خبر في شأن إيران -هآرتس

الساعة 08:54 ص|16 يونيو 2011

في شأن إيران -هآرتس

بقلم: آري شبيط

        (المضمون: يُبين الكاتب ثماني حقائق تتعلق بشأن ايران الذرية ويُبين في نهاية الامر ان اسرائيل والولايات المتحدة واوروبا لا تفعل ما يكفي لمجابهة الخطر الايراني والاستعداد لساعة الحسم - المصدر).

        الحقيقة الاولى: لا يستطيع لا الغرب ولا اسرائيل أن يُسلما لوجود ايران ذرية. فايران الذرية ستجعل الشرق الاوسط ذريا وستهدد مصادر طاقة الغرب، وتلقي على اسرائيل رعبا يُسبب الشلل، وستجعل تركيا والسعودية ومصر تحصل على الطاقة الذرية وينهار النظام العالمي. ايران ذرية ستجعل حياتنا جحيما.

        والحقيقة الثانية: لا يجب لا على الغرب ولا على اسرائيل أن يعملا اليوم في مجابهة المشروع الذري الايراني عسكريا. فهجوم عسكري على ايران سيشعل حربا اقليمية كارثية تودي بحياة آلاف الاسرائيليين. وهجوم عسكري على ايران سيجعلها قوة منتقمة حاقدة، تصرف الى دولة اليهود حربا أبدية. والهجوم العسكري على ايران سيسبب ازمة اقتصادية عالمية وإقصاء اسرائيل عن عائلة الشعوب.

        والحقيقة الثالثة: طور الغرب واسرائيل عن فهم عميق للحقيقتين الأساسيتين استراتيجية مشتركة يمكن ان يتم تعريفها بأنها طريق ثالثة. للطريق الثالثة بُعدان: النشاطات (السرية)، والعقوبات الاقتصادية. والطريق الثالثة على نحو يفاجيء حتى مُدبريها تحرز نتائج. انها لا تلغي التهديد الايراني لكنها تؤخره وتفل أسنانه. والحلف الوثيق بين بريطانيا وفرنسا واسرائيل يقود الجهد. والولايات المتحدة تسهم بنصيبها. والمانيا وايطاليا تتخلفان في الخلف. لكن الخلاصة هي ان محمود احمدي نجاد تحت ضغط. إن مياه الغرب واسرائيل الهادئة تتغلغل عميقا.

        والحقيقة الرابعة وهي جزء لا ينفصل عن الطريق الثالثة الموجهة على ايران هي التهديد بهجوم عسكري عليها. فالتهديد ضروري لاصابة الايرانيين بالرعب ولاستحثاث الامريكيين والاوروبيين. بل إن التهديد ضروري لاثارة الصينيين والروس. لا يجوز لاسرائيل ان تسلك سلوك دولة مجنونة، لكن يجب عليها أن تنشيء الخشية من أنها اذا دُفعت الى الزاوية فستسلك سلوكا مجنونا. ومن اجل ألا تضطر اسرائيل الى قصف ايران عليها أن تحافظ على انطباع انها توشك أن تقصف ايران.

        والحقيقة الخامسة هي أنه من اجل ادارة استراتيجية محكمة على ايران يُحتاج الى ثقة كاملة بين المستوى السياسي والمستوى الامني في اسرائيل. وهذه الثقة غير موجودة. لهذا عندما يُدبر القادة اجراءات ما يخلقون الذعر عند مرؤوسيهم. يُخيل احيانا للمرؤوسين أن القادة قد فارقوا الصواب. فما يرمي لاصابة الايرانيين والامريكيين والاوروبيين بالذعر يذعر الاسرائيليين ايضا. وبدل أن يُدبر الجهاز الاسرائيلي سياسة الغموض في طاعة يُدفع الى دُوار. فالبعض يشك في البعض والغموض المحتاج اليه يتلاشى.

        والحقيقة السادسة انه لا غابي اشكنازي ولا مئير دغان ولا يوفال ديسكين قادوا صد المغامرة الاسرائيلية في السنتين الاخيرتين. إن موشيه بوغي يعلون هو الذي قاد الصد. ويعلون صامت اليوم. واذا كان يعلون هادئا فيستطيع مواطنو اسرائيل ان يكونوا هادئين. فلا يوجد الآن خطر قريب مباشر أن يقوم بنيامين نتنياهو بعمل انتحاري في ايران. فبازاء الايرانيين خاصة يعمل رئيس الحكومة – حتى الآن – على نحو جدي وحكيم. فليته كان فعل هذا إزاء الفلسطينيين والاسرائيليين.

        والحقيقة السابعة أن النجاح جزئي ونسبي ومؤقت. صحيح أن ايران لم تبلغ في 2011 المكان الذي كانت تقصد بلوغه لكنها موجودة في 2011 في مكان لم يكن يفترض أن تبلغه. لهذا ما تزال المعضلة موجودة هنا. ولهذا يجب أن يتم نقاش المعضلة مع نقاء الفكر والتقدير. مهما يكن القرار النهائي فسيكون في شأن الذرة الايرانية آخر الامر قرار عصرنا.

        والحقيقة الثامنة الاخيرة أن ما يقلق حقا في شأن ايران ليس هو الخفي بل الظاهر الجلي. ليس مفهوما لماذا لم يفرض الغرب حتى اليوم على طهران عقوبات شديدة تفضي الى اسقاط نظام الحكم. وليس مفهوما لماذا لا تُعد اسرائيل اجهزتها الحيوية للحظة الحسم التي ستأتي وإن تأخرت ايضا. لا يتعلق الذنب الحقيقي للقيادة الامريكية والاوروبية والاسرائيلية بما تفعل في الغرف المغلقة. بل يتعلق الذنب الحقيقي بما لا تفعل في المجالات السياسية والدولية المفتوحة.