خبر ازدواجية اسرائيل- هآرتس

الساعة 08:07 ص|31 مايو 2011

ازدواجية اسرائيل- هآرتس

بقلم: يوسي ملمان

بحث في معهد دراسات الامن القومي في جامعة تل أبيب

للأخوان عوفر، بصفتهما شركة اجنبية، مسموح الاتجار مع ايران في مجالات عديدة، بما في ذلك بيع وشراء النفط. ولكنه كان محظورا عليهما بيع الناقلة، وذلك لأن شركة السفن الوطنية الايرانية (ارسال) تظهر في قائمة الشركات التي فرض مجلس الامن في الامم المتحدة عقوبات عليها. في كل الاحوال، اذا كانا يعتمران قبعتهما الاسرائيلية فان ثمة عدم وضوح كبير بالنسبة لما هو مسموح وما هو محظور. ولكن فضلا عن الالتواء القانوني يطرح السؤال اذا كان مناسبا واخلاقيا لشركة اسرائيلية أو لرجال اعمال اسرائيليين عمل ذلك.

كجزء من المساعي للتخريب على البرنامج النووي الايراني تفرض الاسرة الدولية بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وبتشجيع من اسرائيل، سلسلة من العقوبات على نظام آيات الله. العقوبات التي قررها مجلس الامن منذ 2006، هي من نوع القاسم المشترك الأدنى الذي من خلاله كان ممكنا تحقيق اجماع دولي وبالأساس تجميد تأييد روسيا والصين. وهذه عقوبات موجهة مباشرة ضد الشركات الحكومية، الشركات الخاصة وسلسلة من الشخصيات في ايران، بمن في ذلك موظفو السلطة والجنرالات، المرتبطون على نحو مباشر بالبرنامج النووي والصاروخي الايراني. لهذا السبب أُدخلت ايضا شركة السفن الايرانية الى القائمة، وذلك لانه بمعونتها تنقل ايران معدات ومواد لبرنامجي النووي والصواريخ لديها.

بالمقابل، لا يزال لا يوجد حظر التجارة مع ايران بالنفط وبمشتقاته – الشراء منها أو البيع لها. وذلك رغم أن مثل هذه العقوبات ناجعة للغاية لان اقتصاد الطاقة الايراني مسؤول عن نحو 90 في المائة من مداخيل ايران. ولكن، مثل هذا القرار والذي اسرائيل هي احدى أكبر داعميه، لا يمكن أن يُتخذ من مجلس الامن بسبب معارضة روسيا والصين. ومع ذلك، فثمة دائرة اخرى من العقوبات، ثمرة قرارات أحادية الجانب من حكومة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، توسع وتقيد نطاقات التجارة المحظورة مع ايران. مثلا: فرع البنوك لديها، الذي هو ايضا يساعد في تمويل برنامجي النووي والصواريخ.

دائرة ثالثة، أوسع، هي دائرة العقوبات الطوعية. غير قليل من الشركات في العالم، ولا سيما الشركات الدولية، تقيد نفسها وتقلص التجارة مع ايران بل وتوقفها في مجالات مختلفة كالعلاقات البنكية، التمويل، التأمين، الاستثمارات في تطوير حقول النفط والغاز في ايران وبيع المعدات الهندسية، وذلك لانها تخشى ان تتضرر من الادارة الامريكية. هذا التخوف ينبع، ضمن امور اخرى، من حقيقة ان بعض الولايات في الولايات المتحدة، شركات مهنية أو بلدية، أعلنت بأنها لن تستثمر اموال التقاعد في الشركات الدولية التي تقيم علاقات مع ايران. وهكذا مثلا، بلدية لوس انجلوس ألغت قبل نحو سنة عقدا بربع مليار دولار مع شركة "سيمنز" الالمانية، وذلك لان هذه تتاجر مع ايران وتعتبر الشركة التجارية الأكبر في المانيا مع طهران.

على هذه الخلفية تبرز بقوة أكبر السياسة الملونة، مزدوجة الوجه والمزايدة لاسرائيل. فاسرائيل تعظ العالم بأسره بفرض عقوبات على ايران للمس باقتصادها، بصفتها الوسيلة المركزية التي قد تقنع قيادتها بالكف عن السباق نحو السلاح النووي. ولكن عمليا لا تفعل شيئا أو نصف شيء ناهيك عن انه كان يجدر باسرائيل ألا تتخلف في الوراء، بل ان تكون رأس الحربة في الصراع وتقدم نموذجا. النماذج الوحيدة التي توفرها اسرائيل سلبية ومثيرة للحفيظة. وهكذا مثلا، في الوقت الذي اتخذت فيه بلدية لوس انجلوس القرار بالكف عن علاقاتها مع "سيمنز" في مشروع هام من المواصلات، قررت سلطة المطارات ان تشتري من "سيمنز" معدات بـ 150 مليون شيكل.

القانون الاسرائيلي، الذي اتخذ بمبادرة بنيامين نتنياهو حتى قبل ان يصبح رئيسا للوزراء، يقضي بالحظر على الشركات الاسرائيلية ان تستثمر أكثر من 10 مليون دولار في شركة محلية أو دولية تتاجر مع ايران. غض النظر الاسرائيلي يقترب ايضا من الفوضى التي تميز البيروقراطية في دولة اليهود، حيث انه ليس واضحا على الاطلاق ان تكون ايران محددة كدولة معادية. عمليا، لمعظم الوزارات الحكومية توجد تعريفات خاصة بها: وزارة الدفاع تحظر التصدير العسكري الى ايران رغم انه في الثمانينيات والتسعينيات باعت اسرائيل سرا الى نظام آيات الله معدات عسكرية. لوزارة الداخلية تعريف خاص بها في موضوع الدخول والخروج من والى ايران، وهكذا ايضا وزارة الصناعة والتجارة، وزارة العدل ووزارة المالية. وحتى لو كان مصدر رسمي هذا أو ذاك عرف أو تمتع بالعلاقة البحرية لعائلة عوفر مع ايران، وساهم في الامن القومي، فان الامر لا يبرر الاهمال المتواصل في معالجة المسألة بمداها الأوسع. تنقص يد موجهة، سياسة واضحة وموحدة ولا سيما مسؤول يضع حدا للعار، الذي تقيم في ظله شركات اسرائيلية علاقات مع ايران وتجعل الوضع مهزلة واحدة كبرى.