خبر سلام، يا نتنياهو -هآرتس

الساعة 09:55 ص|26 مايو 2011

سلام، يا نتنياهو -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: سيزول زبد الهتاف ويواجه نتنياهو واسرائيل كلها الواقع الجديد الذي لا يعترف به نتنياهو والذي سيدفع اسرائيل الى عزلة اذا لم تُغير اسلوبها - المصدر).

        يجب ان تصبح "خطبة حياة" بنيامين نتنياهو الموعودة، الآن سريعا خطبة نهايته السياسية. الوقت يُلح ولا وقت ولن ينتج شيء عن نتنياهو. إن الموهمين ايضا الذين بنوا أبراج توقعات قُبيل الخطبة، والذين قالوا لنا ان نتنياهو الثاني يختلف عن نتنياهو الاول وان "بار ايلان الثانية" ستفوق "بار ايلان الاولى"، وأن الرجل "نضج"، و"استوعب"، و"زاد حكمة" و"زاد اعتدالا" وأنه استخلص عبر ولايته السابقة وأنه تتوقع لنا منه "مفاجآت مدوية" – يجب عليهم هم ايضا ان يعترفوا الآن بالحقيقة المرة وهي انه يجلس في ديوان رئيس الحكومة ليونيد بريجنيف الاسرائيلي. انه رجل الماضي الجامد المتشدد غير المهادن البليد الحس بالمحيط والأعمى عن تغييرات الزمن. لا يجوز ان تطول ولايته، والعياذ بالله، قريبا من عشرين سنة مثل بريجنيف ذاك.

        ربما سيستطيع في الايام القريبة الانتشاء بالهتاف الأجوف للنواب الامريكيين. لكن عندما يتبدد هذا الزبد من فوق الماء ايضا سيثور بكامل قوته سؤال: وماذا الآن. آنذاك سيتبين أن رئيس الحكومة هذا ورطنا. ورطنا جدا. خسرنا الفلسطينيين منذ زمن والآن خسرنا امريكا والبيت الابيض ايضا. منذ انقضت الخطبة انقضى الأمل. لم نعرف قبلها (في ظاهر الامر) الى أين يتجه رئيس الحكومة؛ ونحن نعلم بعدها الجواب القاطع بيقين: لا الى مكان. الى كسب وقت آخر لا يوجد بعده شيء سوى الأخطار التي تكبر والأمل الذي أُضيع مرة اخرى.

        يُقال في حقه انه ليس الاول. فغير قليل من أسلافه آمنوا بأن الزمن الفارغ الضائع سيشفي كل جرح. ساد هنا مدة طويلة جدا الايمان بزمن الايمان الوحيد. لكن الأزمان الآن أشد اشتعالا والواقع يتغير سريعا إزاء أعيننا الدهشة ونتنياهو سادر في غيّه. لا ولا ولا. لا لحدود 1967، ولا لقدس الشعبين، ولا لحق العودة ولا لطلب الفلسطينيين العادل أن يكونوا أحرارا كجميع الشعوب.

        أصبح من المؤكد الآن ان نتنياهو سيُكتب في تاريخ اسرائيل والشعوب باعتباره ملاحظة هامشية منسية. ماذا فعل، وأي أثر أبقى؟ هل أننا نعيش في "ارض الآباء" وأن المستوطنين ليسوا محتلين. جميل يا بيبي. هل أنه مستعد لأن يكون "سخيا"، دون ان يفهم أننا باعتبارنا محتلين، مثل سُطاة بالضبط لا نستطيع أبدا أن نكون "أسخياء" بل علينا أن نكون عادلين. لا "نتنازل" عن شيء، نستطيع فقط أن نُعيد السَلَبَ الى أصحابه والعدل الى حاله.

        من سيشتري بعد فتات الفتات الذي طرحه للفلسطينيين والعالم؟ أ "خطة ألون" التي أحياها بعد أن ماتت بعشرات السنين؟ ربما كانوا ذات مرة يشترون في العالم هذه السلعة العفنة ولم يعودوا كذلك. يوجد عالم جديد حولنا ونتنياهو يرفض الاعتراف بوجوده. ماذا سيقول الآن لهذا العالم، عالم الانتفاضات الشعبية، والنضال عن الحريات وحقوق الانسان؟ هل أنه يؤيد حرية الشعوب العربية لكن لا عندنا؟ ماذا سيقول لمتظاهري الجدار حتى ايلول ولرافعي أيديهم مؤيدين دولة فلسطينية من العالم كله في ايلول؟ أن الحديث عن ارض الآباء، آبائنا فقط؟ وأن مجلس النواب الامريكي هتف له؟.

        سيضطر الاسرائيليون ايضا في نهاية موسم الخطب هذا الى ان يسألوا أنفسهم: ماذا بعد؟ أنظل نسير عميانا صُما وراء بريجنيفنا هذا؟ وماذا نفعل في مواجهة العاصفة الثائرة حولنا؟ وماذا نفعل مع اوباما الذي ربما يهب ليعمل لا ليتحدث فقط في نهاية الامر؟.

        كان بنيامين نتنياهو يستطيع أن يكون رجل اعمال ناجحا. وكان يستطيع ان يطير بطائرات خاصة كما يشتهي من غير ان يسأل أحد عن مصدرها؛ وأن يصحب أثرياء العالم ويستمتع بملذات الحياة ويُزجي الوقت مع زوجته كما يحلو له من غير ان يسأله أحد عن شيء. كان خطأ حياته المصيري أنه توجه الى السياسة. لماذا عانى كل هذا، جميع النفقات والانتخابات التمهيدية والحيل والألاعيب الدعائية وأشباه داني دانون وحوطوبلي اذا كان هذا هو ما ينوي أن يُخلفه وراءه؟ لماذا كان يجب عليه أن ينافس مرة ثم اخرى اذا لم يُخلف وراءه سوى الفراغ والكارثة كهذين. لماذا استحق ذلك، وفضلا عن ذلك لماذا نستحقه نحن؟.