خبر يوم القيامة: هل تُفلس الولايات المتحدة؟- إسرائيل اليوم

الساعة 08:44 ص|19 يونيو 2011

يوم القيامة: هل تُفلس الولايات المتحدة؟- إسرائيل اليوم

بقلم: زلمان شوفال

الدول لا تُفلس – كانت هذه هي النظرية المقبولة على الأقل لكنها لم تعد كذلك. فاليونان على خطوة من عجز عن قضاء الدين، والبرتغال كذلك ليست بعيدة عن ذلك وربما اسبانيا ايضا. لكن هل يمكن أن يخطر بالبال أن تمضي الولايات المتحدة وهي أكبر اقتصاد في العالم على أثرها؟ يوجد اليوم خبراء اقتصاد وإن كانوا ما يزالون قلة، يتحدثون بصراحة عن هذه الامكانية الكابوسية. والمعطيات تتحدث من تلقاء ذاتها: فالدين الداخلي والخارجي في الولايات المتحدة بلغا مقادير لم يسبق لها مثيل وما يزالان يكبران – ولا تبدو في الأفق خطوات صارمة تستطيع أن تُغير هذا الاتجاه. للولايات المتحدة في الحقيقة ميزة على دول اخرى – فهي تطبع الدولارات وما يزال الدولار هو العملة الدولية الرئيسة – لكن ماذا سيحدث للدولار اذا بلغ مدينو الولايات المتحدة الى استنتاج أنها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها؟ قد يقف ايضا عمل آلات الطبع إما نتاج قيود قانونية وإما لان هذه الدولارات التي يوجد من يسميها اليوم "مال احتكار" لن تعود لتمثل قيمة اقتصادية حقيقية.

تعلمون انه يوجد في الاتحاد الاوروبي سقف للديون والعجوزات الميزانية التي يجوز للاعضاء فيه تحملها؛ ويحدد مجلس النواب في الولايات المتحدة المستوى المسموح به لسقف الدين الوطني – وهذا السقف يقف الآن على مبلغ يقل عن الدين الفعلي بـ 14.3 مليار دولار. اذا لم يُرفع هذا السقف حتى مطلع شهر آب فستعجز امريكا عن قضاء الدين – والقرار على رفع السقف كما قلنا آنفا في يد مجلس النواب. وتعلمون ان الجمهوريين يسيطرون على مجلس النواب. ونظريتهم الاقتصادية ذات اتجاه واحد تقول انه ينبغي تقليص العجوزات وعدم فتح الكيس المثقوب بعد.

والى هذا ينبغي خفض الضرائب لتشجيع الاستثمارات والنمو. ما تزال المعركة على هذا الشأن غير خاسرة من قبل الادارة لان الجمهوريين قد يرضون في اللحظة الاخيرة مقابل تنازل حكومي في شؤون اخرى. لكن ذلك على كل حال سيظل مشيا على شفا الهاوية. إن الاختلافات في الشأن الاقتصادي هي لب الصراع السياسي في الولايات المتحدة: فالذين يؤيدون التوسع الميزاني ومشاركة أكبر للحكومة في الاقتصاد، لا سيما الديمقراطيون لكن ليسوا هم وحدهم – يزعمون أن صب مبالغ مالية كبيرة في الاقتصاد ثالامريكي سيمنع أزمة اقتصادية اخرى قد تكون أكثر حدة من التي سبقتها. وهم يزعمون أنه بهذا فقط ستنشأ اماكن عمل جديدة، وأن السوق الداخلية والتصدير الامريكي سيرتفعان درجة، وسيكبر نتاج كل ذلك جباية الضرائب (التي ينبغي رفع نسبها أصلا). آنذاك سينتعش الاقتصاد بحسب وجهة نظرهم. ويعتقد معارضو هذا التوجه، ولا سيما الجمهوريون لكنهم ليسوا وحدهم، أن هذه السياسة خاصة هي والدة كل خطيئة. أي أن الميزانيات العامة الضخمة هي التي أفضت الى الازمات الحالية. وهم يثورون على مبادرات التوسيع الميزاني وفيها أفكار مثل الاصلاح الصحي غير الشعبي لاوباما الذي سيكلف دافع الضرائب الامريكي في السنين القريبة تريليونات اخرى من الدولارات. وهم يدعون الى التقليص ويبدو أن هذا الشعار يقبله جزء كبير من مواطني الولايات المتحدة ايضا.

البطالة هي مركز الجدل. وفي هذا الشأن "لا يأخذون أسرى"، لان الطرفين، الديمقراطيين والجمهوريين، يعلمون أن هذا هو الذي سيحسم انتخابات الرئاسة كما يبدو. سُجل في الشهر الماضي 14 مليون عاطل عن العمل، أي 9.1 في المائة من قوة العمل. ولم تكد تنشأ اماكن عمل جديدة في أي قطاع في الجهاز الاقتصادي، وتجدد التدهور في مجال الاسكان والبناء، وتشير المعطيات الى امكانية أن يقف نمو الاشهر الاخيرة مرة اخرى. يُبين التاريخ الامريكي أنه لم ينجح أي رئيس منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي في أن يُنتخب من جديد اذا زادت نسبة البطالة على 7.1 في المائة. مشكلة اوباما انه لا يكاد يملك في الأمد القريب على الأقل وسائل لتغيير اتجاهات الاقتصاد السلبية لا من جهة سياسية ولا من جهة اقتصادية. ولا يستطيع المصرف الفيدرالي ايضا أن يخفض الفائدة التي تُماس الصفر أصلا. وهناك من يتهمونه ايضا ولا سيما في اليسار بأنه لا يظهر زعامة مناسبة ولا يتخذ خطوات يملكها. ولا يوجد عند الجمهوريين بطبيعة الامر علاجات سحرية لكن واجب البرهان الآن مُلقى على الادارة وعلى رئيسها. وكما كتب المحلل الليبرالي ريتشارد كوهين في صحيفة "واشنطن بوست": "يُشك كثيرا في أن تكلف سياسة اوباما في الشرق الاوسط الخسارة في الانتخابات لكن الاقتصاد مسألة مختلفة".