خبر فلسطينيون في خدمة نتنياهو..هآرتس

الساعة 10:28 ص|13 يونيو 2011

بقلم: عكيفا الدار

بنيامين نتنياهو ليس إمعة حقا. فلماذا يُفوت فرصة نادرة ليُذكر شعب اسرائيل بأن العالم كله ضدنا وأننا ملزمون بالتكاتف في الكفاح ضد نزع الشرعية؟ عندما يعد العم من امريكا باستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الامن يمكن التفكه بأن "الاغلبية التلقائية المناهضة لاسرائيل" في الامم المتحدة يمكنها ان تقرر حتى بأن العالم مسطح. المهم ان لاسرائيل اغلبية مضمونة في الكونغرس في واشنطن. خسارة انهم ان سبق ان غيروا أسماء "جادة الامم المتحدة" في أرجاء البلاد لتصبح "جادة الصهيونية"، ردا على قرار من العام 1975 وصف الصهيونية بالعنصرية. لا بأس. رجال العلاقات العامة عندنا سيجدون ردا يجعل قامة الشعب منتصبة أمام طغاة اسرائيل.

        لو لم يتوجه الفلسطينيون الى الامم المتحدة لكان على نتنياهو ان يخترع هذه المبادرة. فالمحاولة العقيمة لتدويل النزاع تنقذ حكومة اليمين من مسار التحطم في المفاوضات على تقسيم الضفة والقدس. من ناحيتها فان الثمن، بالعملة الاجنبية، الذي ستكون اسرائيل مطالبة بأن تدفعه لقاء قرار آخر عديم الاسنان من الامم المتحدة – خلافا لموقف الولايات المتحدة واغلب الظن بدون تأييد دول أساسية في اوروبا – أدنى بأضعاف من ثمن بطاقة دخول الى فخ المفاوضات على أساس مباديء الرئيس براك اوباما.

قبول صيغة اوباما، والتي بموجبها تقوم المفاوضات على أساس خطوط الرابع من حزيران 1967، مع تبادل للاراضي يتفق عليه بين الطرفين، ليس موضوعا يستهان به. فالمعسكر الايديولوجي الذي ترعرع فيه نتنياهو والمعسكر السياسي الذي يحيط به اليوم، يتمسك بالحجة القائلة ان اراضي الضفة الغربية، أو على حد تعبيرهم يهودا والسامرة، ليست "مناطق محتلة". في نظرهم هذه "مناطق موضع خلاف"، وبالتالي، فان المطالبة الاسرائيلية بالسيادة عليها شرعية بقدر لا يقل عن مطالبة الفلسطينيين. من ناحيتهم، البلدة القديمة والقرى العربية التي ضُمت الى القدس، ليست خاضعة للمساومة على الاطلاق وذلك لانها "جزءا لا يتجزأ من دولة اسرائيل".

الدخول في المفاوضات على أساس خطوط 1967، سيكشف على الفور بأن اسطورة "الحدود القابلة للدفاع" تخفي طمعا عقاريا. فسرعان ما سيتبين بأن الكتل الاستيطانية لنتنياهو أكبر بأضعاف من المناطق في داخل الخط الاخضر التي مستعد هو (اذا كان مستعدا على الاطلاق) لان يعرضها على الفلسطينيين. ولم نقل شيئا عن ظهر الجبل وعن مطلب ان ينشر الجيش الاسرائيلي قواته على مدى عشرات السنين في غور الاردن.

في ضوء الفجوة الهائلة بين الطرفين، ستضطر الولايات المتحدة، الراعية الاولى للخطوة، الى ان تعرض اقتراح حل وسط من جانبها. وأمام اوباما توجد الصيغة التي اقترحها الرئيس بيل كلينتون في العام 2000: 94 – 96 في المائة من الضفة تنقل الى فلسطين اضافة الى مناطق بنسبة 1 – 3 في المائة، بما في ذلك الأحياء العربية في القدس والسيادة في الحرم (باستثناء حائط المبكى). حتى لو تمكن اوباما من ان ينتزع من الفلسطينيين تنزيلات سخية، فسيكون أكثر راحة لنتنياهو ان يُسلم من ان يوقع على اتفاق من هذا القبيل. حتى بثمن الشرخ في العلاقات مع الولايات المتحدة والتراص الاجتماعي في متسادا.

من حظ نتنياهو، يؤجل الفلسطينيون مرة اخرى نيابة عنه لحظة الحقيقة (أو الكذبة). ستيفن سايمون، المسؤول الجديد عن الشرق الاوسط في البيت الابيض روى في نهاية الاسبوع بأن المستشار الفلسطيني الكبير، صائب عريقات، قال له ان الفلسطينيين مستعدون لان يتخلوا عن الخطوة في الامم المتحدة، اذا ما قبلت اسرائيل مباديء اوباما. وبكلمات اخرى، فان الفلسطينيين يمنحون نتنياهو حق نقض فيتو على المفاوضات التي يهرب منها كما يهرب من الوباء.

في مقابلة أجريتها معه بحلول 15 سنة على مؤتمر السلام الدولي الذي انعقد في مدريد في العام 1991، قال لي عريقات ان قيادة م.ت.ف انضمت الى الخطوة رغم انها لم تؤمن ولو للحظة واحدة بأن رئيس الوزراء اسحق شمير اعتزم بجدية ادارة مفاوضات على مستقبل المناطق. ياسر عرفات قفز عن كل الحواجز التي نصبها شمير في الطريق الى المفاوضات، بما في ذلك دمج الممثلين الفلسطينيين في الوفد الاردني.

"هو لم يفهم ما فهمناه نحن – في ان الامور ستتطور بشكل طبيعي واولئك الذين سيحاولون وقف الخطوة سيختفون"، شرح عريقات وأجمل: "أنا أعرف اسرائيليين وعرفت ان معظمهم معنيون بالسلام وان شمير سيفقد الحكم". اذا لماذا تجده هو ورفاقه معنيين جدا بأن يُبقوا في الحكم توأمه؟.