خبر أبو مرزوق: جزء من الحصار على « غزة » هو شأن فلسطيني و« عباس » يرفض فتح معبر رفح

الساعة 08:48 ص|25 يونيو 2011

 أبو مرزوق: عقدة فياض تؤخرنا ومن حق عباس ترشيح من يريد ومن حقنا الموافقة أو الرفض

فلسطين اليوم-السفير اللبنانية 

تفاؤل يشوبه الحذر. هذا هو الانطباع الذي يخرج به المرء بعد مقابلة موسى أبو مرزوق. نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس تحدث لـصحيفة «السفير» اللبنانية، خلال تواجده في بيروت، عن الصعوبات التي تواجه أبرز الملفات على الساحة الفلسطينية، وخصوصاً ملف المصالحة التي تعطل قطارها خلال الأيام الماضية، ما قد ينعكس سلباً على مجمل الوضع الفلسطيني، بدءاً بالمعاناة اليومية التي تلاحق المواطن الفلسطيني نتيجة لاستمرار الانقسام، مروراً بالحصار على غزة ومعالجة قضية معبر رفح، وصولاً إلى القضايا الاستراتيجية المرتبطة بالمقاومة والمفاوضات. وفي الآتي نص الحوار:

 

^ لماذا تأجل اللقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل بعدما اطمأن الفلسطينيون إلى أن المصالحة باتت على قاب قوسين أو أدنى؟ وهل ذلك مؤشر إلى تعثرٍ أو فشلٍ في ملف المصالحة؟

{ الاجتماعات التي عقدتها حركتا فتح وحماس لدراسة ملفات المصالحة كانت تسير بشكل لا بأس به. ولكن النقطة الجوهرية التي كانت حاضرة دوماً لدى الأخوة في حركة فتح كانت تتمثل في ملف الحكومة الفلسطينية، وعنوانه، بالنسبة إليهم، شخص رئيس الوزراء. توافقنا في البداية على أربعة أسماء، يكون من بينها خيار الرئيس، ثم اقترح الاخوة في فتح ألا تكون هذه الخيارات نهائية، وقد أضافوا اسم سلام فياض، غير أن الحوارات أفضت إلى استبعاد من يوجد عليهم تحفظ من قبل أحد الفريقين، ومن بين هؤلاء سلام فياض. ما حدث لاحقاً، أن الاخوة في فتح قالوا إنهم غير مفوّضين للحوار حول هذه الأسماء، ما استدعى عقد لقاء بين الرئيس عباس والأخ خالد مشعل، وذلك باقتراح من حركة فتح، لكن الاتصالات التي جرت قبل عقد الاجتماع أثارت تساؤلات حول احتمالات نجاحه، خاصة أن الرئيس أبو مازن ما زال يرى أن اسم فياض يجب أن يكون مطروحاً في الحوار، ولذلك، فقد ارتأت حركة فتح تأجيل الاجتماع خشية عدم نجاحه، وقد وافقنا على ذلك، من منطلق حرصنا على نجاحه أيضاً.

المشكلة الثانية التي جعلت اللقاء يتأخر، كانت في قول أبو مازن بأن «هذه حكومتي... ومن حقي اختيار رئيس الوزراء». نحن نرى في ذلك قفزاً على ما تم الاتفاق عليه في جلسات الحوار. ففي ملحق التفاهمات، تم الاتفاق بوضوح على تشكيل حكومة من كفاءات فلسطينية، وأن يجري اختيار رئيسها وأعضائها بالتوافق لكونها حكومة توافق وطني.

من الناحية القانونية، لا شك في أن تسمية رئيس الوزراء هي من حق الرئيس أبو مازن، ولكن ذلك يقابله حق آخر، وهو أن رئيس الوزراء لا بد أن يحصل على الثقة من المجلس التشريعي الفلسطيني قبل أن يقسم اليمين، وهذا بدوره أصبح، بموجب التفاهمات، أمراً توافقياً وليس قضية تتحكم بها الغالبية. وبذلك نحن نرى أن من حق الرئيس عباس أن يرشح رئيساً للوزراء، ولكن من حق حماس أيضاً أن تعترض أو توافق على هذا الترشيح.

