خبر شقوق في السور- هآرتس

الساعة 10:08 ص|10 يونيو 2011

شقوق في السور- هآرتس

بقلم: ألوف بن

السياسة الاقليمية لاسرائيل تتلخص بنصب اسوار عالية: أسوار امنية، أسوار اقتصادية واكثر من أي شيء آخر اسوار ثقافية تفصلنا عن المحيط وتعزز الوهم بان اسرائيل تنتمي للغرب وفقط بسبب حظها المتعثر علقت في جيرة قاسية لعرب ومسلمين. احلام "الشرق الاوسط الجديد" لشمعون بيرس، الذي روج لفكرة التعامل الاقليمي، اندثرت منذ زمن بعيد. وحل محلها نهج "الفيلا في الغابة" لايهود باراك وبنيامين نتنياهو، اللذين يريان في اسرائيل المعقل المتقدم للغرب في الشرق الاوسط.

في خطابه في الكونغرس الشهر الماضي اقتبس رئيس الوزراء عن الكاتبة الانجليزية جورج ايليوت من مبشرات الصهيونية في القرن التاسع عشر، والتي توقعت دولة اليهود كـ "نجم ساطع من الحرية في بحر من الطغيان في الشرق". هكذا يصف نتنياهو الواقع الاقليمي وهذا هو الاساس لسياسته في "السلام الاقتصادي". كوزير للمالية في العقد الماضي، تحدث نتنياهو عن نمو اقتصادي خلف اسوار الفصل، حسب نموذج كوريا الجنوبية. كرئيس للوزراء أظهر في السنتين الاخيرتين بان الحيلة تنجح. اسرائيل تمتعت بهدوء أمني وبازدهار اقتصادي، في الوقت الذي غرقت فيه الدول حولها في أزمة اجتماعية وفي معمعان سلطوي الى أن علقت في موجة من الثورات.

مظاهرات السياج في مجدل شمس في يوم النكبة في الشهر الماضي وفي يوم النكسبة في بداية هذا الاسبوع، شرخت الحالة المثالية واظهرت للاسرائيليين بانهم غير منقطعين عما يجري خلف السور. يتبين ان الثورات في الدول العربية تتعلق بنا نحن ايضا. 37 سنة من الهدوء في هضبة الجولان تضعضعت دفعة واحدة، فقط لان نظام بشار الاسد يكافح في سبيل حياته.

الغالبية الساحقة من الاسرائيليين لا يزالون منعزلين عن ثورات الربيع العربي. مجدل شمس تقع في نقطة مطرفة، في الالتفافة الاخيرة التي قبل الصعود الى التزلج في جبل الشيخ. الاحداث هناك لم تشعر بها تل ابيب والقدس، ريشون لتسيون وحيفا، التي يخطط سكانها الان لاجازتهم الصيفية في خارج البلاد.

ولكن الاعتقاد بان اسرائيل منقطعة عن المحيط ولا ترتبط الا باوروبا وبامريكا كان ولا يزال وهما.  وكان للتحولات في دول المنطقة دوما تأثيرا حاسما على سياسة الخارجية والامن لاسرائيل: الثورة المصرية في 1952 أدت الى هجمات المتسللين من غزة وحملة السويس. الثورات في سوريا في الستينيات أدت الى حرب الايام الستة، محاولات اسقاط النظام في الاردن في 1958 و 1970 قربت اسرائيل من الغرب وزعماء اسرائيل من الاسرة المالكة الهاشمية.

الحرب الاهلية اللبنانية اجتذبت اسرائيل الى الداخل، لاحتلال متعدد السنين لجنوب لبنان. الثورة الايرانية في 1979 خلقت عدوا لدودا وشديد القوة لاسرائيل. الحرب الايرانية – العراقية، وحرب الخليج الاولى حطمت "الجبهة الشرقية". انهيار الاتحاد السوفييتي، سند الانظمة العربية المتطرفة، أدى الى مؤتمر السلام في مدريد في التسعينيات. التغييرات الداخلية في تركيا نزعت من اسرائيل حليفا هاما وورطتها بازمة الاسطول.

هذه القائمة الطويلة تفيد بان موجة الثورات الحالية في الدول العربية ستؤثر في السنوات القريبة القادمة على اسرائيل ايضا، وستملي سياسة الخارجية والامن لديها اكثر بكثير مما يبدو الان. الخوف من الثورة المصرية ادى منذ الان بنتنياهو الى حث بناء الجدار الحدود في الجنوب والحديث عن زيادة ميزانيات الامن. الحرب الداخلية في سوريا خطيرة على نحو خاص على اسرائيل، بسبب قربها الجغرافي، القوة العسكرية السورية، العلاقة بحزب الله وايران والحساب المفتوح على هضبة الجولان. كل المؤشرات تدل على أن هذا سيحتدم وسيضع موضع الشك بقاء سوريا الموحدة.

في مثل هذا الوضع على اسرائيل ان تحذر الا تجتذب الى داخل الصراعات الداخلية في الدول العربية، والتورط بالحروب مرة اخرى. في نفس الوقت عليها ان تتحسس الفرص الاستراتيجية، مثلا اذا كان ستحل محل نظام الاسد حكومة مؤيدة للغرب تفك ارتباطه بايران وحزب الله. ينبغي البحث عن الشقوق في السور، وكذا تعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة التي تضعضعت منظومة تحالفاتها في المنطقة وهي تحتاج لاسرائيل اكثر مما في الماضي.