خبر شرك تبادل الاراضي..إسرائيل اليوم

الساعة 08:52 ص|24 يونيو 2011

بقلم: دوري غولد

        في 19 أيار 2011 عندما تناول الرئيس الامريكي براك اوباما خطوط 1967 باعتبارها أساس التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني في المستقبل، لاول مرة، أبرز على نحو خاص فكرة "تبادل اراض" متفق عليه بين الطرفين.

        وذكر اوباما علاوة على ذلك أن الطرفين ذوا حق في "حدود آمنة معترف بها"، لكن تبادل الاراضي أسر خيال اولئك الذين حاولوا تحليل المعنى الكامل لكلام اوباما. وقد أثار قوله ايضا تساؤلات كثيرة: هل حديثه عن تبادل الاراضي يُعوض عن اعلانه خطوط 1967 أو يوازنه.

        تذكرون أنه بعد حرب الايام الستة ببضعة اشهر اتُخذ قرار مجلس الامن 242 الذي أصبح على مر السنين حجر الزاوية لجميع الاتفاقات بين اسرائيل والجانب العربي، لا يجب على اسرائيل بحسب هذا القرار أن تنسحب من جميع الاراضي التي استولت عليها نتيجة الحرب، أي أن القرار لم يطلب الى اسرائيل أن تنسحب من مائة في المائة من الضفة الغربية.

        أكد هذه النقطة مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الامريكية طوال السنين. إن مساحة الاراضي التي تستطيع اسرائيل التمسك بها لاحراز ما يُعرفه القرار بأنه "حدود آمنة معترف بها" كانت مختلفا فيها. لكن القرار 242 نفسه لم يتطرق الى مصطلح "تبادل اراض".

        والى ذلك فان جميع الاتفاقات التي جرى التوقيع عليها بعد ذلك مع الفلسطينيين لم تذكر أن اسرائيل يجب عليها أن تُسلم اراضيها السيادية مقابل كل منطقة في الضفة الغربية تستمر في التمسك بها.

 

        كيف بدأ كل شيء؟

        كيف ولدت الفكرة اذا؟ أُثير اقتراح تبادل الاراضي في منتصف التسعينيات اثناء اتصالات تمت في قنوات غير رسمية وسرية بقصد أن يُرى هل يمكن التوصل الى تسوية دائمة بين اسرائيل والفلسطينيين.

        تناول الفلسطينيون الذين شاركوا في تلك المحادثات حقيقة ان اتفاق سلام اسرائيل مع مصر اشتمل على انسحاب من مائة في المائة من اراضي شبه جزيرة سيناء. وزعموا أن رئيس م.ت.ف ياسر عرفات لن يستطيع الاكتفاء بأقل مما حصل عليه الرئيس المصري أنور السادات. كان من نتيجة ذلك أن الاسرائيليين الذين شاركوا في تلك المحادثات قبلوا مبدأ أن يحصل الفلسطينيون على مائة في المائة من الارض كالمصريين تماما برغم أن هذا الطلب لا يستوجبه القرار 242.

        لكنه كي تستطيع اسرائيل الاحتفاظ بمناطق حيوية من الضفة الغربية اقترحوا أن تُعوض اسرائيل الفلسطينيين باراض اسرائيلية سيادية.

        من المفهوم أن الفرق بين مصر والفلسطينيين عظيم. فقد كانت مصر أول دولة عربية تصنع سلاما مع اسرائيل، واعترافا بهذه الحقيقة أعطى رئيس الحكومة مناحيم بيغن السادات سيناء كلها. وفضلا عن ذلك جرى الاعتراف بحدود اسرائيل – مصر على أنها حدود دولية منذ عهد الدولة العثمانية. لم يكن لخطوط 1967 على طول الضفة الغربية نفس الوضع القانوني، فالحديث في واقع الامر عن خط وقف اطلاق نار كان علامة على المكان الذي وقفت فيه الجيوش العربية عندما غزت البلاد في 1948 لا غير.

