خبر منتسبو الصناديق- هآرتس

الساعة 08:15 ص|23 يونيو 2011

منتسبو الصناديق- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الطريقة الديمقراطية في اسرائيل أصبحت عاجزة هشة فاسدة تقوم على جلب المصالح لمنتسبي الاحزاب وللساسة معا - المصدر).

        لا تنقضوا على حزب العمل وعلى حملة انتساب الصناديق؛ فالذنب ليس ذنبه. ولا داعي ايضا للعيب على طريقة الانتخابات التمهيدية؛ لانه توجد اشياء سيئة أكثر مثلها لكن لا يوجد أفضل منها. صحيح أن غريزة حنيني تجرني عائدا الى الغرف التي يغطيها الدخان للجنة المنظِمة في شارع اليركون 110، في البيت الذي بقي منه الآن هيكل عارٍ فقط مع الشخصيات الاسطورية التي كانت ذات مرة، والتي عرفت كيف تكون قائمة تمثيلية، دون مال ودون صناديق، لكن كانت تلك سياسة الأرباب، سياسة ضاق بها حزب العمل ذرعا قبل عشرين سنة بالضبط.

        صحيح أن الانتخابات التمهيدية لم تحسن منذ ذلك الحين أوضاع الاحزاب في اسرائيل، فلم تصبح أكثر ديمقراطية بل أكثر فسادا. وصحيح ايضا ان الانتخابات التمهيدية لم تُجر في السياسة الاسرائيلية دما جديدا مختلفا. فنشطاء الاحزاب بقوا هم النشطاء مع تعيين دائم لكل الحياة تقريبا.

        ليست المورثات الجينية لحزب العمل مذنبة في كل هذا – فحملات انتساب كديما والليكود لا تبدو أفضل كثيرا ومن المؤكد أنها لم تنشيء منتخبين أفضل. إن المورث الجيني للديمقراطية والمجتمع في اسرائيل هو أم كل خطيئة. الذنب ذنب هشاشة الديمقراطية الاسرائيلية وضعف المجتمع. فالحديث عن ديمقراطية للفقراء: لا لأنها ضعيفة وتهدد بالتصدع والتمزق في كل لحظة، ولأنها بلا مراسٍ وتقوم على الجهل، مع الفرض المعوج أنه يكفي وجود انتخابات وحكم الأكثرية من اجل تحقيقها؛ الحديث في الأساس عن طريقة تعتمد على استغلال – استغلال ضعف الفقراء وعجز المضطهدين.

        لأنه من ذا ينتسب اليوم لحزب ما؟ أتعرفون شخصا ما انتسب؟ انهم قلة قليلة إن وجدت أصلا. ومن ينتسب بالصناديق الى أحزاب المؤسسة؟ العرب والفقراء والضعفاء الآخرون. عندما يكون ربع منتسبي العمل عربا، في حين أن عدد مصوتيه العرب يعدّه فتى صغير، يكون شيء ما مريضا لا في الطريقة بل في مبنى المجتمع.

        منذ أيام تمني – هول في الولايات المتحدة في مطلع القرن الماضي، كانت هذه السياسة تعتمد على الاستغلال الشديد للامراض الاجتماعية. لا يوجد عند فريق من العرب والمظلومين الآخرين والفقراء اهتمام كبير بالتصورات العامة والمواقف السياسية وسن القوانين والمرشحين والبرامج الحزبية. انهم لا يريدون سوى وظيفة اذا أمكن؛ ورخصة بناء، اذا أمكن؛ ورقم هاتف في النوافذ العالية. انهم يريدون ثلاجة مملوءة أكثر وإذنا باغلاق شرفة. يمكن شراؤهم هكذا فقط بثمن رخيص، بأسعار نهاية الموسم، موسم الانتخابات التمهيدية اللعين.

        هذه هي الساعة الكبرى للمنتسبين الصغار، انها ساعتهم الوحيدة. خمسون استمارة مقابل رخصة بندقية صيد، ومئة استمارة مقابل مكان عمل لابن أخ حارسا لغابة، وصندوق مع 500 منتسب مقابل رخصة زيادة طبقة اخرى على البيت، ليس لهم سبيل اخرى لاحراز هذا. الطريقة والساسة يستغلون هذا. فلا تكاد توجد عندهم هم ايضا سبيل اخرى. أنظروا من الذين كانوا ملوك الانتخابات التمهيدية – شخصيات كبنيامين بن اليعيزر – وما الذي وعدوا به وبكم اشتروا. لانه كيف يمكن أن نفسر على نحو آخر طرق العرب لأبواب العمل وهو أكبر من سلبهم واضطهدهم منذ أجيال؛ واتكال اخوتهم على "اسرائيل بيتنا"، الذي ليس عندهم، وتصويتهم لشاس الذي ليس حزبهم.

        لا داعي للحديث الآن عن تغيير الطريقة. فالبديلة منها لن تكون أفضل. ربما يجب أن تُزاد الرقابة لكن هذا لن يساعد كثيرا ايضا. فما ظل الوعي الديمقراطي ضعيفا جدا والظلم الاجتماعي شديدا جدا، فسيستمر هذا الرقص الفاسد، اثنين لرقصة التانغو، الساسة المتهكمين من جهة والمنتسبين العاجزين من جهة اخرى. في الوقت الذي تخاطر فيه الشعوب العربية بأنفسها من اجل الديمقراطية، تسير عند جارتهم على الملأ باعتبارها أداة فارغة مُفسدة.

        تذكروا استطلاع صندوق فريدريك أبارت الذي نشر في صحيفة "هآرتس" منذ نحو من ثلاثة اشهر ومؤداه أن 60 في المائة من الشباب الاسرائيليين من مدللي الديمقراطية يفضلون "زعيما قويا" على سلطة القانون؛ و70 في المائة يفضلون الأمن على الديمقراطية. مع صورة جمعية كهذه يصعب أن نوجه اللوم على حزب العمل ويصعب أن نشكوا من صناديقه. فجذر المشكلة أعمق كثيرا وخطرها أكثر تهديدا من انتخاب هذا المرشح أو ذاك لرئاسة العمل، مع صناديق الانتساب أو من غيرها.