^ لماذا لم يحصل لقاء بين عباس ومشعل في تركيا؟ وهل ثمة وساطة تركية في ملف المصالحة؟

{ بداية، نؤكد أن لا تحفظات لدينا على اللقاء مع الرئيس عباس. ما حدث أن الأخ خالد مشعل ذهب إلى اسطنبول في زيارة سريعة التقى خلالها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وذلك قبل يومين من وصول الرئيس عباس إلى أنقرة، وبالتالي فإن لا المكان ولا الزمان كانا مناسبين لعقد اللقاء. أما الوساطة التركية فغير مطروحة في الوقت الحالي ـ علماً بأن هذه الفكرة طرحت في السابق وقد اعتذرت فتح عن قبولها ـ فالحراك اليوم بين فتح وحماس يجري برعاية مصرية، ومن خلال اتصالات مباشرة.

^ هل يعني استمرار الخلاف على عقدة الحكومة أن قطار المصالحة قد توقف؟

{ لا خيار أمام فتح وحماس سوى الاستمرار في طريق المصالحة. العودة إلى الانقسام مسألة غير مطروحة إطلاقاً. أما إذا تعرقلت المصالحة في محطة أو اثنتين، فإن هذا لا يعني الانكفاء عنها، لأنها ستبقى الخيار الأساسي والوحيد المطروح في الساحة الفلسطينية بصرف النظر عن التفاصيل. لا شك أن التأخير مزعج، ولا شك أن ثمة شعوراً لدى الشعب الفلسطيني بوجود تلكؤ في هذا الملف، خاصة أن انعكاسات المصالحة لم تكن على مستوى التوقعات، فملف السجناء لم يغلق بعد، ومعبر رفح يواجه الكثير من الإشكالات، والمواطن الفلسطيني لا يشعر حتى الآن بأنه يتمتع بحقوقه الأساسية.

^ لماذا الإصرار على رفض سلام فياض، فيما الطرف الآخر يرى إن وجوده سيجعل الحصار أقل وطاة، بالنظر إلى علاقته مع الغرب؟

{ نحن نتطلع إلى إنهاء الانقسام، وتشكيل حكومة تخرجنا من الأزمة. ليست الحكومات الفلسطينية هي من يجلب الحصار، فالحصار فرض فرضاً على الشعب الفلسطيني. لكننا، برغم ذلك، حريصون على عدم استخدام أي حكومة فلسطينية كذريعة لفرض الحصار على الشعب الفلسطيني. هذا هدف مشترك، ولكن لا بد من أن يكون ضمن إطار التوافق، مع التشديد على أن الشعب الفلسطيني لا يمكن اختصاره في شخص واحد.

النقطة الثانية، هي أن سلام فياض كان عنواناً للانقسام، فقد كانت هناك حكومتان (الأولى في الضفة الغربية برئاسة فياض، والثانية في قطاع غزة برئاسة إسماعيل هنية)، وإذا ما نظرنا إلى المسألة من حيث الشكل، نتساءل: ما معنى وجود مصالحة إذا تم تغييب حكومة وتثبيت أخرى؟

النقطة الثالثة، هي ما واجهته المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية من معاناة في ظل حكومة سلام فياض، بعدما انخرط في مخطط حقيقي لمواجهة المقاومة. وبالتالي لا يعقل في ظل المصالحة أن نقبل بمن كان جلادنا، ومن لاحقنا في السجون، ومن أتى بالجنرال كيث دايتون.

النقطة الرابعة، هي أن سلام فياض هو مرشح الرئيس عباس، وقد جاء بهذا الترشيح من اللجنة المركزية، فيما حقيقة الموقف أن فتح تريد رئيساً للحكومة غير سلام فياض، وما يؤكد ذلك أن أحداً من الإخوة في فتح لم يعترض على استبعاده خلال الحوارات.

