خبر عالقون في الميدان- هآرتس

الساعة 08:56 ص|16 يونيو 2011

عالقون في الميدان- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: قبل ثلاثة اشهر من انتخابات مجلس الشعب في مصر ما يزال من الصعب ان نرى المبنى السياسي المرتقب للدولة، ويهدد الجدل القوي بين الاحزاب في صورة الدولة انجازات الثورة - المصدر).

        "نحن نتحول عن ديكتاتورية الحزب الوطني (الحزب الحاكم لعهد مبارك) الذي لم يمنع دخول الاخوان المسلمين الى السياسة، الى ديكتاتورية الثورة التي تريد أن تسلب مواطنين مصريين حقوقهم السياسية بعلة أنهم محسوبون على الحزب الوطني. وهم ينسون أن أكثر أبناء الشعب المصري كانوا اعضاءا في هذا الحزب راغبين أو غير راغبين".

        عندما يكتب "هم" يقصد أبو دعاء، وهو متصفح مجهول في موقع "المصري اليوم"، يقصد المشاركين في اجتماعات "الوفاق الوطني"، وممثلي حركات وتيارات، ومثقفين وساسة يُجرون منذ نهاية أيار حوارا مع المجلس العسكري الأعلى في مصر لصياغة مستقبل مصر السياسي.

        تُجرى الاجتماعات في بنية لجان تتناول كل واحدة منها مجالا محددا. أثار غضب أبو دعاء قرار لجنة الانتخابات على منع الساسة والقادة والناس المركزيين الذين تولوا اعمالا في الحزب الوطني الذي حُل، من العمل في السياسة مدة خمس سنين. ويريد القرار ايضا أن يمنع قيادات "الاحزاب الوهمية" التي انشأتها السلطة من العمل في السياسة، وإقالة كل عضو مجلس شعب قضت المحكمة بأن انتخابه كان بالتزوير، فورا.

        أبلغ الدكتور هاشم ربيع الذي يرأس لجنة الانتخابات في اطار الاجتماعات أن اللجنة أعدت قائمة تشتمل على 2970 نشيطا ينبغي منعهم من العمل في السياسة، وأن اللجنة تنوي توزيع القائمة بين حركات الاحتجاج والاحزاب المسجلة كي تستطيع منع انتخابهم أو كي تعمل على مجابهتهم اذا قرروا المنافسة في الانتخابات.

        "أسهل علينا أن نقرر ماذا لا من أن نقرر ماذا نعم"، قال لصحيفة "هآرتس" نشيط في حركة "6 ابريل"، وهي الحركة التي نظمت المظاهرات الكبيرة في كانون الثاني وقررت – كما قررت حركة الاخوان المسلمين ايضا – عدم المشاركة في اجتماعات الوفاق الوطني.

        "هل اتفقنا على شكل الدستور؟ هل ستظل الدولة تُعرف بأنها دولة الشريعة الاسلامية فيها هي مصدر التشريع؟ هل هدفنا هو تصفية الحسابات أم انشاء دولة جديدة؟"، تساءل ذلك النشيط وهو مهندس برمجة في الثانية والاربعين من عمره؛ "نحن نمنح الجيش في هذه الاثناء سلطة تقرير مستقبل مصر وقد يسرق الثورة منا".

        المتحدث، الذي تحدث ايضا عن اختلاف داخلي داخل حركة "6 ابريل" يتعلق بالمشاركة في مؤتمر الوفاق الوطني، ليس شاذا في مواقفه. في الاسبوع الماضي حذر الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد الذي كان معارضا رمزيا بلا تأثير في أيام مبارك من أن "الثورة ما زالت لم تحرز أهدافها سوى اسقاط الرئيس السابق ومحاكمة وزراء حكومته ومسؤولين آخرين عن وضع مصر. ينبغي ترك الطموح الى الانتقام من النظام القديم للمحاكم".

        يقترح البدوي أن يظل الجيش يُدبر شؤون مصر سنتين أخريين على الأقل كي يستطيع مرشحون مناسبون لولاية الرئاسة عرض أنفسهم وكسب ثقة الجمهور، لكنه يعترف بأن قيادة الجيش تعارض ذلك لانها تريد التخلص في أسرع وقت ممكن من عبء ادارة الدولة المباشرة. اذا لم يقع تأجيل فان انتخابات الرئاسة يفترض ان تتم في كانون الاول، وما يزال من الصعب الاشارة الى مرشح متقدم يستطيع اكتساح أكثر الاصوات.

        البدوي قلق على نحو خاص من "الروح الثورية" التي ما تزال تسيطر على شوارع مصر والتي تسمح لمخالفين عن القانون وبلطجية بالعمل بلا عقاب. وقعت احدى الحوادث التي تثير الرعب في الاسبوع الماضي، عندما هوجمت مريان عبده، وهي صحفية لمحطة التلفاز القبطية "سي.تي.في" جاءت لمقابلة متظاهرين في ميدان التحرير على أيدي جماعة بلطجية صاحوا بها "اسرائيلية، اسرائيلية"، ومزقوا ملابسها وحاولوا بحسب شهادة بعض الحضور اغتصابها.

        قرر شرطي شجاع خاصة أن يقوم بفعل وأن يطلق النار في الهواء لتفريق المهاجمين. عمل الشرطي الذي حظي بشكر معلن من رئيس الحكومة عصام شرف، شاذ. فرجال الشرطة يخشون على نحو عام من مجابهة المتظاهرين أو المُخلين بالقانون عامة. وتحدث شهود على الحادثة عن أنه كيف حاول زملاء الشرطي تفريق المهاجمين لكن بعضهم هربوا عندما بدأ البلطجية يهاجمونهم.

        على مبعدة بضعة شوارع من الميدان، في قاعة المؤتمرات الضخمة للفندق التاريخي "شبرد"، الذي اعتاد الأديب والفائز بجائزة نوبل نجيب محفوظ لقاء اصدقائه ومُجليه فيها، ظهر اختلاف سياسي آخر. فقد تشاجر ممثلو اربعة احزاب جديدة في طور النشوء لم تحظ بعد بالتسجيل بمقتضى القانون، على مرأى جمهور مشاهدين كبير في اسلوب معتاد في اوروبا أو الولايات المتحدة. كان يجب على كل ممثل أن يعرض مدة خمس دقائق برنامج حزبه وأن يرد بعد ذلك على اسئلة خصومه ويجيب عن اسئلة اخرى من الجمهور. الحديث عن ناس معروفين ذوي تأثير ولا سيما من النخب القاهرية، مثل رجل الاعمال نجيب ساويرس، والمفكر اسامة الغزالي حرب، والدكتور مصطفى النجار، منسق حملة انتخابات محمد البرادعي، وغيرهم.

        اتفق الجميع بطبيعة الامر على أنه يجب الاهتمام بنماء مصر وبالديمقراطية واجتثاث الفساد. لكن عندما سُئلوا عن التفصيلات تبين أنهم بعيدون جدا عن الاتفاق. هناك من يخشون الاخوان المسلمين الذين انشأوا حزبين، وهناك من يريدون تأجيل انتخابات الرئاسة بل البرلمان، وتوجد ايضا اختلافات عميقة في مسألة صورة الدولة ولا سيما على خلفية خشية الأقباط من فوز كبير للاخوان المسلمين. ما تزال مصر قبل ثلاثة اشهر من انتخابات مجلس الشعب عالقة في ميدان التحرير.