خبر جزيرة تعوم نحو الهاوية- هآرتس

الساعة 08:25 ص|12 يونيو 2011

جزيرة تعوم نحو الهاوية- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

تجري ثلاث حروب أهلية في الشرق الاوسط – في ليبيا وسوريا واليمن. وحكومة العراق على شفا انتقاض، ومصر حائرة بين نظام عسكري وآخر مدني ولا يُعلم أي نظام حكم سينشيء الانقلاب الشعبي. وليس في لبنان حكومة، وفي ايران يجري صراع سياسي لا مثيل له على قيادة النظام، وفي تركيا سينتخب اليوم مجلس نواب جديد قد يحدث ثورة دستورية ايضا.

وفي اسرائيل لا شيء. ان بضع عشرات من المتظاهرين الذين يحاولون اجتياز الحدود مع سوريا هم "التهديد الوجودي". ما سيحدث في الامم المتحدة في ايلول، لا ما حدث في الشرق الاوسط منذ كانون الثاني يُعرف بأنه "تسونامي". وما تزال سفينة الحمقى تمخر العباب وكأنها جزيرة طافية تكفيها حماية القبة الحديدية ولا يمكن ان تتأثر ألبتة بالزلازل والامواج الارتدادية التي تحدث في المنطقة.

لكن السيناريوهات الممكنة تثير القلق. ففي مصر مثلا ليس الخوف الواقعي من ان يتولى الاخوان المسلمون الحكم، أو من حرب جديدة على الجبهة الجنوبية، بل من السياسة التي ستأخذ بها الحكومة المصرية التي ستنتخب في ايلول القريب. ان فتح معبر رفح، والتفاوض غير الرسمي الذي يتم مع ايران في تجديد العلاقات الدبلوماسية؛ والمظاهرات ازاء سفارة اسرائيل في القاهرة؛ والمس في ميدان التحرير بصحفية مصرية ارتيب في انها "اسرائيلية من اصل الماني"، وطلب الفحص من جديد عن اتفاقات كامب ديفيد أو عن المواد الاقتصادية على الأقل – كل ذلك يظهر التحديات الجديدة التي ستقيمها مصر أمام اسرائيل.

في سوريا سيناريوهان ممكنان: فاذا بقي بشار الاسد بعد موجة الاحتجاج المسلح سيكون ذلك عوض اصلاح سياسي عميق يجعل سيطرته المطلقة على الدولة عقيمة، أو بعد حمام دم يهز سوريا ويفصلها، في المستقبل القريب على الأقل، عن التأثير الاقليمي. واذا انهار نظام الاسد فقد تُدفع سوريا الى فترة عدم استقرار سياسي طويلة والى تطهير عنيف يجري على الاقلية العلوية. ستتنافس في التأثير في الدولة ايران وتركيا والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي. وقد يتدهور لبنان بغير "تأثير الاسد"، الذي كبح الانفجارات العنيفة سنين، الى صراع داخلي يحاول فيه حزب الله الذي سيفقد دعامته السياسية ان يبني لبنان بقوة السلاح كما يشاء.

يجب ان تثير حتى اليمن البعيدة القلق ولا سيما أنها تقع عند مضيق باب المندب الذي تمر به الحركة البحرية الى الموانيء السعودية والى ايلات والعقبة. للقاعدة في جنوب الدولة قاعدة واسعة نسبيا، وأبلغت ايران ان غواصاتها تزور البحر الاحمر لجمع معلومات عسكرية. تهرب الاردن حتى الان من مصير اليمن وسوريا، لكن مقياس عدم الرضا عن النظام هناك في ارتفاع. هذه دولة تدبر امورها بلا شهادة تأمين في حال وقوع تسونامي، والتأثيرات في اسرائيل لا تحتاج الى بيان.

ألم نتأثر بعد؟ سيكون السؤال التالي اذا هو ماذا ستكون السياسة الامريكية. يمكن ان نخمن ان تبذل الولايات المتحدة كل جهد لتثبيت قبضتها على المنطقة بعد تبديل نظم الحكم. التزمت ان تمنح مصر ملياري دولار، ولن تمنع مساعدة لحكومة اليمن الجديدة عندما تنشأ، وكذلك المتمردون في ليبيا عندما ينتصرون. وستطمح في سوريا، مع الاتحاد الاوروبي، الى الفوز في المنافسة مع ايران وروسيا، وستحظى سوريا ما بعد الاسد ايضا بود امريكي.

ليس الحديث عن مساعدة اقتصادية فقط. قد يكون الاجراء التالي حلفا عربيا بين النظم الجديدة. لن يكون هذا جامعة عربية جديدة بل ساحة لقاء مصالح تلاعب فيها نظم الحكم "القديمة" كالسعودية وقطر والكويت نظم الحكم الجديدة. وعلى ذلك سيكون حلفا تطمح فيه الولايات المتحدة الى ان تكون شريكة مهيمنة ولها احتمال جيد ان تُقبل باعتبارها كذلك.

فماذا عن "الجزيرة الطافية" الاسرائيلية؟ قبل نحو من سنة حذر الجنرال ديفيد باتريوس الذي كان قائد القوات في افغانستان واصبح اليوم رئيس وكالة الاستخبارات المركزية من ان سياسة اسرائيل في المناطق تضر بمصالح امريكية في المنطقة. اذا لم تغير اسرائيل سياستها بعد انقشاع الدخان في المنطقة ولم تساعد الولايات المتحدة على ان تكون القوة العظمى فيها – فستُعرف بأنها شيء مريب إن لم تُعرف بأنها عدو حقيقي. فماذا ستبيع الشرق الاوسط والولايات المتحدة آنذاك؟.