^ ما هو تصوركم لشكل التسوية في ما يتعلق بهذه العقدة؟

المسألة أسهل مما قد يتصوره كثيرون. هناك من الكفاءات الفلسطينية العشرات، لا بل المئات، ممن يصلح أن يكون أحدهم رئيساً للوزراء، فلماذا الإصرار على شخص واحد؟ نحن منفتحون على الجميع، ولسنا متعنتين في الاختيار، ولم نضع شروطاً.

^ بالأمس نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول في السلطة الفلسطينية أن هناك استعداداً للتخلي عن مطلب الوقف التام للاستيطان في مقابل الدخول في مفاوضات على أساس حدود العام 1967، كما أن صحيفة «معاريف» نقلت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته المشروطة على مفاوضات كهذه. هل ترون رابطاً بين إعادة الحديث عن المفاوضات وتعثر جهود المصالحة؟

{ اعتقد أن كل ما يطرح في الوقت الحالي، كتشكيل الحكومة والذهاب للأمم المتحدة والتوجه مجدداً نحو المفاوضات، يندرج في سياق مترابط. اقتراح أبو مازن بالتوجه إلى الأمم المتحدة يبدو الهدف منه هو المفاوضات. اعتقد أن التخلي عن مطلب وقف الاستيطان مضر بمخرجات المفاوضات قبل أن تبدأ، فبناء المستوطنات في الضفة الغربية يعني التخلي عن حدود العام 1967، وهو أمر ينطبق أيضاً على مبدأ تبادل الأراضي وإخراج القدس من التفاوض. أرى أنه لا بد من إعادة تقييم شاملة للعملية السياسية الفلسطينية بكل مكوناتها بعد 14 سنة من التفاوض، وأن يتراجع أبو مازن عن أطروحاته بأن لا خيار سوى التفاوض، وعن سياسته الرافضة للمقاومة، واعتقد أن ثمة فرصة حقيقية لذلك. ومن الناحية الاستراتيجية، أرى أن فتح الخيارات الأخرى أمر مهم جداً، ومن بين هذه الخيارات تحقيق المصالحة لأنها ستكون ورقة قوية في يد الفلسطينيين. كما أننا ندعو الرئيس أبو مازن إلى أن يثق بقدرات الشعب الفلسطيني، وأن يكون قراره شعبياً قبل أن يكون متوافقاً مع الضغوط الخارجية.

^ كيف استقبلت حركة حماس خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما حول حدود العام 1967؟

{ هذا الخطاب القي ونحن في موسكو. المستضيف الروسي استبشر خيراً به، وقال لنا انظروا إلى ايجابيات الخطاب، فتلك المرة الأولى التي يأتي فيها أوباما على ذكر حدود العام 1967، فأجبت: انتظر 24 ساعة، إذا لم يغير اوباما كلامه، نستطيع أن نحمل كلامك محمل الجد. في اليوم التالي، تحدث أوباما أمام لجنة «إيباك»، وغيّر بالفعل موقفه. نحن ندرك ان المواقف الأميركية غير ثابتة، فهي تتغير بحسب الموقف الإسرائيلي، كما أنها في أغلب الأحيان مواقف موسمية، فما يقال قبل الانتخابات غير ما يقال بعدها. ويجب أن يعلم الجميع أن أميركا محكومة بقضايا متعددة في سياستها الخارجية، ولا سيما في ما يتعلق الوضع في الشرق الأوسط (اللوبي الصهيوني، السياسات السابقة، قوانين الكونغرس، الانتخابات.... الخ).

^ في حال تشكلت حكومة التوافق، كيف يمكن للفلسطينيين أن يواجهوا احتمالات الحصار والمقاطعة الدولية؟

{ إنهاء الحصار يشكل احدى أهم مهمات الحكومة الفلسطينية المقبلة. أما كيف ينتهي الحصار، فالمسألة سهلة، وهي في الواقع مرتبطة بالشأن الفلسطيني الداخلي. اضرب مثلاً على ذلك، ما جرى مؤخراً بخصوص معبر رفح. المصريون أعلنوا سياسة جديدة في التعامل مع الفلسطينيين، وقد طبقوا هذه السياسة لثلاثة أيام. ذهب أبو مازن إلى القاهرة وقال للمصريين إنه لا يعارض التسهيلات الإنسانية (عبور طلاب، مرضى، جرحى...)، لكنه رأى أن فتح معبر رفح بشكل دائم يجب أن يكون ضمن إطار اتفاقية العام 2005، أي أن يأتي الحرس الرئاسي والمراقبون الأوروبيون وأن يتم التنسيق مع الإسرائيليين... أي العودة إلى الحصار مجدداً. هذا يظهر أن جانباً من الحصار على قطاع غزة هو شأن فلسطيني، ونذكر على سبيل المثال التضييق الذي مارسته السلطة الفلسطينية على الحجاج وقطاع الكهرباء والمستشفيات.

