خبر عودة الى مدريد -هآرتس

الساعة 08:34 ص|14 يونيو 2011

عودة الى مدريد -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: في حين ما يزال عباس عالقا مع مبادرته في الامم المتحدة ونتنياهو متحصنا عند سياسته الفارغة يُعد أبو العلاء خطة لعقد مؤتمر سلام جديد على شاكلة مؤتمر مدريد - المصدر).

        إن المزاج العام للقيادة الفلسطينية في رام الله قُبيل التصويت في الامم المتحدة المتوقع في ايلول يُذكر بصغير تلقى في يوم ميلاده دراجة كبار. فالولد لا يعرف هل يبتهج أم يبكي. انه شديد الفرح بالهدية لكن قلبه مليء بالخوف من ان يسقط على وجهه أرضا، ويجرح ركبتيه ويخدش الدراجة اللامعة. عندما تمنح الامم المتحدة الفلسطينيين دولتهم هدية، ماذا سيفعلون بالدراجة التي لا يستطيعون ركوبها بثقة الى أي مكان؟ لماذا يحتاجونها أصلا؟ ماذا سيقول صائب عريقات لآلاف الشباب الفلسطينيين المتعطلين الذين فقدوا منذ زمن الثقة بـ "مسيرة السلام"؟ هل يطلب منهم مرة اخرى التذرع بالصبر ويعدهم بأن براك اوباما سيلوي يد بنيامين نتنياهو قريبا؟.

        يُبين تقرير جديد عن وكالة الغوث وعمل اللاجئين انه برغم الجهود المدهشة لرئيس الحكومة سلام فياض في بناء اقتصاد زاهر – لا يستوي التطوير والاحتلال معا. فالتقرير يشير الى انخفاض حاد في عدد اماكن العمل في فروع البناء (35 في المائة) والصناعة (30 في المائة) في النصف الثاني من 2010، قياسا بالنصف الاول من السنة نفسها. وكبرت نسبة البطالة في المدة نفسها بـ 3.3 في المائة وبلغت 25 في المائة. كيف سيتصرف ضباط فياض عندما يسير عشرات الألوف من الشبان اولئك نحو الحواجز والمستوطنات؟.

        يعلم فياض والرئيس محمود عباس ان الجيش الاسرائيلي من غد التصويت في الامم المتحدة لن يبدأ طيّ قواته ولن يستدعي المستوطنون شركات نقل. فهما يعلمان انه سيتبين في ايلول انهما هدرا آلاف ليترات وقود الطائرات كي يتلقيا فيتو امريكيا في مجلس الامن ويتلقيا اعترافا لا معنى له من عواصم العالم بدولة فارغة من المضمون. ومن الجهة الاخرى، بعد ان تعترف أكثر من 100 دولة بدولة فلسطينية في حدود 1967، كيف سيستطيعون تسويغ استمرار وجود مؤسسة "السلطة" بفعل اتفاق يمنح السلطة سيطرة كاملة على مناطق (أ) فقط وسيطرة جزئية مدنية (اذا استثنينا غزوات المستوطنين المنظمة) على المناطق (ب)، من غير موطيء قدم في مناطق (ج)، (نحو من 60 في المائة من الضفة).

        كيف ستستطيع دولة فلسطينية ان تكون مقاولا ثانويا للجيش الاسرائيلي و"الشباك"؟ هل ستستمر في تلقي هبات من الدول المانحة التي ستوافق على الاستمرار في تمويل الاحتلال الاسرائيلي تحت غطاء "مساعدة مسيرة السلام"؟ ومن الجهة الاخرى، اذا نقضوا عُرى السلطة فماذا سيحدث لـ 150 ألفا من عمالها ولأبناء عائلاتهم والتجار الذين يتعلق عيشهم بهم؟ ومن مستعد لتعريض نفسه لخطر تحول الضفة الى غزة؟ كانت الحياة أكثر جمالا وبساطة عندما كان يمكن إلقام الصحف جولة محادثات سياسية اخرى في واشنطن، وملء الفراغ السياسي بتقرير عن زيارة المبعوث الامريكي للمنطقة أو التقاط الصور لهم في مؤتمر دولي.

        وهكذا في حين ما يزال عباس عالقا مع مبادرته في الامم المتحدة وما يزال نتنياهو متحصنا عند سياسته الفارغة، يرسل السياسي الفلسطيني القديم أبو علاء (احمد قريع) من مكتبه في أبوديس مخططا جديدا – قديما لتخليص الدراجة من الوحل. أسس خطة أبو العلاء هي: عقد مؤتمر سلام على شاكلة مؤتمر مدريد على أساس مبادرة السلام العربية في 2002 وصيغة اوباما المتعلقة بحدود 1967 وتبادل اراض متفق عليه.

        سيُدعى الى المؤتمر الى جانب الأطراف المشاركة مباشرة في الصراع، دول الرباعية ومصر والسعودية والاردن واتحاد الامارات وقطر وتركيا وايران ايضا – اذا استجابت للدعوة. وبفعل المؤتمر الدولي ستعمل لجنة ثانوية دائمة تنعقد كل شهرين أو بحسب الحاجة كي تصاحب تقدم المحادثات الثنائية بين الطرف الاسرائيلي والأطراف: الفلسطيني والسوري والاردني. وفي نفس الوقت سيتم تجديد نشاط اللجان المتعددة الأطراف بشأن اللاجئين (برئاسة كندا)، والرقابة على السلاح (الولايات المتحدة وروسيا)، والمياه (الولايات المتحدة)، والتعاون الاقتصادي (الاتحاد الاوروبي) وحماية البيئة (اليابان). وستعود اللجنة العامة للاجتماع لمراسم التوقيع الرسمي على الاتفاقات في المسارات الثلاثة كلها.

        يقول أبو العلاء إن جهات امريكية وعربية واوروبية، وموظفين اسرائيليين ايضا، يُبدون اهتماما كبيرا بالخطة. لكن الجمع بين مبادرة السلام وعقد مؤتمر دولي يثير في نتنياهو ذكريات مؤلمة منذ كان في وزارة الخارجية في حكومة شمير عندما وقف في مركز مصارعة مبادرة بوش الأب الى عقد مؤتمر مدريد وفرض تجميد المستوطنات على اسرائيل. لم يبق سوى أن نأمل ألا يفعل نتنياهو بمبادرة أبو العلاء الجديدة ما فعل في ولايته الاولى لرئاسة الحكومة باتفاق اوسلو.