خبر ماذا يعرض أوباما على العرب؟- يديعوت/مامون

الساعة 09:20 ص|27 مايو 2011

 

ماذا يعرض أوباما على العرب؟- يديعوت/مامون

بقلم: سيفر بلوتسكر

التسوية الاسرائيلية – الفلسطينية تبدو الان، بعد الخطاب الشرق الاوسطي لاوباما، أبعد بكثير مما بدت قبله. رجال أعمال اسرائيليون طالبوا بمبادرة اسرائيلية الان وحذروا من انه في ظل غيابها ستقع في ايلول القريب القادم كارثة سياسية تجر كارثة اقتصادية، يمكنهم أن يدعوا السياسة ويعودوا الى ادارة أعمالهم التجارية الناجحة. فشيء لن يحصل في ايلول، اذا كان هذا منوطا بامريكا – وهو منوط بامريكا. المقاطعة على اسرائيل؟ خطر صفر.

في خطابه تمنى اوباما بالكامل الرواية الصهيونية – اليهودية، أعرب عن معارضة قاطعة للمبادرتين الفلسطينيتين اللتين يجري اعدادهما - الاعتراف في الامم المتحدة وحكومة الوحدة فتح /حماس – ودفع لهما ضريبة كلامية باستخدامه التعبير غير الملزم والمسلم به "الحدود الدائمة ستقوم على اساس خطوط 67، مع تبادل للاراضي متفق عليه". واختار رئيس الوزراء التمسك بهذه الجملة من خطاب اوباما واثارة جلبة حولها، إذ برأيه الخلاف المغطى اعلاميا مع اوباما يضيف له الكثير من النقاط في استطلاعات الرأي العام ويرفع اسهمه في اوساط اصدقائه الجمهوريين وفي مركز الليكود. اما الفلسطينيون، من جانبهم، فردوا بغضب وخيبة امل.

معظم خطاب أوباما كرس لتفاصيل المبادىء السياسية لادارته تجاه العالم العربي: معارضة العنف والقمع، تأييد الحريات الاساسية – كحرية التعبير، حرية الاعتقاد، حرية الاختيار والمساواة الكاملة بين النساء والرجال  - والاستعداد للدفاع بالقوة عن شعوب تتحرر من الدكتاتورية. سلفه، جورج بوش، كان يمكنه أن يوقع على هذه المبادىء بكلتي يديه. نغمات جورج بوش سمعت ايضا في اجزاء اخرى من الخطاب: في الانتقاد الحاد لايران، بالطلب من الاسد الرحيل عن الحكم ورفض الرقابة على وسائل الاعلام الالكترونية.

في المجال الاقتصادي عرض اوباما على الدول العربية التي تجتاز ثورة ديمقراطية – والتي نتائجها غير مضمونة – تبني نموذج الاقتصاد الليبرالي المفتوح، المنخرط في الاقتصاد العالمي، القائم على اساس التجارة الخارجية المتسعة، المشجع للمبادرة الخاصة والمكافح ضد البيروقراطية الفاسدة. مشكوك أن تأسر هذه الرؤيا قلب متظاهري القاهرة، دمشق وصنعاء. بعضهم مدمنون على افكار متزلفة للشعب غريبة الاطوار وبعضهم لا يزال يبحث عن عشرات مليارات الدولارات التي يزعم أنه تم تهريبها من بلادهم على أيدي عائلات الحكام المخلوعين.

المساعدة التي وعد بها اوباما مصر الجديدة متواضعة للغاية. بخيلة: شطب دين مصري قديم بمليار دولار ومنح ضمانات ائتمان بمليار دولار آخر. مال قليل جدا، لن يغير شيئا في الواقع الاقتصادي المصري البشع ولن يؤثر على تحسين مكانته في الاسواق المالية العالمية. "توجهنا الى البنك الدولي والى صندوق النقد الدولي"، اجتهد اوباما لتهدئة مستمعيه العرب، "كي يقدموا الاسبوع القادم، في مؤتمر قمة زعماء الدول الصناعية، خطة لاستقرار الاقتصاد في تونس ومصر".

