خبر "ضحايا النازية أم ضحايا الصهيونية؟

الساعة 01:10 م|05 يونيو 2011

"ضحايا النازية أم ضحايا الصهيونية؟

فلسطين اليوم – القدس المحتلة

كتبت عميرة هس في صحيفة "هآرتس" الصادرة صباح اليوم، الأحد، أن 54 طالبا جامعيا، إسرائيليين وفلسطينيين، حصلوا على مجموعة من الصور، وطلب منهم كتابة مشاعرهم وانطباعاتهم على مرحلتين؛ الأولى قبل رؤية ما كتب عن الصور، والثانية بعد معرفتهم لحقيقة الصور.

ويظهر في إحدى الصور 10 أشخاص رافعي الأيدي ووجوههم باتجاه الحائط. وعن هذه الصورة كتبت طالبة إسرائيلية (23 عاما) أن "الحديث عن معتقلين فلسطينيين/ مخربين تم الكشف عنهم من قبل الجيش قبل توجههم لتنفيذ عملية.. الصورة تثير الحزن.. وتذكر بصورة قديمة من فترة المحرقة عندما قتل النازيون فيها يهودا مساكين وأيديهم مرفوعة.. قتلوا الواحد تلو الآخر.. من الممكن ألا يكون الحديث عن عرب مخربين.. بل ويكن أن تكون الصورة من مجزرة صبرا وشاتيلا.. ربما يكون الحديث عن أشخاص أرادوا التسبب بسوء، وربما أسوأ من ذلك، أن يقتلوا يهودا قد يكونون أصدقائي ومعارفي وعائلتي".

 

وبعد أن تبين أن الأشخاص في الصورة هم من عناصر "البلماح" يخضعون لتفتيش أجراه البريطانيون، كتبت الطالبة نفسها "التناقض مدو.. أنا أعرف ما فعله البلماح، وربما أصفهم بالبطولة.. هذا هو الواقع الذي أعيش فيها والماضي الخاص بي كيهودية.. أنا حزينة لكون الصورة تعود لعناصر البلماح".

 

وتظهر صورة أخرى شابا يمسك طفلة باكية وإلى جانبه امرأة تعتمر الكوفية وتفتح يدها. وعن الصورة كتب طالب إسرائيلي (27 عاما) "يخطر ببالي الفقر أولا.. يبدو أنهم لاجئون حالتهم سيئة جدا، وهو ما يثير الخوف والتأمل لدي.. يذكرني بمشاهد المحرقة".

 

وبعد أن تبين له أن الحديث عن صورة تعود إلى سنوات الخمسينيات وهي لطفلة فلسطينية وبالغين يعيشون في مخيم شعفاط للاجئين، كتب "أعتقد أنه في الماضي لم يكن من السهل العيش كلاجئ.. كان صعبا جدا".

 

وتظهر صورة ثالثة رجلا إلى جانب امرأة وطفلة في غرفة مزرية حول طاولة طعام. وكتبت طالبة فلسطينية (20 عاما) عن الصورة "الصورة ترمز إلى آلاف العائلات الفلسطينية.. أفراد العائلة يجلسون حول الطاولة بوجوه شاحبة وحزينة".

 

وبعد أن قرأت الطالبة الفلسطينية أن الحديث عن عائلة يهودية من بلغاريا وصلت إلى مدينة يافا في تشرين الأول/ اكتوبر 1949، كتبت الطالبة " تبين أنها صورة لعائلة يهودية وصلت إلى فلسطين للاستيطان فيها والعيش في بيت ليس لها.. لا يبدو أفراد العائلة فرحين.. والتعب والحزن باديان على وجهوهم.. أعتقد أن العائلة وصلت المكان خلافا لرغبتها.. وربما يفكرون بما حصل لهم وكيف وصلوا إلى هذا المكان الذي ليس لهم، وفجأة يصبح ملكهم، في حين أن أصحاب البيت هجروا وشتتوا إلى أماكن مختلفة".

