خبر يضرب المسيرة -هآرتس

الساعة 08:19 ص|24 مايو 2011

يضرب المسيرة -هآرتس

بقلم: موشيه آرنس

(المضمون: عرقل اوباما على مسيرة السلام الفلسطينية الاسرائيلية بأن طلب الى اسرائيل مطالب لا يمكن ان تقبلها مثل الانسحاب الى "خطوط 1967" مثلا - المصدر).

        عندما يحين وقت كتابة تاريخ مسيرة السلام الاسرائيلية الفلسطينية، سيتم تذكر كما يبدو رئيس الولايات المتحدة براك اوباما باعتباره "المُفسد الأكبر". فاوباما لا يضيع أي فرصة لدفع المسيرة الى طريق مسدود وقد فعل ذلك مرة اخرى باعلانه ان اسرائيل ستضطر الى العودة الى "خطوط 1967" في كل اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

        يبدو ان اوباما غير عالم بحقيقة ان الوضع السيّال في العالم العربي وعدم الثقة بتطورات المستقبل في جارات اسرائيل تجعل هذه اللحظة لا تكون اللحظة الأنسب لاسرائيل للمخاطرة. والى ذلك فان تجاهل الائتلاف الذي نشأ مؤخرا بين محمود عباس والارهابيين في غزة ينفي في واقع الامر مشاركة شريك فلسطيني ولو وهما في التفاوض مع اسرائيل.

        برغم ذلك يطلب اوباما الى اسرائيل ان توافق على خطوط الهدنة التي وُقع عليها في 1949 بين اسرائيل والاردن. هذه الخطوط كما يعلم يقينا تمر على مبعدة عشرة كيلومترات عن منطقة تل ابيب الكبرى وتقطع قلب القدس عاصمة اسرائيل.

        بدأ هذا الوضع عندما دعا اوباما قبل سنتين في القاهرة الى تجميد المستوطنات وراء خط هدنة 1949 وأوضح انه يقصد بذلك ايضا وقف البناء في شرقي القدس وشماليها وجنوبيها – في كل أجزاء القدس التي ضُمت الى الاردن بعد حرب الاستقلال.

        وكما كان يمكن ان نتوقع، لم يكن الوفد الفلسطيني للتفاوض قادرا على ان يكون أقل فلسطينية من رئيس الولايات المتحدة. فقد أصبح تجميد البناء عندهم شرطا مسبقا لتجديد المحادثات مع اسرائيل، وهكذا كانت نهاية التفاوض المباشر الاسرائيلي الفلسطيني.

        كان يبدو لمدة ما ان ادارة اوباما أدركت أنها اخطأت ودفعت الفلسطينيين الى موقف متطرف. رجعت الادارة عن ذلك وانسحبت الى تجميد مؤقت لكنها في واقع الامر أوقفت مسيرة السلام لان الفلسطينيين قد تحصنوا في موقفهم السابق، وتخلت الادارة في نهاية الامر عن الشأن كله.

        الآن يدعو اوباما اسرائيل الى الانسحاب الى "خطوط 1967" ويدفع الفلسطينيين خطوة اخرى الى الوراء بعيدا عن مسيرة السلام. هذه الخطوة هذه المرة ضخمة وسيحتاج اصلاح الضرر الى زمن طويل. اذا جاء الفلسطينيون للتفاوض مرة اخرى فسيكون شرطهم المسبق لتجديد المحادثات موافقة اسرائيلية على الانسحاب الى "خطوط 1967"، كما يطلب الرئيس الامريكي. لا يستطيعون الآن الموافقة على أقل من ذلك وهذا مطلب لا تستطيع اسرائيل ان توافق عليه، أي هذا طريق مسدود آخر نشأ في واشنطن.

        في لعبة البيسبول، من يضرب الكرة يخرج بعد ثلاث إضاعات للفرصة. واوباما بصفته ضاربا لمسيرة السلام الاسرائيلية الفلسطينية فشل مرتين ولا تبدو فرصة ثالثة الآن في الأفق. لا شك في أن نواياه خيّرة لكن النتائج مُخيبة للآمال. وقد نجح بدل أن يُقدم مسيرة السلام في العرقلة عليها.

        كيف نجحت نوايا الرئيس الامريكي الخيّرة في الافضاء الى هذا الطريق المسدود؟ يمكن أن نلقي جزءا كبيرا من التبعة على النصيحة المخطوءة التي تلقاها من "خبراء" بالساحة السياسية الاسرائيلية. لا شك في أنهم قالوا له عندما دخل الغرفة البيضوية إن أكثر الاسرائيليين يعارضون المستوطنات التي بُنيت وراء "خطوط 1967" وإنه اذا أصر في شأن المستوطنات فسيحظى بتأييد أكثر الاسرائيليين وسيضطر رئيس حكومة اسرائيل نتيجة ذلك الى الموافقة على مطالبه وإلا سيفقد ائتلافه أكثريته في الكنيست. وتبين ان هذه كانت نصيحة سيئة.

        إن الصيحات الكثيرة التي سُمعت في اسرائيل تؤيد الانسحاب الى "خطوط 1967"، والمظاهرات والفنانين الذين قاطعوا اريئيل و"التسونامي" الذي يتوقعه وزير الدفاع في ايلول اذا لم تعرض اسرائيل مبادرات جريئة – كل ذلك أقنع اوباما أو مستشاريه بأن رئيس حكومة اسرائيل سيضطر الى الموافقة على دعوته الى الانسحاب الى "خطوط 1967" اذا لم يشأ أن تسقط حكومته، وكان خطأ مرة اخرى.

        إن "معسكر السلام" الاسرائيلي، ومستشاري اوباما في واشنطن الذين لم يؤمنوا فقط بأنهم يعلمون ما هو الخير لاسرائيل أكثر من الحكومة المنتخبة في اسرائيل بل انهم يقرأون الساحة السياسية في اسرائيل أفضل من نتنياهو، قادوا اوباما في الاتجاه غير الصحيح. وبالنهاية دفعوا بالسلام الذي يطلبونه بعيدا وراء الأفق.