صندوق النقد الدولي يقدر بان مصر وحدها تحتاج الى تقديم مساعدة فورية بنحو 12 مليار دولار "لاغلاق الثقوب" في الميزانية الحكومية وفي العجز في التجارة الخارجية. في الربع الاول من العام 2011 تقلص الاقتصاد المصري بنحو 7 حتى 8 في المائة وبقي في مستوى نشاط متدن بل ومنخفض في الربع الثاني. السياحة انهارت، الاضرابات وتعطيلات العمل المتواترة تمس بشدة بالانتاج وفي التصدير، البطالة تستشري، التضخم المالي ارتفع الى وتيرة سنوية 20 في المائة، العجز في الميزانية يقترب من 10 في المائة من الانتاج والسياسة الاقتصادية الحكومية في القاهرة مشوشة، متلعثمة، تتراوح كالبندول بين التزلف للشعب والرأسمالية. رجال الاعمال يخشون النزول لتطأ اقدامهم الاراضي المصرية والبنك المركزي عديم الوسيلة. المساعدة الطفيفة التي وعد بها اوباما عمليا هي قطرة فقط في بحر الاحتياجات. وهذه ايضا تحتاج الى مصادقة من الكونغرس.

مساعدة امريكية للاقتصادات العربية قيد الثورة لن تكون، إذن بالمال، بل بترتيبات التجارة الحرة. وقد أوضح اوباما ذلك بما لا لبس فيه حين قال بصياغته: الولايات المتحدة ستؤيد توسيع وصول الدول العربية الى الاسواق العالمية وانضمامها الى خطوة العولمة – وهذا هو الاساس. لهذه المهمة يعتزم اوباما تجنيد الشركة الامريكية الحكومية لتقديم الضمانات للاستثمارات الخاصة في خارج البلاد والبنك الاوروبي للتنمية والاعمار.

هاتان المؤسستان ساعدتا في انتقال دول شرق اوروبا من الشيوعية الى الرأسمالية، وان كان اساس عملهما قامت به الدول نفسها. فقد الغت الرقابة على الاسعار وعلى العملة الاجنبية، خصخصت الاملاك الحكومية والحزبية، استدعت مستثمرين من الخارج، اطلقت طاقة استحداث وادارت سياسة ميزانية حذرة.

لقد اوصى اوباما الانظمة العربية الجديدة للسير في اعقابها. فمن غير المعقول كما قال ان يكون التصدير، بدون النفط والغاز من كل منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا التي يعد سكانها اكثر من 400 مليون نسمة (وليس 400 الف كما كتب خطأ في الترجمة التعيسة للخطاب)، "مثل سويسرا الصغيرة". كان يمكنه ايضا ان يقول: "ضعف اسرائيل الصغيرة".

كيف يتم توسيع التجارة الخارجية العربية؟ اوباما وعد باقناع رؤساء الاتحاد الاوروبي بتوسيع اتفاقات التجارة بين الاتحاد والدول العربية، شريطة أن تقوم هي "بالاصلاحات والتحول الليبرالي". مبادرة مباركة ولكنها قليلة النفع: فحتى الاتفاقات القائمة غير مستغلة من الطرف العربي. فليس لديه الرغبة في اجراء الاصلاحات وليس لديه ما يصدره.

من خطاب اوباما غاب الموقف من الغنى الهائل الذي جمعته الدول العربية المصدرة للنفط – تريليونات عديدة من الدولارات. يبدو ان الرئيس الامريكي لم ينجح في أن يتلقى من حكامها حتى ولو التلميح بالاستعداد لتقديم المساعدة المالية للتحول الديمقراطي في الشرق الاوسط. وبالفعل، لماذا يتعين عليها ان تمول الثورات التي تهدد حكمها؟

في السطر الاخير اوباما لا يسارع الى فتح جيوب المساعدة الامريكية. ليس فقط لان كل توسيع للمساعدات متعلق باقرار الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بل وايضا لانه هو نفسه لا يؤمن بان المال سيحل الضائقة ونقاط ضعف المنطقة الاقتصادية العربية – الاسلامية. وقال ان "الازدهار الاقتصادي يستدعي هدم الجدران". وصحيح حتى الان فان هذه الجدران شقت فقط بشق ضيق.