خبر تنبغي العودة إلى أنقرة وسريعا- هآرتس

الساعة 09:27 ص|26 يونيو 2011

تنبغي العودة إلى أنقرة وسريعا- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

دار فلك الشرق الاوسط مرة اخرى نصف دورة وظهرت فيه فسيفساء جديدة. إن رسالة التهنئة التي أرسلها بنيامين نتنياهو الى رئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان لفوز حزبه الكاسح في الانتخابات جزء واحد فقط من أجزاء الصورة الجديدة.

في السنة الاخيرة، وفي الاسابيع الاخيرة بقدر أكبر، حاول ذوو ارادة خيّرة من اسرائيل وتركيا الافضاء الى اصلاح العلاقات بين الدولتين. وساعدتهم على ذلك الأحداث في سوريا التي بردت العلاقات بين تركيا وسوريا وأثارت تفكيرا من جديد في وزارة الخارجية التركية وفي مكتب اردوغان يتعلق بسياسة تركيا في المنطقة.

خطت تركيا خطوة مهمة اخرى عندما "أوصت" منظمة "آي.اتش.اتش" بالغاء مشاركتها في القافلة البحرية الى غزة لتمنع خاصة وضعا تصرف فيه القافلة الانتباه عما يحدث في سوريا. وكف اردوغان نفسه عن تسمية بشار الاسد "صديقي الطيب" ويُعرف القمع الوحشي للمتظاهرين في سوريا بأنه "وحشية". وحتى وإن لم يطلب تنحي الاسد فانه يُقدر أن النظام السوري أنهى عمله. "تتحول سوريا الى تهديد لا لتركيا وحدها"، قال مسؤول رفيع المستوى تركي لصحيفة "هآرتس". "اذا قررت سوريا أن تهاجم الأقلية الكردية ايضا فقد نقع في مشكلة شديدة".

يصف الاعلام التركي ايران ايضا التي طورت تركيا علاقات اقتصادية متشعبة بها في السنتين الاخيرتين بأنها شريكة فاعلة في قتل مواطنين سوريين، ويتبين لتركيا سريعا جدا أن طموحها الى تحقيق سياسة "صفر المشكلات" مع جاراتها جعلها تصدم شاطئا صخريا.

اذا كانت تركيا طمحت الى انشاء محور استراتيجي تكون فيه ايران والعراق وسوريا وهي نفسها شريكات، محور يستطيع أن يحث قدما سياسة جديدة في الشرق الاوسط – فقد تبين لها أن هذه الشريكات خيبت الأمل. فحكومة العراق على شفا انحلال ويجري في ايران صراع سياسي بين الرئيس ومعارضيه وفيهم حتى الزعيم الأعلى علي خامنئي، وصدت سوريا بفظاظة محاولات اردوغان أن يفضي الى انهاء الازمة وفي يوم الخميس أُنزل العلم التركي في الجانب السوري من الحدود التي يهرب منها مواطنون سوريون الى تركيا.

بقي بيد أنقرة من الخطط الكبيرة لشرق اوسط أفضل ذنب الصراع الفلسطيني الداخلي فقط. ففي يوم الاربعاء استضافت خالد مشعل ومن الغد استضافت محمود عباس وليس من اليقين أن تنجح في التقريب بين الفصيلتين على نحو يفضي الى انشاء حكومة فلسطينية جديدة.

يُربت غير قليل من الناس في وزارة الخارجية الاسرائيلية وفي ديوان رئيس الحكومة باستمتاع على كروشهم إزاء وضع تركيا. سمعت واحدا من كبار مسؤولي وزارة الخارجية يقول في استخفاف: "قد يكون اردوغان فاز في الانتخابات لكنه تحطم في العالم". اجل، هذا فرح كبير.

غير أن تركيا ليست فقاعة انفجرت. اذا كانت ادارة السياسة الخارجية امتحانا للنجاح فان فشلها ليس أكبر من فشل الولايات المتحدة التي لم تنجح في حل ازمات في الشرق الاوسط وتوشك الآن أن تخلف وراءها فوضى في افغانستان ايضا. واسرائيل التي صدمت صخرة بعد اخرى في منزلق تدهور مكانتها في العالم هي بيقين آخر من تستطيع الحكم على دول اخرى بسبب ادارة السياسة الخارجية. فتركيا على الأقل تبادر الى اجراءات. ولولا سياستها الفاشلة في غزة وعلاجها المأساوي للقافلة البحرية لاستطاعت اسرائيل أن تتمدح على الأقل بعلاقات طيبة مع تركيا حتى عندما تكون لها علاقات مع ايران ايضا. ينبغي أن نذكر أن تركيا لم تسمح لأية دولة بالضغط عليها لقطع علاقتها مع اسرائيل. فهي الآن ايضا تقرأ دورة الفلك جيدا وتضع نفسها في الجانب الصحيح.

هذا بالضبط هو الوقت للمبادرة – لا لتلمس – الى اجراء جديد مع تركيا وجمع الشظايا. لن تحدث أية كارثة اذا اعتذرت اسرائيل عن قتل مواطنين أتراك، فالاعتذار ليس اعترافا بالذنب. وكيف يكون كذلك عندما تختلف الآراء في اسرائيل ايضا في شأن حكمة تلك العملية العسكرية.

بعد نحو من اسبوعين ستنشر اللجنة المشتركة التابعة للامم المتحدة في تحقيق أحداث القافلة البحرية، تقريرها. إن المندوب التركي اوزدام سامبراك والاسرائيلي يوسف شحنوبر يبذلان كل جهد لاصدار تقرير نزيه مرن يُمكّن الدولتين من الاتصال من جديد. لا ضرورة لانتظار هذا التقرير بل يمكن ومن المناسب أن يُسبق بتصريح اسرائيلي معلن. ويمكن الحديث عن الذنب بعد ذلك.