 

وكتب طالب إسرائيلي (25 عاما) عن صورة أخرى "يظهر في الصورة أسرى أو سكان مدنيون ومقاتلون يبدون كمن يتعرضون لتهديد من قبل احتلال.. الصورة تثير مشاعر قاسية، وتثير الخوف والرعب، وتذكرني بفرق إطلاق النار خلال المحرقة".

 

وبعد أن تبين للطالب أن الصورة تعود لجنود يهود يفتشون عن أسلحة في قرية خلدة، كتب "لقد التبس علي الأمر الآن.. فالحديث عن يهود مسؤولون عن وضع العرب.. ولكنهم ليسوا على وشك قتلهم.. العلاقة هو أننا لا نختلف عن باقي الشعوب، والسكان العرب الفلسطينيون في البلاد مروا بمحن ومصاعب جمة، ونحن اليهود نتحمل جزءا من المسؤولية عن ذلك.. في الصورة نرى عربا معدومي الحيلة رافعي الأيدي.. عندما أنظر إليها وأنا أعرف أن اليهود هم في الجانب الذي يحمل السلاح يبدو لي الأمر مشروعا أكثر".

 

وتبين لاحقا أن مجموعة من 32 صورة التقطت منذ عام النكبة، والانطباعات التي كتبها الطلاب الفلسطينيون والإسرائيليون تقع في كتاب " ZOOM IN . لاجئو 1948 والذاكرة".

 

وقد صدر هذا الكتاب من قبل "المعهد للعدل التاريخي والمصالحة" في هولندا. وبحسب الكاتبة فإن الهدف من الكتاب هو "إبعاد أساطير شائعة بشأن التراث التاريخي في المجتمعات التي يمزقها الصراع العرقي".

 

وأضافت أن المعهد استضاف في صيف العام الماضي مجموعة أكاديميين فلسطينيين وإسرائيليين من مجالات تخصص مختلفة. وبحسبها فإن إسرائيل تحارب ذكرى النكبة والحقيقة التاريخية المجردة، في حين أن باحثين مثل محمود يزبك من جامعة حيفا، ومناحيم كلاين من جامعة "بار إيلان"، وسامي عدوان من جامعة بيت لحم، وأفرات بن زئيف من كلية "سبير"، وآخرين، التقوا وبحثوا عن طرق لإعطاء النكبة مكانتها العظيمة التي تستحق في التعليم والتربية، وفي معرفة البلاد، وفي المشاعر والنظر نحو المستقبل.

 

وكتبت أيضا أن الأكاديميين اجتمعوا وناقشوا واتفقوا ولم يتفقوا، وفي نهاية المطاف قرروا إصدار ألبوم من الفترة، ومقالات تحلل انطباعات الطلاب، ومن خلالها يحلل الباحثون المجتمعَيْن؛ الأول منتصر ويمنع الحديث وصامت، والثاني مهزوم وصامت ويخرق الصمت، في حين أن الطرفين يتنافسان على الضحايا.

 

وتشير إلى أن إيهاب سلول، وهو من مواليد مخيم جباليا للاجئين، والمحاضر في الأدب المقارن في جامعة ماستريخت في هولندا، يكتب أن قصص النكبة هي قصص شعب مزقت هويته بشكل منهجي في الزمان والمكان، وهو يناضل اليوم لاستعادة اسمه ومكانه على الخارطة.

 

ويقول مديرو "المعهد للعدل التاريخي والمصالحة"، والذي تأسس في العام 2004، إنهم قرروا البدء بمشروع الذاكرة للاجئين العام 1948 كجزء من مهمة أوسع للمعهد للدفع بالعدل التاريخي والمصالحة في المجتمعات "بعد الصراع".

 

واختتمت الكاتبة مقالتها بالإشارة إلى أن "بعد الصراع هو صياغة غريبة.. وسيشهد رئيس اللجنة التي تدير المعهد، القاضي ريتشارد غولدستون، إلى أننا لا نزال بعيدين جدا عن وضع "ما بعد الصراع".