خبر النزاع الخالد.. معاريف

الساعة 02:27 م|21 يونيو 2011

بقلم: شالوم يروشالمي

­­(المضمون: كل مشاريع السلام، التي بذل فيها جهد كبير، بحث، محادثات أولية ومقابلات، كانت محكومة بالفشل. السبب الاساس: الطرفان لم يتوصلا الى حسم تاريخي واستراتيجي يفترض الحل. اما أنا فكنت سأضيف بان الحسم التاريخي هو ايضا لم يعد ممكنا تنفيذه على الارض  – المصدر).

ماذا ينبغي للمواطن الاسرائيلي أن يفكر به حين يتعرض لموقفين متعاكسين من زعماء الدولة في غضون اسبوعين؟ الاول كان المواطن رقم 1، الرئيس شمعون بيرس، الذي أعلن بانه يمكن الوصول الى اتفاق مع الفلسطينيين في غضون ستين يوما، أي حتى ايلول القريب القادم. والثاني كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أعلن بان النزاع غير قابل للحل الى أبد الابدين. "هذا ليس نزاعا على الارض، جذر النزاع يوجد بشكل عام في مكان آخر"، قال نتنياهو لصحيفة "هآرتس".

في صالح المواطن الذي يشوش زعماؤه له العقل على هذا النحو، نقول بشكل لا يقبل التأويل: نتنياهو محق. النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني غير قابل للحل. لا على المستوى الايديولوجي، لا على المستوى السياسي ولا على المستوى العملي. النزاع هو غير قابل للحل بسبب الموقف الفلسطيني ولكن ايضا بسبب أن بيرس ونتنياهو بنفسيهما جعلاه، كل واحد بدوره معقدا حتى الرعب وعديم كل احتمال للحل الوسط. كلاهما خلطا الاوراق على الارض بتزمت، بحيث لم يعد ممكنا اليوم امتشاق الجوكر السياسي المنتصر.

النزاع غير قابل للحل على المستوى الديني والايديولوجي لانه لا يوجد أي طرف يتنازل عن حق وحقيق عن مواقفه الاساسية في مواضيع الملكية على البلاد، من نهر الاردن وحتى البحر. في المواضيع الجوهرية ليس هناك من يمكنه أن يقترح حلا وسطا مقبولا حول حق العودة، اللاجئين، الحدود والقدس. رئيس الوزراء نتنياهو بشكل عام يفترض بان الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم في الاردن، والا فانها مصيبة وجودية لاسرائيل وان الزمن يعمل في صالحنا.

على المستوى السياسي لا يوجد أي احتمال لزعيم فلسطيني أو لرئيس وزراء اسرائيلي لتنفيذ حل وسط بعيد الاثر، لن يتحقق على أي حال أبدا. الاسرائيلي لن يقبل حق العودة، والفلسطيني لن يتنازل عن حق العودة. وهكذا ايضا بالنسبة للحرم. المستوطنات؟ رئيس وزراء في اسرائيل لا يمكنه اليوم أن يخلي 125 الف مستوطن يعيشون خلف خريطة الكتل الشهيرة. ليس هناك من يفكك من سكانها كريات أربع (7 الاف نسمة)، بيت أيل (6 الاف نسمة)، عوفرا (3 الاف نسمة) او شيلو (2.500). خسارة على الوقت.

على المستوى العملي لا توجد أي امكانية للوصول الى حل على الارض في المواضيع الجوهرية، وليس فقط في موضوع حق العودة او المستوطنات. القدس في وضعها الحالي لا تتحد ولا تنقسم بين الشعبين. في الاحياء اليهودية خلف الخط الاخضر يوجد اليوم 300 الف يهودي، اكثر مما في القدس الغربية. الاحياء العربية في شرقي المدينة مختلطة دون صلاح الى جانب الاف السكان اليهود. ولتقسيمها يجب شد حدود سياسية بين ساحات المنازل والطوابق داخل البلدة القديمة، في راس العمود، في سلوان او في الثوري.

للمشاكل الجوهرية الاساسية التي غير قابلة للحل اخترعت على مدى السنين كل أنواع الاختراعات التي تجعل كل القصة سخيفة. مثلا، ان تبقى المستوطنات تحت سيادة فلسطينية. ان يكون تبادل للسكان او أن تستوعب اسرائيل بضعة الاف من الفلسطينيين من سوريا ولبنان في كل سنة. الاعلان التبسيطي لكلينتون: "الاحياء العربية في القدس للعرب واليهودية لليهود" لا تثبت فيه الماء، كما يقال. وكذا فكرته لتنفيذ "تقسيم طولي" للحرم يبدو كنوع من المزحة الرئاسية رفيعة المستوى.

مركز بيرس للسلام بالذات، الى جانب المركز الفلسطيني للقضايا الاستراتيجية، ينشر هذه الايام وثيقة خاصة تتضمن 17 مبادرة سياسية طرحت في الفضاء في العشر سنوات الاخيرة، بدءا بصيغة كلينتون وحتى خطة شاؤول موفاز. الوثيقة تفصل جيدا لماذا كانت كل واحدة من هذه الخطط، التي بذل فيها جهد كبير، بحث، محادثات أولية ومقابلات، محكومة بالفشل. السبب الاساس: الطرفان لم يتوصلا الى حسم تاريخي واستراتيجي يفترض الحل. اما أنا فكنت سأضيف بان الحسم التاريخي هو ايضا لم يعد ممكنا تنفيذه على الارض.

وفقط من أجل زيادة الارتباك، أعلن الرئيس بيرس في نهاية الاسبوع الماضي باننا "نندفع بكل القوة الى وضع سنخسر فيه دولة اسرائيل كدولة ديمقراطية ويهودية". هذا استنتاج من تحليل لوضع بيرس مسؤول عنه بقدر لا يقل عن أي زعيم آخر في المنطقة.