خبر السلام والكوتج وطبيب الأسنان..هآرتس

الساعة 08:54 ص|24 يونيو 2011

بقلم: يوئيل ماركوس

        للاسرائيليين والفلسطينيين المخاوف غير المعللة أنفسها من طبيب الاسنان. فهم يؤجلون دورا بعد دور بهذه التعلة أو تلك عالمين في سويداوات قلوبهم أن اوضاع اسنانهم لن تتحسن. بل بالعكس، فكلما امتنعوا عن الجراحة المؤلمة كانت قدرتهم على تأجيلها أقل. وفي النهاية سيحدث الامر المحتوم الذي سيكون مؤلما وباهظ الكلفة ايضا. إن الزبونين يعرفان الحقيقة والنتائج الخطيرة للتهرب لكنهما لا ينجحان في جلب أنفسهما الى كرسي الطبيب المخيف. إن بيبي اذا بقينا ضمن هذا التشبيه يؤدي دور البطل المليء بالثقة بالنفس، في حين يصف اهود باراك الوضع بأنه تسونامي يقترب. يُكمل الاثنان بعضهما بعضا في شبه ثقة ذاتية مؤداها أن كل شيء سيكون على ما يرام. ألا تعرفون ما قال الأحدب؟ عن انه كيف أصبح أحدب؟ ربت الجميع على ظهري قائلين أن كل شيء سيكون على ما يرام.

        تقول تسيبي لفني انه توجد لحظات في التاريخ يكون فيها الاخفاق المستقبل منقوشا في الجدار: إننا نوشك أن نصادم العالم. ولا يهم هل يحدث هذا في ايلول أو في تشرين الاول لأن الحديث عن مسار قد بدأ. أصبح تفهم سلوك اسرائيل أقل، فهي توصف بأنها دولة استعمارية. تقول لفني: "في السياسة كما في القانون الجنائي عدم منع الجريمة حكمه حكم الاخفاق".

        ما يزال الامر غير متأخر في هذه المرحلة، فما زلنا لم نبلغ ايلول، وليس من المحقق بعد أن الفلسطينيين قد استقر رأيهم على أنهم يرغبون في تحقيق تهديد اعتراف الامم المتحدة بدولة فلسطينية. أُبلغ في جلسة لجنة الخارجية والامن هذا الاسبوع أن لقادة الفلسطينيين تفكيرا ثانيا هل يتمسكون بـ "لفتة عطف" اعتراف الجمعية العامة للامم المتحدة. لا بسبب خطر أن الامم المتحدة قد تعتمد على قرار التقسيم في 1947 الذي قُسمت البلاد بحسبه الى دولة يهودية ودولة عربية. قد يتبين أن قرار الامم المتحدة نكتة. في حين سيتم الاعتراف باسرائيل بأنها دولة يهودية يعارضها الفلسطينيون جدا فان واجب البرهان على أن العرب في القرار هم فلسطينيون في الحقيقة، سيقع عليهم كمطرقة على الرأس.

        لم يصبح ايلول شهرا مهما بسبب المباحثة التي ستكون أو لا تكون في الاعتراف بفلسطين المقسمة بأنها دولة، بل لانه سيحدث فيه شيء آخر أهم كثيرا من القرار الفارغ في الامم المتحدة ألا وهو الانتخابات في مصر. فهي مهمة بالنسبة الينا، وبالنسبة لاتفاق السلام الذي صمد ثلاثين سنة، لكنها مهمة فوق كل شيء بالنسبة لسؤال أي مصر ستصاغ بعد انتفاضة ميدان التحرير. هل ستنتج الانتخابات حكومة يكون حكامها الاخوان المسلمين؟ هل ستظل مصر دولة ذات مسؤولية ومستقرة وباحثة عن السلام؟ وهل ستستطيع امريكا واوروبا ودول المنطقة المعتدلة أن تراها جزيرة سلامة عقل ومسؤولية؟.

        إخراج اسرائيل من الحوار في حرب الانتخابات في مصر حيوي. من المهم ان تكون اسرائيل اثناء الانتخابات في تفاوض متقدم في تسوية مع الفلسطينيين لا في جمود. من اجل هذا ينبغي الانتقال عن الدعاية والتحرش الى السياسة المعتدلة. نحن نعمل وقتا كثيرا جدا في ميدان الدعاية ووقتا قليلا جدا في سياسة ايجابية عملية. يجب أن يكون الانتقال الى المحادثة والاعتراف ثمرة مبادرة اسرائيلية.

        يقول محللون امريكيون إن اوباما ليست عنده انفجارات غضب أو ميل الى إهانة ناس مسوا به على رؤوس الأشهاد، لكنه لا ينسى. إن ما فعله به بيبي في واشنطن هو من نوع الاشياء التي لا تنسى، إلا اذا أدركنا أين اخطأنا وكيف نساعد الادارة في امتحاني ايلول – بمبادرة الى تجديد التفاوض في خطوط 1967 وعدم عرض شروط إنذار.

        يتحدث بيبي عن تفاوض بلا شروط لكنه يعرض على الفلسطينيين شرط أن يعترفوا باسرائيل أنها دولة يهودية. ولنفرض أنهم اعترفوا ووقعوا فماذا سيكون آنذاك؟ ألسنا قد تعلمنا تجربة فترة "خريطة الطريق" عندما كان الشرط الاول وقف الارهاب؟ جميع هذه النزوات من الطرفين لا تفضي الى الجوهر. نحن نُحدث المشكلة ونأكل النتائج. تكاد تكون هذه آخر لحظة لنتناول بجدية الدعوات الى طبيب الاسنان. من غير الاسنان سنضطر الى أكل جبن الكوتج وهذا ثمن باهظ جدا للتخلي عن السلام.