        في مؤتمر كامب ديفيد في تموز 2000 تبنت ادارة كلينتون فكرة تبادل الاراضي، لكن هذا المؤتمر كالمفاوضات في طابا ايضا فشل برغم تنازلات اسرائيل التي لم يسبق لها مثيل. اعترف من كان وزير الخارجية الاسرائيلي اثناء كامب ديفيد وطابا، شلومو بن عامي، في مقابلة صحفية مع آري شبيط من صحيفة "هآرتس" في 14 ايلول 2001 قائلا: "لست على ثقة بأن كل فكرة تبادل الاراضي قابلة للتنفيذ".

        أي أنه عندما امتُحنت فكرة تبادل الاراضي في واقع تفاوض حقيقي لا في حلقات عمل اكاديميين تبين أنها ليست فكرة قابلة للتحقيق. من المهم أن نذكر أن الرئيس كلينتون بيّن أن الأفكار التي أثارها ستُزال عن طاولة المباحثات مع انقضاء ولايته. وفي الحقيقة لم تظهر فكرة تبادل الاراضي في خريطة الطريق في 2003 أو في رسالة بوش في 2004.

        كان رئيس الحكومة السابق اهود اولمرت هو الذي أحيا فكرة تبادل الاراضي في 2008. اعتمد اقتراح اولمرت الذي لم يُعلم مجلسه الوزاري المصغر على طلب 6.3 في المائة من الضفة الغربية، لكن محمود عباس كان مستعدا للحديث عن تبادل اراض يقوم على 1.9 في المائة من الارض فقط. تناولت هذه الأرقام اراضي الاستيطان اليهودي ولم تتناول حتى احتياجات اسرائيل الامنية.

        والى ذلك حذّر البروفيسور جدعون بايغر من قسم الجغرافيا في جامعة تل ابيب في مقالة نشرها في المدة الاخيرة في صحيفة "هآرتس" في 9 أيار 2011 من أن اسرائيل لا تستطيع الموافقة على تبادل اراض تزيد على 2.5 في المائة من الضفة الغربية وقطاع غزة. على حسب تحليله سيؤثر تبادل اراض كبير جدا في الحال في اراضي بنى تحتية حيوية مدنية وعسكرية. وعلى هذا ومع الأخذ في الحسبان الموقف الفلسطيني المتعلق بتبادل الاراضي والعوامل الجغرافية القسرية لاسرائيل نفسها، فان تبادل الاراضي ليس ردا على الخوف الاسرائيلي من الانسحاب الى خطوط 1967.

        تجارب ماضٍ فاشلة

        تشير مسألة تبادل الاراضي الى معضلة أعمق في علاقات اسرائيل بالولايات المتحدة. ما هو المعنى المتراكم لتجارب تفاوض ماضية فاشلة؟.

        في خطبة في "ايباك" في 24 أيار اقترح فيها الرئيس اوباما خطوط 1967 مع تبادل اراض قال: "هذا الاطار الأساسي للتفاوض كان منذ زمن بعيد أساس المباحثات بين الأطراف التي تشتمل على ادارات امريكية سابقة".

        هل مجرد حقيقة أنه تم بحث هذه الفكرة في الماضي تحت حكومة اسرائيلية اخرى يجعلها جزءا من برنامج العمل الدبلوماسي في المستقبل؟.

        مع ذلك قال الرئيس اوباما في خطبته في "ايباك" ايضا كلاما آخر عن التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني يمكن أن يُبعد التفاوض عن خطوط 1967. فقد تحدث اوباما عن "الواقع السكاني الجديد على الارض"، يوميء الى أن الكتل الاستيطانية الكبيرة ستكون جزءا من اسرائيل في نهاية الامر.

        واستعمل اوباما ايضا صيغة القرار 242 في تناوله لـ "حدود آمنة ومعترف بها" وأضاف ايضا أنه "يجب أن تكون اسرائيل قادرة على حماية نفسها – بقواها الذاتية – من كل تهديد".

        ليس البديل الحقيقي من خطوط 1967 هو تبادل الاراضي بل حدودا قابلة للدفاع عنها يجب أن تنشأ اذا كنا نريد احراز سلام ذي بقاء.