خبر حرب الاتصالات الخفية بين « الشاباك » و« داخلية غزة »

الساعة 08:01 ص|27 يونيو 2011

حرب الاتصالات الخفية بين "الشاباك" و"داخلية غزة"

فلسطين اليوم-غزة

لم يجد الاحتلال بُداً في الذكرى الخامسة لأسر جنديه جلعاد شاليط من بذل أقصى الجهود لإطلاق سراحه فبات أقصى ما في يده ليفعله - بعد تعثر مباحثات وصفقات الإفراج عنه عدة مرات - إرسال الرسائل النصية على الهواتف النقالة للفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة المحاصر منذ صيف عام 2007.

واستيقظ المئات من الغزيين على أصوات نغمة الرسائل النصية الخاصة بهواتفهم الشخصية ليطلعوا على عرضٍ لمخابرات الاحتلال بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي مقابل مساعدة الأجهزة الأمنية الصهيونية وخاصة "الشاباك"  بتقديم معلومات تفيد في تحديد مكان  شاليط.

وكشفت وزارة الداخلية والأمن الوطني مؤخراً، عن إرسال مخابرات الاحتلال الصهيوني رسائل "SMS" لهواتف الفلسطينيين النقالة في قطاع غزة تطلب عبرها معلومات عن "شاليط" الأسير لدى فصائل المقاومة في غزة منذ يونيو/حزيران 2006.

مخاطر التواصل

واستعرت حمى حرب الاتصالات الخفية بين أجهزة الاستخبارات الصهيونية خاصة "الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية (أمان)" وبين وزارة الداخلية وعلى وجه الخصوص جناحيها الأمني ممثلاً بالأمن الداخلي والإعلامي والذي توكل إليهما مهام تحذير المواطنين وتوعيتهم بمخاطر التواصل والرد على رسائل المخابرات الصهيونية.

وقد حذرت الداخلية المواطنين من الاستجابة لتلك الرسائل والاتصالات التي تجريها مخابرات الكيان، وأكدت أن هذه الطريقة باتت مكشوفة لمحاولة الإسقاط الأمني والتخابر مع العدو الصهيوني.

وترفق مخابرات الاحتلال مع الرسالة رقم هاتف أرضي ورقم آخر لشريحة "أورانج" – التابعة لشركة الاتصالات الخلوية الصهيونية- بهدف حث المواطنين على الاتصال بهم، بحسب تصريح سابق للداخلية.

وطالبت الوزارة جميع المواطنين بعدم الاتصال بالمخابرات الصهيونية عبر الأرقام التي ترد لهواتفهم النقالة بأي حال من الأحوال، مشددةً على أن الأجهزة الأمنية المختصة لديها في قطاع غزة ستعمل على علاج هذه المسألة باهتمام كبير.

وفي هذا الصدد، قال الشاب (أ.ج) في مقتبل العشرينيات: "تفاجأت قبل أيام برسالة من المخابرات الصهيونية تطالبني بمعلومات قد تدل على مكان شاليط, وهذا الأمر جعلني أشعر بالسخرية من هذا الأمر".

وأوضح الشاب الفلسطيني أن قراءة آخر الرسالة أوصله لرقم تابع لشركة الاتصالات الخليوية الصهيونية "اورنج", إضافة لرقم هاتف أرضي كي يتواصل معهم.

فاصل مرئي

يشار إلى أن الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام في وزارة الداخلية قد أنتجت مؤخراً فاصلاً إعلامياً مرئياً يحذر من رسائل SMS"شاليط" التي يبعث بها الشاباك الصهيوني لاصطياد المعلومات من شرائح مختلفة في المجتمع الغزي حول الجندي الصهيوني الأسير الواقع في قبضة المقاومة منذ 1825 يوماً على التوالي.

 

ويجسد الفاصل الذي عرضه إعلام الداخلية على صفحته الالكترونية على الشبكة العنكبوتية وبلغت مدته دقيقة ونصف، الحالة المعيشية اليومية في قطاع غزة ومحاولة الموساد الصهيوني اختراق الحياة الفلسطينية الخاصة عبر إرساله "SMS" على الهواتف النقالة لعدد من الفلسطينيين بينهم طلبة جامعيون ومواطنون عاديون يدعوهم فيها إلى إمدادهم بمعلومات تفيد بمكان احتجاز جنديه شاليط.

ويعتقد خبير أمني أن الفاصل الإعلامي المرئي التوعوي للمواطنين أكثر فاعلية وتواصلاً من قراءة التقارير والنشرات المنوعة، مرجعاً السبب في تفاعل الأشياء السمعية البصرية مع الإعلام أكثر من الأشياء السمعية وحدها.

