خبر مجرد خدعة وايهام -هآرتس

الساعة 08:15 ص|24 مايو 2011

 

مجرد خدعة وايهام -هآرتس

بقلم: نحاميا شترسلر

(المضمون: خطب نتنياهو كلها مجرد خدعة وايهام لا ترمي إلا الى ازالة ضغط اوباما عنه فهو لا ينوي اجراء أي انسحاب أو تنازل أو مصالحة - المصدر).

        الأشد إضحاكا ان تقرأ محللي السياسة يحاولون الغوص الى عمق الدقائق في خطب بنيامين نتنياهو؛ هل قال "كتل الاستيطان" وقصد الى اخلاء كل ما عدا ذلك؟ أعندما تحدث عن "وجود عسكري" في الغور قصد الجيش الاسرائيلي أم قوة دولية؟.

        الكثير جدا من التساؤلات والتحليلات للاشيء. لان الحقيقة بسيطة مبتذلة وهي ان نتنياهو غير مستعد لأي اتفاق وأي تنازل وأي انسحاب. فهو يرى ان كل شيء ارض اسرائيل. من جهة تاريخية ولاسباب أمنية. وما بقي مجرد كلام. مجرد خطب ترمي الى أن تخفف شيئا ما من الضغط من قبل براك اوباما. مجرد خدعة وايهام.

        نتنياهو غير مستعد للعودة الى حدود 1967 ("مع تعديلات طفيفة") لانه يرى انها ليست قابلة للدفاع عنها. وهو غير مستعد للانسحاب من نهر الاردن ويريد ان يعلن الفلسطينيون سلفا التنازل عن حق العودة، والاعتراف باسرائيل باعتبارها دولة يهودية. لهذا لا حديث عن تجديد التفاوض فليس لذلك احتمال. ويعلم اوباما هذا ايضا.

        الجدل المتكلف في "حدود 1967" كان مثالا جيدا على ذلك. فقد قال الرئيس الامريكي في خطبته الاولى ان الاتفاق مع الفلسطينيين سيصحبه انشاء دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 مع تبادل اراض. وحرّف نتنياهو على عمد كلامه وثار غاضبا على فكرة العودة الى حدود 1967. آنئذ بيّن اوباما في الخطبة الثانية أن لا عودة الى تلك الحدود لانه سيحدث تبادل اراض يأخذ في الحسبان الواقع السكاني أي كتل الاستيطان.

        لكن نتنياهو يقصد شيئا مختلفا تماما. فهو لا يقصد اريئيل أو معاليه ادوميم لان هذا مفهوم ضمنا. انه يقصد أننا لن نعود الى "خصر الدولة الضيق" إزاء نتانيا، ولا يهم ان تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح.

        هذا بالضبط نفس نتنياهو الذي كان في 1996 في ولايته السابقة الذي اتجه بعد ان قعد في كرسيه فورا الى القضاء على اتفاق اوسلو ففتح نفق حائط المبكى، وأشعل القدس والمناطق وهو الشيء الذي أفضى الى حمام دم في الضفة ووسع المستوطنات وهدم كل احتمال لاتفاق.

        كان عدد من السُذج آمنوا ان خطبة "بار ايلان" التي تحدث فيها عن دولتين للشعبين هي تغير استراتيجي. بيد أن هدف الخطبة كان واحدا ألا وهو ازالة ضغط اوباما. لانه ما المشكلة في قول "دولتين"؟ المهم أي دولة نقصد.

        يقصد نتنياهو دُويلة صغيرة تكون مكونة من ثلاث مزق دون اتصال مناطقي منطقي، مع إصبعين طويلتين مغروزتين في عينيها هما اريئيل ومعاليه ادوميم. ستكون بعيدة عن حدود 1967 في الغرب، ومن غير غور الاردن في الشرق وبلا أي مستمسك في القدس. وهذا "عدم بداية" واضح.

        لكن نتنياهو غير قلق. فهو يؤمن بأن الزمن يعمل في مصلحتنا. وهو ينظر حوله وينتظر ان ينفجر شيء ما في الشرق الاوسط. قد تحدث ازمة كبيرة في مصر أو في سوريا وربما واقعة في ايران، وربما تنهار السعودية. هكذا سيضطر اوباما الى أن يدعنا وشأننا لانه سيصبح مشغولا بمشكلات أكثر سخونة. وهكذا سنكسب سنة اخرى وربما سنتين، واذا نشبت في خلال ذلك انتفاضة اخرى أو حرب فسنصمد لذلك كما صمدنا حتى الآن. فالأساس ألا ننسحب وألا نُعرض وجودنا للخطر.

        قال نتنياهو بعد حادث القتل الفظيع في ايتمار "هم يقتلون ونحن نبني"، وهكذا لخص تصوره العام كله. ذكّرني ذلك بحادثة قبل سنين كثيرة. جلسة حزب المعراخ في الكنيست في ذروة النشوة في سنة 1973 بمشاركة رئيسة الحكومة غولدا مئير. كان عضو الكنيست عدي أموراي آنذاك نائبا شابا. خرج للحظة من الجلسة وعندما عاد أوقفه المنظم عند المدخل وقال: اللواء غازيت يهاتف ويريد الحديث الى غولدا. أخذ أموراي الهاتف وقال لغازيت: غولدا توشك أن تتحدث في الكتلة البرلمانية ولا يمكن التشويش عليها إلا اذا كان الامر مُلحا. سأل غازيت هل يمكن ان تُسلم رسالة هي ان "المستشارين السوفييت في القناة يغادرون". اتجه أموراي الى الصف الاول حيث جلست غولدا وهمس في أذنها الرسالة التي نقلها غازيت. استدارت غولدا وقالت له بنظرة غالبة: "هم يغادرون ونحن نبقى". أما ما بقي فمعلوم.