوا عن استيائهم ولكنهم لم ينجحوا في ردع حلفائهم. فحص الحدود حيال الولايات المتحدة بلغ في الاسابيع الاخيرة ذرى جديدة، عندما قرر السعوديون الدخول في مواجهة علنية مع البيت الابيض. فقد حرصت الاسرة المالكة السعودية على أن تنشر في "واشنطن بوست" مقالين فظين استهدفا ليس فقط الضغط على الامريكيين لابداء تصميم أكبر في الشرق الاوسط، بل وايضا اعادة صياغة منظومة العلاقات معهم.

المقال الاول نشره نواف عبيد، مستشار استراتيجي للحكم السعودي. "في الوقت الذي تدير فيه الرياض حربا باردة مع طهران، أثبتت واشنطن في الاشهر الاخيرة بأنها شريك متردد وغير ماهر في الصراع ضد هذا التهديد"، هاجم عبيد في مقاله الذي وجه لأن يوضع على طاولة اوباما في الغرفة البيضوية. ومع انه أعلن بأن السعودية ستواصل كونها حليفا هاما للولايات المتحدة، أضاف المسؤول السعودي الكبير بأن التعاون سيتركز على مجالات مثل مكافحة الارهاب وتبييض الاموال.

        في كل ما يتعلق بالامن القومي والمصالح الواسعة للسعودية في المنطقة، أوضح بأن ليس للاسرة المالكة نية للانثناء أمام الامريكيين وبالتأكيد ليس العمل وفقا لمصالحهم.

        المقال الثاني كان أقل فظاظة. كتبه الامير تركي الفيصل، نجل الملك الراحل فيصل والسفير السابق في واشنطن، الامير، الذي سيُعين في المستقبل وزيرا للخارجية، كتب بأنه حان الوقت لأن يتجاوز الفلسطينيون اسرائيل والولايات المتحدة وأن يتوجهوا لنيل الاعتراف الدولي. وأوضح بأن السعودية لن تقف جانبا في الوقت الذي تجر فيه الولايات المتحدة واسرائيل الأرجل، بل وهدد اوباما من "آثار هدامة" اذا تجرأ على احباط الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في ايلول.

        يدل المقالان، اذا، على أن تحالف المصالح بعيد السنين يقترب من نهايته، على الأقل كما عرفناه، والسعوديون لن يترددوا في المواجهة مع الامريكيين والاستخدام لهذا الغرض لسلاح النفط، مثلما فعلوا في حرب يوم الغفران.

        لاقتلاع هذا الاستعراض للقوة، يتعين على الامريكيين أن يُبدوا تصميما أكبر وأن يُذكروا الاسرة المالكة بأنها هي ايضا من شأنها أن تدفع ثمنا باهظا على الاستقلال الزائد. ومع ان واشنطن بعثت الاسبوع الماضي برسالة قصيرة في هذا الاتجاه، حين أعربت وزيرة الخارجية كلينتون عن تأييد علني لكفاح النساء من اجل السياقة في المملكة الاسلامية، إلا أن على الامريكيين أن ينتقلوا ايضا الى الافعال وأن ينظروا في تقليص كبير لصفقة السلاح بقيمة عشرات مليارات الدولارات التي سبق أن أعلنوا عنها في ايلول الماضي.

        هذه الصفقة، التي يفترض ان تحفز الصناعات الامنية في الولايات المتحدة وتضمن عشرات آلاف اماكن العمل، يفترض أن تزود الجيش السعودي بمنظومات متطورة من السلاح وتسمح له بأن يعطي جوابا على التهديد الايراني. ومع أنه على المدى القصير سيؤذي تقليصها الاقتصاد الامريكي إلا أن اخراجها الى حيز التنفيذ سيلحق ضررا أكبر لانه سيقلل أكثر فأكثر الحاجة السعودية الى الحلف مع الولايات المتحدة. اذا لم يصحُ الامريكيون، فمن شأن السعودية أن تصبح تهديدا لا يقل عظمة عن ايران.