^ ماذا لو تكرر سيناريو المقاطعة الدولية؟

{ من قرر مقاطعة قطاع غزة هو الرباعية الدولية، وهي إطار صنعته الولايات المتحدة، وما كان يجب على الأمم المتحدة أن تكون عضواً فيه، لأنها مظلة للدول وليست جزءاً من تكتلات إقليمية. الاتحاد الأوروبي وروسيا يؤيدان المصالحة، ويعتبران الحصار غير قانوني. حتى الولايات المتحدة وجدت حرجاً في استمرار الحصار. كل ذلك كان قبل المصالحة، فكيف لو انتهى الانقسام؟ هذه سياسة عفا عليها الزمن ولا مناص من التراجع عنها. إذا حصلت المصالحة فلن تكون هناك أي ذريعة سوى ما يتعلق بسياسات الحكومة ومدى التزامها بشروط الرباعية. نحن قلنا بصراحة أن هذه الحكومة لا يجب أن تكون سياسية أو فصائلية، ما يعني أنه لن تكون هناك ذريعة لأي حصار جديد.

^ كيف تنظرون إلى ما يجري اليوم في سوريا؟

{ نعتقد أن التركيز على الحل السياسي والحوار الوطني الجدي سيشكل معالم الخروج من الأزمة الحالية. لن تكون الأوضاع في سوريا في المستقبل بالشكل الذي كانت عليه في الماضي. هناك خطوات إصلاحية بدأت منذ 2005، وتأخرت نحو ست سنوات، ولكنها أصبحت موضوعة على الطاولة، وبشكل سريع، بسبب الأحداث التي جرت. نعتقد أن الشعب السوري يستحق الكثير، ويعلم تماماً مدى الاستهداف على سوريا من ناحية، ومدى المصلحة المرتبطة بالمضي في خطى الإصلاح والتغيير من ناحية أخرى، ونأمل في أن تصل كل هذه الأمور إلى نهاية ترضي كل الشعب السوري.

^ ماذا تطلبون من الحكومة اللبنانية الجديدة؟

{ هناك عبارات نقولها دائماً مع تشكيل كل حكومة، ولعل الجميع يفهمها، وأهمها أن أي فلسطيني لا يرضى ببديل عن وطنه، من هنا دعوتنا الدائمة للحكومات اللبنانية بدعم حق العودة ورفض التوطين.

لكن ثمة قضايا أخرى تشغل الرأي العام الفلسطيني، وخصوصاً مسألة الحقوق المدنية. نرى اليوم قوانين تسن في البرلمان اللبناني لحماية الخادمات في المنازل، وهو تشريع ضروري من الناحيتين الإنسانية والحقوقية، ولكن البرلمان في المقابل لم يبلور حتى الآن آلية عادلة ومنصفة للشعب الفلسطيني في المخيمات. اعتقد أن هذه القضية يجب حلها بشكل جذري. أما القضايا الأخرى المطروحة في البيان الوزاري، والمرتبطة بالفلسطينيين، كالأمن والسلاح، فنأمل في أن تكون ضمن إطار حوار لبناني ـ فلسطيني.

يبقى قضية إعمار مخيم نهر البارد. الرئيس نجيب ميقاتي هو ابن طرابلس، ويعرف تماماً تفصيلات المخيم، وحق الجيرة يملي مسؤوليات إضافية، إذ لا يعقل كل هذا التأخير في الإجراءات، ولا بد من قرار حاسم لإيجاد حل لهذه المعاناة الإنسانية.