خبر شاليط..ثمن باهظ لـ« الفلسطينيين » وهزيمة قاسية لـ« إسرائيل »

الساعة 10:30 ص|24 يونيو 2011

أسر شاليط.. ثمن باهظ لـ"الفلسطينيين" وهزيمة قاسية لـ"إسرائيل"

فلسطين اليوم- غزة

تكبد الفلسطينيون ثمناً باهظاً عندما شنت "إسرائيل" حرباً شرسة على قطاع غزة، إثر أسر الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط قبل خمس سنوات لكن في المقابل منيت "إسرائيل" بـ"هزيمة" معنوية كما يرى محللون فلسطينيون وإسرائيليون.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية شكل أسر الجندي شاليت ما تراه مبرراً لإسرائيل لتنفيذ هجوماً عسكرياً قاسياً أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والجرحى وهدم الآلاف البيوت والمنشآت الفلسطينية إلى جانب تشديد الحصار والإغلاق على قطاع غزة.

وبلغ حجم الدمار والخراب ذروته في الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة نهاية 2008 وبداية 2009 مستغلة استمرار اسر شاليت كواحد من مبررات هجومها.

لكن هذا الثمن الباهظ الذي دفعه سكان القطاع بالنسبة للدكتور وليد المدلل "جزء من المقاومة ضد العدو".

وتمثل قضية أسر شاليط "جزءا كبيرا" من أسباب معاناة أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في هذا الشريط الساحلي الضيق.

ويقول مخيمر أبو سعدة استاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر أن إسرائيل استغلت اسر شاليت لممارسة "العقاب الجماعي من حصار وحرب وقتل وهدم وأوقعت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى وآلاف الأسرى (...) وتعرقل المصالحة وتعطل المفاوضات والاتفاق السياسي".

ولم يرق لإسرائيل إعلان اتفاق المصالحة بين حركة "فتح" التي يترأسها الرئيس محمود عباس وحركة "حماس" الشهر الماضي في القاهرة وهددت بوقف تحويل المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية وهو ما سيؤثر على خزينة الرواتب الشهرية لـ160 ألف موظف في القطاع العام للسلطة.

ويبدو أن تعثر مفاوضات صفقة التبادل بين "حماس" وإسرائيل بواسطة مصر وألمانيا عدة مرات يعفي إسرائيل بحسب المحللين من تقديم أي تنازل سياسي للفلسطينيين في إطار عملية التسوية المتعثرة، معللة هذا "التهرب" بعدم وجود شريك فلسطيني.

 

ويعتبر المدلل أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة أن إسرائيل كقوة محتلة تستخدم "عقيدة الردع لتكبيد الخصم اكبر قدر ممكن من الخسائر حتى لا يتراجع عن استخدام قوته مثلما استخدمها بخطف شاليط".

في المقابل تواجه حكومة إسرائيل "عبئا أخلاقيا وهزيمة معنوية وسياسية" بسبب فشلها في إعادة الجندي شاليط إلى عائلته وأصدقائه الذين عبروا في نشاطات مختلفة عن غضبهم. ويبين المحلل السياسي طلال عوكل أن "الثمن الذي دفعناه باهظ بسبب شاليط. لكنه كان مجرد ذريعة لإسرائيل التي تعاني من هزيمة معنوية".

ويتابع: "سيكون مكسبا ماديا ومعنويا لحماس حال إتمام الصفقة رغم أن إسرائيل ستظل قادرة على إلحاق العقاب الجماعي بغزة".

ويقر أفي ساخروف المختص بشؤون الشرق الأوسط في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية المستقلة أن حفاظ حماس على شاليط هذه الفترة الطويلة "نجاح لحماس وفشل واضح للجيش والاستخبارات في إسرائيل".

لكن عدم الوصول إلى صفقة حتى الآن "هزيمة سياسية لحماس بسبب آلاف الشهداء  والجرحى والمعتقلين والدمار الاقتصادي والسياسي"، على حد تعبيره.

ويشعر آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية المختلفة أن "الفرج قريب" والحفاظ على شاليط "ورقة الأمل الوحيدة" للمبادلة بهم.

وتبقى قضية مئات الأسرى من أصحاب المحكوميات العالية التي تقوم إسرائيل أن أيديهم ملطخة بدماء إسرائيليين" "مرتبطة بشاليط" كما يقول أبو سعدة. وتعتبر "حماس" صفقة التبادل "الأمل الوحيد في الإفراج عن الأسرى".

وفي بيان بمناسبة مرور خمس سنوات على اسر شاليت قالت حركة حماس إنها وجهت رسالة للحكومة الإسرائيلية ولشعبها أن "شاليط لن يخرج من الأسر إلا بصفقة تبادل مشرفة".

وأكد القيادي في "حماس" اسماعيل رضوان حرص حركته على انجاز صفقة "مشرفة" وانه "لا مجال" لإطلاق سراح شاليت "إلا بالاستجابة لكافه مطالب الآسرين" التي تشمل الإفراج عن ألف أسير.

وانهارت المفاوضات غير المباشرة لأسباب عدة، أبرزها هوية الأسرى الفلسطينيين المعنيين ومكان إطلاق سراحهم. إذ رفضت إسرائيل الإفراج عن فلسطينيين شاركوا في هجمات على إسرائيل في الضفة الغربية، فيما تصر "حماس" على تحقيق مطالبها.

وتعتقد المؤسسة الأمنية في إسرائيل أن إطلاق سراح عناصر قيادية من الضفة الغربية يشكل "هاجسا امنيا" على إسرائيل وفق ساخروف. وتتبادل إسرائيل و"حماس" الاتهامات حول مسؤولية تعطيل الصفقة.

وظلت "حماس" تصر على مطالبها بالإفراج عن ألف أسير بينهم عسكريون بارزين في الحركة مثل حسن سلامة وعبد الله البرغوثي وعباس السيد ويحيى السنوار وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" مروان البرغوثي والأمين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات.

 

ويعتبر سخاروف أن مطالب "حماس" "غير واقعية" لان إسرائيل ترفض الإفراج عن مثل هؤلاء الأشخاص "الخطيرين" على أمنها. ويشير المدلل أن "المقاومة جعلت إسرائيل معزولة وتبريراتها للعدوان لم تعد منطقية".

في المقابل، لا تريد حكومة بنيامين نتنياهو دفع ثمن بـ"إطلاق سراح مئات من ذوي المحكوميات العالية وهو ما ترفضه المؤسسة الأمنية لان قادة الانتفاضتين (1987 و2000) من الأسرى المحرريين"، على حد قوله.

وقال سخاروف انه يتوقع "ألا توافق" إسرائيل على الإفراج عن بعض المعتقلين إلى الضفة "لأنه خطر امني". لكن من شأن الحصار والإغلاق الإسرائيلي أن يصبح "غير مبرر" حال إتمام صفقة شاليت، بحسب المدلل.