ويحاول الكيان الصهيوني التقليل من السخط العارم والضغط الكبير على الوسط السياسي الصهيوني الذي يمارسه (أصدقاء ومناصري شاليط) بإرسال رسائل نصية واتصالات استخبارية على الفلسطينيين وتصريحات صحفية براقة للإفراج عنه.

ويرى هشام المغاري الباحث في الشؤون الأمنية أن إرسال الكيان الصهيوني رسائل نصية لهواتف الفلسطينيين النقالة أسلوب مستحدث لطريقة قديمة اتبعتها المخابرات الإسرائيلية في السابق.

ويقول المغاري في حديث لملحق الداخلية "الاحتلال يحاول تكرار نفس الهدف من الاسطوانة التي كان عبرها يرسل رسائل صوتية للمواطنين في غزة والتواصل كذلك عبر شرائح الاوارنج"، مشيراً إلى تناوب الاحتلال في استخدام وسائل مختلفة لتحديد مصير جنديه الأسير.

ويؤكد الباحث الأمني أن وزارة الداخلية عالجت وما زالت تقدم برامج توعوية وإرشادية للمواطنين لتحذريهم من التواصل مع مخابرات الكيان، مستطرداً: "الداخلية نفذت حملة كاملة قبل عام أطلقت عليها حملة مكافحة التخابر مع العدو وطرحت خلالها برامج تربوية ومحاضرات وندوات مهمة إلى جانب تحضريها لحملات توعوية مشابهة للتحذير من مخاطر التقنيات الاتصالية".

ولوحظ في الآونة الأخيرة ومع اقتراب الذكرى الخامسة على أسر شاليط احتدام وازدياد تلك النشاطات في الوقت الذي يعلن فيه الضاغطون الصهاينة لنصرة شاليط عن فعاليات جديدة.

 

وكانت عملية "الوهم المتبدد" في الخامس والعشرين من يونيو/حزيران 2006، قد استهدفت قوة صهيونية مدرعة من لواء (جفعاتي) كانت متمركزة ليلاً في موقع كرم أبو سالم العسكري، لينتهي الهجوم البطولي بمقتل جنديين وإصابة 5 آخرين بجروح -حسب اعترافات الاحتلال- عدا عن أسر الجندي "جلعاد شاليط" وهو ما أكدته المقاومة بعد أن أمنت مرقده.

فشل صهيوني

وعلى إثرها، سارع جيش الاحتلال بشن سلسلة عمليات خاصة استهدفت جُلّ مناطق قطاع غزة، في محاولة -فاشلة- لتحرير شاليط أو إلقاء القبض على أشخاص فلسطينيين يُشتبه بضلوعهم في احتجازه.

ويعتقد المتابع للشأن الصهيوني ناجي البطة أن الدلائل الأمنية تؤكد فشل الاحتلال بكافة أجهزته الأمنية المحترفة والمشهورة عالمياً في قدرتها الفائقة على جلب المعلومات، مرجعاً أسباب الفشل إلى القرارات السياسية "الخاطئة" بعدم إنجاز صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية لإطلاق سراح شاليط.

وقد رفضت الحكومات الصهيونية المتعاقبة حتى اليوم شروط الفصائل الآسرة لشاليط وقالت بأنها لن تفرج عما أسمتهم "فلسطينيون لطخت أيديهم بدماء إسرائيلية".

ويقول المحلل البطة على إثر ذلك: "إن المقاومة الفلسطينية سجلت إنجازاً خارقاً وغير مسبوق في تاريخ الثورات عبر العالم، بعد نجاحها في احتجاز شاليط على مدار خمس سنوات رغم البحث والتحري المتواصل من قبل الاحتلال مستخدماً وسائل تكنولوجية متطورة".

ويعتقد الصهاينة أن حماس تخبئ "شاليط" في مكان سري منذ أسره صيف العام 2006، وقد فشلت الأجهزة الأمنية الصهيونية في استعادته طوال هذه السنوات، رغم أنها شنت حرباً شعواء وشاملة على القطاع، كان من بين أهدافها ا ستعادته، خريف عام 2008.

وتحاول الأوساط الصهيونية إيهام الضاغطين بأنها تبذل جهوداً كبيرةً للإفراج عن الجندي بطرق سرية, الأمر الذي ولد حالة من عدم الثقة في الحكومة التي تدير الملف.

ويسخر كثير من المواطنين في قطاع غزة من هذه الرسائل التي ترسلها المخابرات الصهيونية بالقول: "إذا كانت قيادة حماس لا تعرف مكان الجندي, نحن كمواطنين سنعرف أين يوجد شاليط"، لكن الأوساط الأمنية الفلسطينية باتت تحذر المواطنين من الاستجابة لتلك الرسائل النصية القصيرة التي ترسلها المخابرات الصهيونية وتطلب فيها معلومات عن شاليط.