خبر كيف ستردُّ السلطة على لاءات نتنياهو ؟ .. ياسر الزعاترة

الساعة 10:40 ص|29 مايو 2011

كيف ستردُّ السلطة على لاءات نتنياهو ؟ .. ياسر الزعاترة

 

من سمع من نتنياهو شيئًا جديدًا في خطابه أمام الكونجرس الأمريكي فليتفضَّلْ ويخبرنا إن كنا غافلين، ألم يكرِّرْ وسط تصفيق أشاوس الكونجرس الذين يمنحونه من الرعاية أكثر من أعضاء الكنيست ما سبق وقاله مراتٍ ومرات منذ مجيئه إلى السلطة، بدءًا بخطاب "بار إيلان"، وحتى آخر مقابلة صحفيَّة أو تصريح ذي صلة بالشأن التفاوضي؟!

شروطه هي ذاتها حول القدس غير القابلة للتقسيم، واللاجئين الذين لن يعود أي منهم إلى الأراضي المحتلة عام 48 (تسيبي ليفني، زعيمة المعارضة التي تعتبر نتنياهو متطرفًا قالت للمفاوضين الفلسطينيين: إن رقم العائدين إلى مناطق 48 من اللاجئين هو صفر بحسب ما كشفت وثائق التفاوض، وهي ذاتها التي قالت: إن تجسيد حلم فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 سيكون في الدولة الفلسطينيَّة، قبل أن تتراجع بسبب الضجَّة التي أثارها التصريح).

هل ثمة جديد في اشتراط نتنياهو اعتراف الفلسطينيين بالدولة اليهوديَّة وما يمثله ذلك من عدوان على الرواية التاريخيَّة للصراع، فضلا عن تهديد وضع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 48 (كم من تصريح لسادة السلطة اعتبر أن مسألة الدولة اليهوديَّة هي شأن إسرائيلي؟!) وهل ثمة جديد في رفض نتنياهو الموافقة على حدود 67 للدولة الفلسطينيَّة، مع أن أحدًا قبله لم يعترفْ بتلك الحدود في غير سياق التدليس، بدليل التوافق على بقاء الكتل الاستيطانيَّة الكبيرة في الضفة تحت بند تبادل الأراضي، وبدليل الكلام التقليدي عن تأجير الغور لمدة ثلاثين عامًا منذ محادثات كامب ديفيد صيف العام 2000، فضلا عما تضمَّنته وثيقة جنيف وملحقها الأمني من ترتيبات تمنح الإسرائيليين فرصة التأكُّد من قدرتهم على الدفاع عن "عمقهم الاستراتيجي" (دليل ذلك الحديث عن محطات الإنذار المبكر والدولة منزوعة السلاح)، مع فارق أن نتنياهو يتحدث صراحةً عن الاحتفاظ بالغور الذي يشكِّل ثلث الضفة الغربيَّة، مع قناعتنا بأنه لن يمانع في أن يتمَّ ذلك تحت مسمى التأجير في سياق اتفاق نهائي.

والخلاصة أن نتنياهو لم يأتِ بجديد، ومن فوجئوا بتراجع أوباما السريع في خطابه أمام "الإيباك" (22/5) عن موقفه العابر في خطاب (الشرق الأوسط، 19/5)، أعني موقفَه من حدود 67 بعد اعتراض نتنياهو وسادة اللوبي الصهيوني، من فوجئوا بذلك لا يعرفون شيئًا عن واقع السياسة الأمريكيَّة، والأرجحُ أنهم لا يريدون الاعتراف بذلك الواقع حتى لا يفقدوا فرصتهم في الحديث المتواصل عن إحراج نتنياهو أمام المجتمع الدولي كسببٍ لاستمرارهم في السياسة التي اعتادوا عليها، نقول ذلك رغم أن أوباما في خطابه الأول لم يتطرقْ لقضيتي القدس واللاجئين إلا في سياق وصفهما بالقضايا العاطفيَّة التي ينبغي أن تُترك لما بعد المرحلة الانتقاليَّة، كما لم ينسَ الحديث عن تبادل الأراضي (تعني الاحتفاظ بالكتل الاستيطانيَّة الكبيرة).

ولعلَّ السؤال الذي نسأله من أجل أنفسنا ومن يسمعنا من أبناء شعبنا الفلسطيني وجماهير الأمَّة، وليس من أجل المدافعين عن برنامج أوسلو هو: كيف سيردُّ سادة السلطة على لاءات نتنياهو والموقف الأمريكي، لا سيَّما بعد الموقف الواضح من الطرفين حيال المصالحة مع حركة حماس فوق موقفهما من قضايا التسوية؟

سيواصلون ذات المسار، وإذا قيل إن الموقف من المصالحة كان مخالفًا للرغبة الأمريكيَّة الإسرائيليَّة، فسنردُّ بأن ذلك لم يكن صحيحًا، ليس فقط لأنها لن تغيرَ شيئًا في سياق ما يجري في الضفة والعقيدة الأمنيَّة لأجهزتها (المعتقلون لم يخرجوا والاعتقالات لم تتوقفْ، والتنسيق الأمني لم يتراجعْ بشهادة الإسرائيليين، ووقف أموال الجمارك لم يدُمْ طويلا)، ولكن أيضًا لأنهم يأملون في استدراج حماس إلى الاعتراف بشروط الرباعيَّة، إلى جانب العمل الدءوب على استغلال المصالحة من أجل استعادة فتح لشرعيتها التي فقدتها في انتخابات عام 2006 كي تكون قادرةً على التحدث باسم الفلسطينيين دون تشكيك من أحد، والنتيجة أن كل شيء سيبقى على حاله (الضفة في قبضة خليفة الجنرال دايتون وعقيدته الأمنيَّة، والهدف هو تكريس الدولة المؤقتة التي يرفضونها في العلن ويكرسونها في الواقع، اللهم إلا إذا تورَّطوا في اتفاق نهائي بروحية تفاهماتهم مع أولمرت التي فضحتها وثائق التفاوض).

لذلك كله قلنا: إن المصالحة بالروحية التي تمت ليست في صالح القضيَّة ولا في صالح حماس (سنفصل ذلك من جديد في مقال آخر) أما الأهم فهو سؤال الرد على نتنياهو الذي لن يكون بغير الانتفاضة (السلميَّة ولكن الشاملة، وليس مظاهرات يوم الجمعة في بلعين ونعلين) الانتفاضة التي تستفيد من أجواء الثورات العربية وتجيّش الشتات الفلسطيني والأمَّة لنصرتها بِمَدَد من الخارج، فهل يجرءون على مسار كهذا؟! لا نعتقد ذلك، وليتنا نكون مخطئين.

أما استحقاق سبتمبر كما يسمونه (الاعتراف بالدولة في الجمعيَّة العامة للأمم المتحدة)، فسيكرّس الدولة المؤقتة ذات النزاع الحدودي مع جارتها، وذلك هو بالضبط ما سعى إليه الإسرائيليون ويجمعون عليه منذ شارون وحتى نتنياهو، ولا عزاءَ للقضيَّة!!