خبر مهمة تطوير البدو في النقب -هآرتس

الساعة 08:35 ص|14 يونيو 2011

مهمة تطوير البدو في النقب -هآرتس

بقلم: موشيه آرنس

(المضمون: أصعب المهام على الادارة الاسرائيلية بحسب رأي الكاتب ان تُدمج سكان الأقليات في النسيج الاجتماعي الاسرائيلي ولا سيما السكان البدو في النقب خاصة - المصدر).

        كم مرة ينبغي أن نعاود قول إن ادماج جماعات الأقليات السكانية هو التحدي المركزي الذي يواجه المجتمع الاسرائيلي؟ حتى إن هذا التحدي ألح وأصعب من احراز سلام مع الفلسطينيين. ففي حين أن السلام متعلق بقرارات مهما تكن صعبة، ستتخذها في اللحظة الملائمة قيادتا الفلسطينيين واسرائيل، فان ادماج الأقليات مسار سيطول سنين، وسيُحرز فقط بتطبيق سياسة حكومية حازمة متصلة. ولا يستطيع قرار واحد ان يفضي الى احراز الهدف.

        من الوهم اعتقاد ان المشكلة ستُحل من تلقاء نفسها في اللحظة التي يُحرز فيها سلام مع الفلسطينيين. بالعكس، لانه اذا لم يُحرز تقدم ذو شأن حتى احراز اتفاق سلام مع الفلسطينيين، على إدماج الأقليات فان المشكلة ستزداد فقط. اذا شعر جزء كبير من سكان الأقليات في الدولة بالاغتراب وبمشاعر العداوة للدولة فان هذا الوضع لا يكمن فيه مستقبل زاهر لدولة اسرائيل.

        من المؤسف جدا، انه برغم جهود عرضية تمت هنا وهناك، لم يبدُ إدماج الأقليات قط مثل غاية ذات تفضيل في برنامج عمل حكومات اسرائيل على اختلاف أجيالها. قصة النجاح الوحيدة هي إدماج الدروز وجماعة الشركس الصغيرة الذي كان ممكنا بفضل قرار اتخذه دافيد بن غوريون قبل سنين كثيرة وهو الزام رجالهم الشباب بالخدمة في الجيش الاسرائيلي.

        إن الخدمة العسكرية التي يتابع بعدها كثير من اولئك الشباب حياتهم المهنية في الجيش والشرطة، جعلت هاتين الجماعتين جزءا لا ينفصل من المجتمع في اسرائيل. أما الباقون – المسلمون والمسيحيون – فيحظون بالتجاهل في الأساس. فهم يرون اسرائيل تتطور بخطى ضخمة ويشعرون بحق بأن مشاركتهم في هذه المسيرة هي بالقدر الأدنى.

        تحاول الحكومة في المدة الاخيرة، للمرة التي لا يعلم أحد كم هي، أن تواجه مشكلات السكان البدو في النقب. في دولة اسرائيل نحو من ربع مليون مواطن بدوي هم نحو من ربع المواطنين المسلمين في اسرائيل. ويعيش نحو من 200 ألف منهم في النقب. هؤلاء المواطنون في أدنى السلم من جهة الدخل والتعليم والسكن.

        إن إدماج البدو من بين جميع الأقليات هو الأصعب. فقد عاش البدو مئات السنين حياة تنقل ويجدون أنفسهم اليوم في مجتمع صناعي حديث وتعوزهم الخبرات الحيوية ليكونوا شركاء منتجين. ما يزالون يسلكون بحسب تقليد تعدد الزوجات القديم، وفي حالات كثيرة يوجد لوالد واحد أولاد كثيرون وهذا وضع يفضي الى الاهمال من قبل الوالدين والى الخروج عن القانون من جهة الاولاد.

        إن تطوير البدو ليعايشوا القرن الواحد والعشرين مهمة غير سهلة. يُحتاج الى فرق علماء اجتماع ومهندسي عمارة لمواجهة تحدي التمدين، أي التحول عن حياة التنقل الى حياة مدنية. إن الصراع في قضية ملكية الاراضي في النقب الذي يجري منذ تم انشاء الدولة برغم انه مهم ليس هو المشكلة الرئيسة. فأهم من ذلك رفع مستوى تعليم هذا الجمهور لتمكين الشباب من اكتساب الخبرات المطلوبة في مجتمع تقني عصري.

        تم احراز تقدم ما في هذا المجال ولا سيما في جامعة بن غوريون، لكن التقدم ضئيل جدا اذا أخذنا في الحسبان أبعاد المشكلة. فاذا لم يُبذل جهد برعاية الحكومة، يحظى بتفضيل كبير ويشمل كل سني الدراسة – من سن الروضة حتى الجامعة – فان المشكلات ستزداد سوءا.

        إنقضّت على الفراغ الذي خلفته الدولة الحركة الاسلامية من الشمال التي تدعو الى قومية فلسطينية والى كراهية الدولة. فالسكان الذين كانوا يشعرون في الماضي بالارتباط بالدولة وتطوع كثيرون من رجالهم الشباب للخدمة في الجيش الاسرائيلي أخذوا يصبحون متدينين تدينا متطرفا مغتربا عن الدولة. يمكن اليوم ان نرى مساجد في كل قرية بدوية وبدأت أعلام منظمة التحرير الفلسطينية ترفرف في النقب.

        ليس الامر متأخرا جدا، فما تزال الحكومة تستطيع العمل في هذا الشأن. ويمكن ان يكون للجيش الاسرائيلي نصيب مركزي من هذا الجهد. وكما جرى البرهان مرة بعد مرة، يستطيع الجيش ان يُسهم في الاندماج الاجتماعي. لكن كي يؤدي هذا العمل عليه ان يتلقى توجيها من الحكومة.