خبر عين على الكوتج- معاريف

الساعة 08:47 ص|19 يونيو 2011

عين على الكوتج- معاريف

بقلم: ياعيل باز ميلميد

دانا وزوجها اللذان يتشاركان شقة مأجورة في الشمال القديم لتل أبيب، لا يحبان جبنة الكوتج. ولهذا فانهما لم يشترياها. كما لم تكن لديهما فكرة عن سعرها. رغم ذلك، روت لي بعينين مشعتين بان كليهما انضما الى احتجاج الكوتج على الفيس بوك. "لماذا؟"، سألتها، "لاننا أردنا أن نكون جزءا من الاحتجاج على الارتفاع المجنون للاسعار، المصاعب التي نواجهها نحن كشباب في انهاء الشهر، رغم ان كلينا نعمل وليس لدينا أطفال بعد، فاننا نستعين باهالينا على نحو دائم كي ننجح في البقاء كيفما اتفق".

لا ريب أن اولئك الذين بدأوا احتجاج الكوتج أرادوا فقط تخفيض سعر كأس الجبنة هذا، الذي تسلق لدرجة ثمانية شواكل. في هذا الشأن نجحوا. فقد انخفض السعر جدا. ومعامل الحليب الكبرى لن تصمد امام الضغط. غير أننا ملزمون بان نؤمن بانه حتى بعد أن ينخفض السعر، فان الاحتجاج لن يتوقف. العكس هو الصحيح. فالنجاح سيثير الشهية لمزيد من الاحتجاجات.

دانا وزوجها ليسا الوحيدين اللذين يتوقان للتغيير، للحراك، لشيء ما يحصل. الكثير من المواطنين، ولا سيما من الطبقة الوسطى، بان هكذا لا يمكن الاستمرار. كل شيء عالق. الدولة في حالة جمود، ولا يرى الناس النور. الشباب يعودون ليسألوا أهاليهم، وأصدقاء اهاليهم كيف نجحوا في الوصول الى شقة والى مستوى معيشة معقول بل واكثر من ذلك. ما الذي فعلوه غير ما يفعله الشباب الان؟ كيف يمكنهم هم، الشباب، الوصول في أي وقت من الاوقات الى شيء يقترب من مستوى معيشة اهاليهم. أين اخطأوا؟ ونحن، الاهالي، نشرح لهم بان الحال كان ذات مرة اسهل بكثير. كل شيء كان سوي العقل بقدر اكبر، منطقي أكثر. والشقة كانت في متناول اليد حتى لمن لم يتلقى معونة بالحد الادنى من أهله.

ذات مرة كنا نأخذ القروض، أخذنا قروض السكن، جمعنا من هنا ومن هناك، واشترينا بيتا بثمن يمكن ان نعيد الديون عليه، بل وان نواصل العيش ونربي العائلة في ظروف مناسبة. جبنة الكوتج الاسطورية  وصفت كعلامة على العودة الى البيت، وعلى مغلفاتها رسم بيت مع سطح بكرميد أحمر. وصحيح حتى اليوم، يمكن للكثير من الشباب ان يشتروا هذه الجبنة ولكن لا يوجد أي احتمال لان ينجحوا في الوصول الى ذاك البيت. وزير المالية يمكنه ان يعلن حتى الغد بان الحل هو في استيراد منتجات الحليب، والذي سيؤدي الى زيادة المنافسة. منذ متى كان الحل هو تفضيل الاستيراد على الانتاج المحلي الذي يعطي عملا للعديد من العاملين؟ لعله من اللحظة التي يراد فيها فقط اطفاء الحرائق. لا يفكرون، لا يخططون، لا يرون الصورة العامة.

ليس صدفة أن السياسيين الصغار وعديمي الطريق ممن يديرون حياتنا في السنوات الاخيرة يعتقدون بان الجمهور غبي بما فيه الكفاية. يمكن ان يباع له كل شيء. ينبغي تمشيط الشعر جيدا، ورفع علم اسرائيل في وسط الصورة، والحديث بنبرة ذات صلاحية، دون قول شيء، واذا بالجمهور يشتري. يكفي التفكير بكل تلك المؤتمرات الصحفية الدراماتيكية الرامية الى حل أزمة السكن بواسطة كل أنواع السوبر تانكر (طائرات رش الماء لاطفاء النار) كي نفهم كم هم يتلاعبون لنا بالعيون. خدعة اسرائيل هذه باتت ثناءا بالقياس الى ما يحصل اليوم. اسعار الشقق ترتفع فقط، والمزيد فالمزيد من الازواج الشابة يسيرون بيننا يائسين وعديمي الامل.

الامل. هذه هي الكلمة الأساس. جبنة الكوتج هي التي يمكنها أن تعيد الامل للكثير من المواطنين. ولهذا فان أهميتها عظيمة جدا. اذا ما نجحت، وكما أسلفنا فانها ستنجح، فسنتعلم كلنا قيود قوة اولئك، هناك، فوق. اولئك الذين يدعون بانهم يديرون حياتنا، ولكنهم عمليا لا يديرون شيئا. اولئك الذين يعتقدون بانه يمكن أن يأخذوا منا كل ثمن يريدون، ونحن سندفع ونسكت. اولئك الذين هم متأكدون بان الافضل هو عدم عمل شيء. عدم تغيير شيء. عدم التحرك الى أي مكان. فقط على أن يكون هدوء لسنتين اخريين. حتى الانتخابات القادمة.

اذا ما جلبتنا الكوتج الى الاماكن اياها، فثمة أمل. اذا ما توقف الاحتجاج بعد أن تهبط الاسعار، فان النجاح سيكون صغيرا جدا، وبعد وقت قصير فان احدا لن يتذكر بانه تحقق.