خبر الهاربون الحقيقيون- يديعوت

الساعة 08:25 ص|02 يونيو 2011

الهاربون الحقيقيون- يديعوت

بقلم: يونتان يفين

"يوم القدس"، ينخر سكان تل ابيب الوادعون باحتقار وربما يطلقون آهة سليمة. من اجل ماذا يحسن هذا؟ يتساءلون في سرائرهم. عصابة قوميين وعنصريين مجبرة على القيام بمسيرات في قلب الأحياء العربية خاصة لصب زيت آخر على موقد الكراهية الذي أصبح يلتهمنا. كل مسيرة تحرشية كهذه خطوة اخرى نحو نهايتنا باعتبارنا مجتمعا إن لم نقل أمة. من حسن الحظ ان انتقلنا الى تل ابيب. ومن حسن الحظ أن استصدرنا جواز سفر (المانيا).

"هؤلاء التل ابيبيون"، يُحرك أنصار القدس رؤوسهم ويزيدون على ذلك فرقعة بألسنتهم. ويفكرون كم يمكن ان تكره نفسك وشعبك، شعبنا المتميز وعاصمتنا الأبدية؟ وكم يمكن أن تحب العرب أو ان تفضلهم على الأقل على فقراء مدينتك؟ بهذه المسيرة نُشعر أعداءنا بأننا هنا وسنظل هنا. وهناك أصلا انتقادهم الذي يمزق الشعب؛ عدم الاكتراث والهروب هما اللذان سيُخربان صهيون. من حسن الحظ أننا ما نزال هنا لحماية الأسوار. الى المسيرة تقدموا.

من هو الهارب حقا في هذا الشأن؟ ومن الذي يهرب في الحقيقة من الواقع؟.

السؤال بطبيعة الامر، من أي واقع والى أين لا نريد ان نصل. وهناك سؤال أفضل منه هو أي واقع نحن معنيون بالتوصل اليه. هل انتبهتم الى أننا باعتبارنا مجتمعا قد كففنا عن التفكير الايجابي؟ ولم نعد نفكر في أنه الى أين نسعى ونطمح بل ما الذي نخافه ونهرب منه. هكذا تكون الحال عندما لا تفعل قيادة أضاعت طريقها شيئا بل تجلس وتمتنع فقط. تمتنع عن هذا وهذا وهذا، ونمتنع نحن المواطنين على إثرها.

إننا باعتبارنا دولة وشعبا ومجتمعا يجدر بنا ان نطمح الى الحرية والى طراز العالم الغربي المستنير المنفتح، الذي ما يزال في الفخر الوطني الايجابي مكانه المحفوظ فيه. من المؤكد ان أكثر الاسرائيليين يتطلعون الى حياة الرفاهة والنماء والسلام لا الى حياة الاضطهاد الديني حيث يقررون كيف تلبس وكيف تتكلم (اذا تكلمت أصلا) ويحق لهم ان يختطفوك من سريرك تحت جنح الظلام لانك تفوهت بالنكتة غير الصحيحة بل لانك ضحكت من هذه النكتة.

هل يُقربنا يوم القدس من كابوس شمولي؟ من المنطقي أن لا. في السنين الاخيرة ميل حاد الى اليمين وثرثرة مغضبة مع الفاشية لكن يبدو أن عمود اسرائيل الفقري قوي بما يكفي لمنع التدهور المطلق. سيظل السائرون يسيرون في مسيرات، وسيظل اليساريون يحتقرون، وسيظل العرب يعانون ويرعون غضبا سينفجر في نهاية الامر في انتفاضة اخرى، وسيظل العالم على عادته. لكن يجدر بنا أن ندقق الآن في شيء واحد وهو ان الهروب خاص بالقدس لا بتل ابيب.

من كان يعتقد ان القدس ستظل لنا الى الأبد هروبي. فالشعوب لا تعيش الى الأبد، ولا شيء يعيش الى الأبد، هذا هو معنى كلمة "حياة": فهي تشتمل داخلها على نهايتها. ومن كان يعتقد انه لن تكون مصالحات على مناطق في منطقة العاصمة هروبي ايضا. ومن كان يعتقد ان مسيرة تحرشية كهذه هي مجرد عرض وطني ساذج مبتهج هو هروبي. أنظروا للحظة الى العالم الحر. انه يسلك سلوك تل ابيب لا القدس. إن التل ابيبيين الذين تحتقرونهم كثيرا أكثر حفاظا على الوطن القومي من جميع مسيراتكم معا، ويفعلون ذلك بالكرواسون والاسبرسو والبكيني.