خبر هزيمة 1967..هآرتس

الساعة 08:23 ص|06 يونيو 2011

بقلم: عكيفا الدار

        يوم الخميس الماضي سافرنا الى حفل زفاف قريبة لنا في كريات شمونه. وكان هذا ايضا حفل توديعها للمدينة التي ولدت فيها. قبل بضع سنين صحبنا أخا العروس البكر الى مظلة زواجه. وقد انشأ هو ايضا عائلته الجديدة بعيدا عن إصبع الجليل. انتقل أكثر من 80 في المائة من أبناء دورة تخريجه في المدرسة الثانوية جنوبا، أو دقوا وتدا في واحد من تلك "التوسيعات" التي تظهر في الكيبوتسات حولهم. في كل زيارة لبيت والديه يُبشر بصديق من اصدقاء الطفولة آخر هجر المدينة، ومركز جماهيري أفلس، ومكتبة عامة أُغلقت ونادٍ للعميان أغلق أبوابه. وكذلك حُسم مصير قصر الثقافة. من سوء حظ كريات شمونه انه لا يوجد فنان يقاطع القصر ولا يناضل أي وزير عن كرامته.

        إن الذكرى السنوية للنصر العسكري المهم في حرب الايام الستة هي يوم النكسة للصهيونية البراغماتية. فقد أخلت مكانها لصهيونية متحرشة أعطت روح "دونم آخر وعنز اخرى" تفسيرا عنصريا وتمايزيا وتحرشيا. احتلت المستوطنات التي كان يرمي توسيعها الى اثبات انها "جزء لا ينفصل عن دولة اسرائيل" محل كريات شمونه وبلدات حدودية شبيهة بها. بدل ان يُحسن إبعاد التهديد العسكري عن حدود اسرائيل مكانة بلدات خط المواجهة، أصبح فشل الجيوش العربية فشلا لتلك البلدات. في كل مرة تهدر فيها المدافع يأتي الساسة فيعدون ويختفون. وعندما تصمت المدافع تتلقى إصبع الجليل منهم رفع الاصبع الوسطى.

        إن الرئيس شمعون بيرس الذي يتندم لاسهامه في انشاء غول المستوطنات قدّر قبل نحو من خمس سنين ان دولة اسرائيل أنفقت عليها نحوا من 60 مليار دولار وما تزال اليد ممدودة. في أواخر تولي بنيامين نتنياهو وزارة المالية في حكومة اريئيل شارون حاضر في فرع الليكود في كريات شمونه وافتخر بمقدار نمو الجهاز الاقتصادي. سأل شاب من أبناء المكان، اضطر الى البحث عن عمل في مركز البلاد، سأل الضيف متى سيتمتع سكان كريات شمونه بالنمو المجيد ايضا. "أنتم مثل السيارة الثالثة أو الرابعة عند الاشارة الضوئية"، أجاب نتنياهو، "انتظروا في صبر حتى يتبدل الضوء وتأتي نوبتكم". منذ ذلك الحين وكريات شمونه تنتظر في نهاية الدور.

        بحسب معطيات المكتب المركزي للاحصاء كان ميزان الهجرة في منطقة الشمال في سنة 2009 سلبيا بنسبة 3 في المائة. وفي الجنوب كان ميزان هجرة سلبي بنسبة 4.2 في المائة. في مقابل ذلك، كان الميزان في منطقة يهودا والسامرة ايجابيا بنسبة 14.2 في المائة.

        كما نشر في صحيفة "هآرتس" في المدة الاخيرة، قرر مجلس الدراسات العليا في المدة الاخيرة ان يزيد في السنين القريبة نصاب الطلاب الجامعيين الذين تدعمهم الدولة في معهد اريئيل – بـ 1600 طالب. وسيكتفي معهد تال حي بزيادة 657 طالبا بتمويل الدولة، أما نصاب المعهد الاكاديمي عيمق يزراعيل (مرج ابن عامر) فسيزيد بـ 570 طالبا فقط.

        لو أن النفقات الضخمة التي تصبها حكومات اسرائيل في المستوطنات التي أُنشئت منذ 1967 حُولت الى البلدات الحدودية التي أُنشئت في مطلع سني الدولة لاستطاعت كريات شمونه ان تضاعف عدد سكانها الذي علق منذ سنين تحت 25 ألفا. ولولا أن المنطقة الصناعية اريئيل تعرض عليهم إفضالات خاصة لجذبت إصبع الجليل اليها مبادرين وعرضت اماكن عمل وسكن على خريجي المعاهد الاقليمية. ولو أن المستوطنين اكتفوا من الغير بدونم واحد أقل وعنز اخرى أقل ليست لهم وسكنوا الجليل لاستطاعت حرب الايام الستة ان تُعد نصرا.

        يعرض العالم كله، وفيه جميع اعضاء الجامعة العربية، على اسرائيل اعترافا بحدود الرابع من حزيران 1967، مع تعديلات متفق عليها وحل متفق عليه لمشكلة لاجئي 1948، دون تحقيق حق العودة في ارضها السيادية. إن "الحدود القابلة للدفاع عنها" لا تُقاس بعرض خاصرة الدولة ومدى صواريخ العدو فقط. انها تُقاس بالاجماع الداخلي والمكانة الدولية، وبعدد المكتبات العامة وقاعات المسرح المليئة. ستُسهم كريات شمونه اذا كانت كبيرة وقوية وزاهرة في منعة اسرائيل أكثر من اريئيل وعوفرا وكريات اربع بأضعاف مضاعفة. متى سيُستبدل هذا النور باشارة نتنياهو الضوئية؟.