خبر نهاية الاحتفال الذي لم يبدأ- هآرتس

الساعة 09:28 ص|26 يونيو 2011

نهاية الاحتفال الذي لم يبدأ- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

ينتهي الاحتفال احيانا: فعلى صوت هتاف السوق من قبل حضور "مؤتمر الرئيس" أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في نهاية الاسبوع بأنه أمر بتشديد "ظروف الرفاهة المفرطة" للسجناء الفلسطينيين. قال إن "احتفالهم" قد انتهى فلن تكون بعد الآن "اجازات ماجستير للقتل واجازات دكتوراة للارهاب". قرر نتنياهو عشية الذكرى السنوية الخامسة لأسر جلعاد شليط أن يطرح عظمة غوغائية اخرى للمحتجين وللبرهان على أنه يفعل شيئا ما للافراج عنه.

ردت عائلة شليط برضى يثير الدهشة وتنافست وسائل الاعلام بينها في عرض احتفال السنوكر للسجناء الفلسطينيين – فجيء بصور لنشاطات في السجن وسجناء يقرأون الملحق الصحي لواحدة من الصحف – مع دعوة متحمسة الى تشديد اوضاعهم أكثر. لم يتحدث أحد عن حقوقهم القانونية وعن صورتنا الاخلاقية. ولم يصف أحد على الوجه الصحيح ظروف سجنهم ولم يسأل أحد ايضا أي فائدة في هذا الاجراء. الشعب متعطش للانتقام والقتل ونتنياهو ووسائل الاعلام سيُشبعان شهوته.

شليط مسجون في ظروف غير انسانية وغير قانونية وآثمة. وتشديد ظروف السجن الصعبة – اجل التي هي أصعب من ان تحتمل – للسجناء الفلسطينيين لن يُقرب قيد شعرة الافراج عنه أو تحسين ظروفه، بل سيُقرب صورة اسرائيل من صورة حماس فقط. إن متحمسي الاستوديوهات والأعمدة الصحفية الذين تزعزعهم صورة سجين فلسطيني يحضن طفله ويشتاقون الى أن يروا معاناته يُحركهم عدم المعرفة وعدم الانسانية والتحريض والغوغائية. ربما يمكن أن نتفهم غرائزهم إزاء مصير شليط لكن لا يجوز أن تصبح قسوة حماس معدية. ينبغي أن نردد مرة بعد اخرى أن الافراج عن شليط سيأتي بصفقة فقط حُددت شروطها.

يمكث نحو 5400 سجين فلسطيني الآن في السجن الاسرائيلي. وذاق مئات الآلاف من الفلسطينيين طعمه المر على مر السنين. ليس الحديث عن "آلاف القتلة" كما يحبون عرضهم. فقد دين جزء منهم فقط بالقتل، وعدد منهم بأعمال مخيفة على وجه خاص. وسجن 220 معتقلا بلا محاكمة وثمة في السجن ايضا 180 من صغار السن بينهم بضع عشرات من الاولاد تحت سن الـ 16. إن جزءا منهم سجناء سياسيون من جميع الوجوه: فقد حُكم عليهم بسبب "الانتماء" وسائر المخالفات السياسية. وحكم على أكثرهم جهاز القضاء العسكري الذي تعتبر الصلة بينه وبين القضاء العادل كالصلة بين النشيد العسكري والموسيقى بالضبط. بينهم ضحايا افتراءات المتعاونين الذين سُجنوا بلا ذنب.

ليس كل هؤلاء "آلاف القتلة". على كل حال لجميعهم حقوق بحسب القانون الاسرائيلي والقانون الدولي لا تُمنح لهم دائما، ولا يحظى جزء منهم ولا سيما سكان غزة بزيارات العائلات منذ سنين، وليس هناك ما نقول عن عطل للفلسطينيين. ولا يحظى السجناء المؤبدون من العرب الاسرائيليين حتى بتحديد عقوبتهم بخلاف أدنى القتلة اليهود رتبة، وهذا أمر فاضح في حد ذاته. اجل يحظى بعضهم بالدراسة. التقيت منذ وقت ليس بالبعيد الوالد الثاكل سعيد عياش من سلوان: أصبح الارهابي مترجما للأدب العبري باحثا عن السلام بفضل دراسته في السجن.

كلهم سجناء في ظروف شديدة. أقل سوءا من ظروف شليط وهذا أمر جيد. كشف تقرير نشرته مؤخرا "بتسيلم" ومركز حماية الفرد، مثلا عن ظروف الاعتقال المزعزعة في موقع "الشباك" في بيتح تكفا: إن "مشروع جلعاد" الذي افتتح في نهاية الاسبوع، والذي يمثل ظروف اعتقال الجندي الاسرائيلي يُذكر بها على نحو عجيب – فالمعتقلون مسجونون في زنازين عرضها كعرض الفراش، في ظروف فاسدة مزعزعة، مع ضوء دائم ومنع من النوم. يحمل عشرات آلاف الفلسطينيين منذ سنين ندوبا جسمانية ونفسية بسبب اعمال التعذيب التي جرت عليهم في غرف التحقيق.

يرى جزء كبير من الاسرائيليين أن كل هذا غير كاف. فهم يريدون معاناة وانتقاما أكبر. إن منظر المقلوبة التي طبخها السجناء لأنفسهم في زنازينهم الضيقة يثير غضبهم أكثر كثيرا من منظرنا الذي يظهر في المرآة. يُمتحن المجتمع بمعاملته لأسراه ومع كل ذلك لو أنني آمنت بأن هذا العقاب الجماعي يأتي بتخليص شليط فلربما انضممت اليهم.