خبر الجريمة والعقاب- هآرتس

الساعة 08:15 ص|22 مايو 2011

الجريمة والعقاب- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: لم يبق أمام الادارة الامريكية سوى سبيل واحدة هي الضغط على حكومة اسرائيل التي قال رئيسها "لا" بوقاحة وصلف لمقترحات الرئيس الامريكي - المصدر).

هذه هي الجريمة وهذا عقابها: فاسرائيل قالت لا متعجرفة لامريكا وأمريكا لن تغفر ولن تنسى. يجب أداء شكر لبراك اوباما: ففي ليل السبت كشف عن الحقيقة عارية وهي ان بنيامين نتنياهو لا يريد سلاما. ويجب أداء شكر لرئيس الحكومة ايضا: ففي ليل السبت تحدث آخر الامر صِدقا – فكانت نهاية تضليلات بار ايلان، والوعود بـ "الثلاثين كلمة السحرية" التي سيتلفظ بها بعد غد في مجلس النواب و"التزامه الدولتين". لا يريد نتنياهو دولة فلسطينية. نقطة.

في العالم الجديد الذي يتنبأ به براك اوباما لم يعد مكان لاحتلال عسكري لا نهائي، ولا لمشاهد "الرصاص المصبوب" ولا لاطلاق نار على متظاهرين ولا لحواجز. لا تسوية من غير دولة فلسطينية، ولا دولة فلسطينية من غير حدود 1967. إن الـ "لا" الواضحة لنتنياهو التي هي "لا" اسرائيل الواضحة ستدوي منذ الآن من أقصى الكون الى أقصاه.

        واذا لم يكن هذا كافيا فقد تم في ليل السبت الكشف عن أكذوبة متفق عليها اخرى: فاسرائيل ليست صديقة حقيقية للولايات المتحدة. فالصديقة لا تسلك هذا السلوك. ولا سيما من تعتمد جدا على مائدة صديقتها. هذا المساء عندما سيتحدث الجميع في مؤتمر "ايباك" ممتدحين الصداقة الكبيرة والقيم المشتركة يحسن ان نتذكر ان الحديث عن صداقة من جانب واحد على نحو مخيف هي صداقة امريكا لاسرائيل.

        هذه الـ "لا" الوقحة ستفضي الآن الى خطوات شديدة من قبل القوة العظمى، وهذا أمر يقتضيه الواقع. أما في شأن الدعاوى والعناوين فنرجو أن تتوجهوا الى نتنياهو. يواجه الولايات المتحدة ثلاثة امكانات: الاول، ان تنصرف عن هذا الشأن مرة اخرى، والحديث عما لا يقل عن كارثة. الحديث من جهة الولايات المتحدة عن هدم جهدها الاستراتيجي كله للتوصل الى قلوب الشعوب العربية؛ أما اسرائيل التي يعمل الزمن في سرعة مذهلة في غير مصلحتها، حيث تتحول 1967 الى 1947 وكرمئيل الى اريئيل، فيجب أن تأمل ألا تكون هذه هي السبيل.

        سيكون امكان اوباما الثاني ان يتحدث الى الاسرائيليين من فوق رأس زعيمهم. وهذا لن ينجح. فحتى لو فعل فعل السادات فأتى الى الكنيست وتحدث إلينا مباشرة، وقال لنا كيف يُعرض رئيس حكومتنا مستقبلنا للخطر وكيف يضعضع العلاقات بحليفتنا الوحيدة – فلن يستيقظ الاسرائيليون آنذاك ايضا من سباتهم الشتوي (والصيفي) الذي أصابهم بين سيارة الجيب الصغيرة والعطلة القصيرة. لا توجد في اسرائيل 2011 أكثرية لليمين ولا أكثرية لليسار، فالأكثرية المطلقة هي لعدم الاكتراث المخيف.

        بقيت الطريق الثالثة وهي أصعب على اسرائيل في ظاهر الامر من تلكما الاثنتين ألا وهي طريق الضغط. إن رفع يد امريكية في الامم المتحدة تؤيد انشاء دولة فلسطينية يجب ان يكون الخطوة الاولى. بعدها ستأتي العزلة – وليس من اللذيذ البقاء مع ميكرونيزيا – ومضاءلة المساعدة وتركنا للتنهدات. يجب أن يثير هذا رعبا في القدس وفي تل ابيب ايضا، ويجب ان يشعل أملا أيضا. هذه الآن هي الطريق الوحيدة لكسب صداقة حقيقية لاسرائيل. قال نتنياهو (في واقع الامر) إن هذه هي الطريق. ولم يدع خيارا.

        إن اوباما، الذي سيبقى معنا لمزيد السعادة ست سنوات اخرى، عاد الى تصميمه، بالكلمات على الأقل وامتحانه الآن بالافعال. إن صاحب شعور وطني اسرائيليا حقيقيا يرى الى أين تتجه بلاده، ويدرك أن التغيير لن يأتي من الداخل، مضطر، في خزي ما، الى ان يأمل ضغطا من الخارج. اجل، يا سيدي الرئيس، اذا كنت صديقا حقا فقد حان وقت الضغط.

        إن دعوة الرئيس الامريكي الى الضغط على حكومة اسرائيل هي خطوة اشكالية لا مثيل لها عندما تصدر عن اسرائيلي. ونتنياهو أفضى الى هذا. إن رئيس حكومة يتحدث عن مفاهيم الأمس العفن عن "الخصر الضيق" وعن الحاجة السخيفة الى اقامة جنود على نهر الاردن، والذي لا يقول سوى "لا"، والذي يزرع مخاوف باطلة ولا يزرع أملا واحدا، والذي يقول "لا" لامريكا و"لا" للأمل – يضر بالأمن أكثر من جميع مقترحي الحدود الضيقة واليساريين الخونة. لقد دعا نتنياهو هذا امريكا الآن الى عقاب اسرائيل. يبدو ان هذه ستكون الخطوة الوحيدة التي ستوقظ الاسرائيليين من الكابوس الذي يتحقق إزاء أعينهم.

        اذا أصبحت الطريق فقط الى "ميسيس" صعبة علينا فسنفهم في نهاية الامر أنه يجب علينا التخلي عن أفرات: فالاسرائيليون أكثر زيارة لـ "ميسيس" من أفرات.